جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - عدنان برية
حظرت إدارة صحيفة الرأي الموقرة، في "تعميم" (مرفق صورة عنه في التعليق الأول)، على العاملين، من صحفيين وموظفين، الإساءة والتشهير بالمؤسسة على صفحات "السوشيال ميديا"، مهدّدة بـ "الفصل من العمل" و"الملاحقة القانونية".
نتفق مع إدارة المؤسسة فيما يتعلق بـ "الإساءة" و"التشهير"، ونشد على يدها وفق فهمنا لهما، وهي فرصة لدعوة الزملاء إلى توفيق ما يصدر عنهم، من قول أو فعل، مع مقتضيات القوانين والأنظمة السارية.
لكن، نقف بحزم في مواجهة ما تضمنه "التعميم" من "تهديد" للصحفيين والعاملين، ونرفضه جملة وتفصيلاً، ونطالب إدارة المؤسسة بـ "التراجع والاعتذار عنه"، هذا أول القول.
أما متن القول، تعميم إدارة صحيفة الرأي الموقّرة، أو "التهديد" كما تصح تسميته، جاء بعد يوم واحد من الموافقة على قرار بيع مبنى الصحيفة والأرض المجاورة لها لمؤسسة الضمان الاجتماعي، ضمن صفقة أثارت - ولا زالت - جدلاً واسعاً لجهة "قيمتها" و"دلالتها" و"أبعادها".
جديد "الصفقة"، البالغة قيمتها 7.3 مليون دينار، دفع عدداً من الصحافيين والعاملين للتعبير عن آرائهم ومخاوفهم، وهو أمر مُحِق تماماً في ظل ضبابية المشهد، والمخاوف حول مستقبلهم المهني والوظيفي ومستقبل المؤسسة الصحفية الأعرق في البلاد.
يشكك البعض في مشروعية هذه المخاوف، ويراها مبالغة في غير مكانها، بيد أن الفارق بين الحقائق المالية وما يصدر عن قيادات المؤسسة، الإدارية والصحفية، يؤكد وجاهتها ومشروعيتها.
تُشيع قيادات المؤسسة، بين العاملين، وعداً بتسديد أجورهم المتأخرة في ذمتها، البالغة 7 رواتب (تناهز قيمتها 2.5 مليون دينار)، في محاولة لتسكين مخاوفهم، وكسب تأييدهم لـ "صفقة البيع"، وهي إن فعلت سنكون لها مادحين شاكرين؛ لكن هل تنوي ذلك فعلاً؟، الحقائق المالية تشي بغير ذلك.
أصول الرأي، التي ستباع، مرهونة لصالح البنك العربي، بما قيمته (تقريباً) 2.5 مليون دينار، هذا يعني أن نقل الملكية يحتاج لتسديد المبلغ أو تسوية ما لفك الرهن، كما يترتب على المؤسسة نحو 600 ألف دينار لصالح شركة التأمين الصحي، الذي أوقفت خدماته عن العاملين منذ نهاية الشهر الماضي، وهي واجبة الدفع.
يضاف إلى ذلك، يترتب على الرأي مديونية لصالح بنك عودة تقارب المليون دينار، فضلاً عن مديونية المؤسسة المترتبة لصالح مؤسسة الضمان الاجتماعي، وأخيراً بعض "الديون المستعجلة".
يأتي ذلك بينما أعدت قيادات المؤسسة، الإدارية والصحفية، مشروعاً لـ "هيكلة العاملين"، يتضمن إنهاء خدمات عدد كبير من الموظفين، وهذا يتطلب أيضاً تمويلاً ضخماً.
إذاً، المخاوف مُحقة تماماً، وهي من شقين:
الأول: مخاوف وجودية تتعلق باستمرار المؤسسة، فعوائد "بيع الأصول"، لدى المدارس الاقتصادية بمختلف مشاربها، يجب أن تخصص لتطوير النشاط الاقتصادي، وليس لتسديد الديون وتمويل إدامة النشاط على المنوال ذاته، الذي أدى إلى تراكم الديون والخسائر، إلا إذا كانت غاية البيع تقليص النشاط والاستعداد لما هو أكثر سوءاً.
الثاني: مخاوف عمالية تتعلق بمستقبل العاملين الوظيفي واستقرارهم المعيشي، وهي في مكانها تماماً، خاصة في ظل تسريح غير المثبتين منهم، وما يتسرب عن قيادات المؤسسة من معلومات بشأن قوائم ثلاث لـ "هيكلة الصحفيين والعاملين"، وإنهاء خدماتهم.
لا شك أن صحيفة الرأي، شأنها شأن كل مؤسساتنا الإعلامية، التقليدية والحديثة، تعاني من مشكلات مركبة، هيكلياً ومالياً ومهنياً وسوقياً، لكنها لم تخضع لنقاش يشخص أسبابها الحقيقية، وبسذاجة نسارع إلى الحكم ونحمّل "الإعلام الإلكتروني" أخطاءنا وما اقترفناه.
نتواطأ ونصمت على كيفية وآلية وشروط إشغال المواقع القيادية في صحيفة الرأي، وأيضاً غيرها من المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية، ولا نسأل إن كان أحد ممن تسنّم هذه المواقع لديه تجربة نجاح، أو لديه رؤية، أو يحمل فكراً جديداً ينبني عليه وصفة للعلاج تستحق الذكر.
وفي ظلال التعميم الجديد، أو "التهديد" كما أراه، نسأل قيادات الرأي، الإدارية والصحفية، الحالية وسابقاتها، ما إذا كان أحدهم قد تقدّم بمشروع مكتمل، ويقبل القياس والتقييم، لإنقاذ الصحيفة بعيداً عن "هيكلة العاملين" و"الإقتراض" و"بيع الأصول"، أجزم بـ "لا أحد".
لذا، قرار بيع مبنى الرأي، أو "الصفقة" كما يحلو لفاقدي الهمّة تسميته، ما هو إلا تعميق للإخفاق وتمويل له من مستقبل العاملين وأمنهم الوظيفي والمعيشي، ونراه يتهدد وجود المؤسسة، التي أسسها الشهيد وصفي التل (رحمه الله) لتكون شاهداً ولسان حق.
في واقع كهذا، للعاملين في الرأي، ولنا أيضاً، إطلاق الأسئلة والتعبير عن المخاوف دون حد أو سقف؛ أما "التعميم"، أو "التهديد"، فما هو إلا محاولة لإخراس أصوات الحق، وما هم عليها بقادرين.
ختاماً، قد تهدد إدارة الصحيفة الموقرة العاملين في أرزاقهم، وتخنق أصواتهم، لكنها ستكون عاجزة عن مجابهة ظهيرهم من أبناء المهنة وحاضنتهم الشعبية، أما لمواجهة التهديد باللجوء إلى "قانون الجرائم الإلكترونية"، فاقترح تأسيس "صندوق صحفي - شعبي" لتمويل قيمة التعويض المالي التي يرتبها القضاء على كلمة حق قيلت.