جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - ماهر أبو طير
كل حكومة تأتي إلى الأردن تطلب مائة يوم مهلة حتى ترتب أوراقها، وكل مرة يثبت أن أغلب الحكومات، لا تصل الى نتيجة، وان كل قصة المائة يوم، مجرد موضة غربية لا تصلح هنا.
الحكومة الحالية تورطت في ذات الفخ، برغم ان هناك آراء مبكرة قيلت لها ان عليها ألا تنزلق نحو فخ المائة يوم، والسبب في ذلك يعود الى كثرة الازمات والمشاكل، واستحالة انجاز أي شيء خلال هذه الفترة، خصوصا، ان تشكيل الحكومة في الثاني عشر من تشرين الأول، يجعل بينها وبين نهاية السنة، على مستوى الموازنة، والمالية، وعلى مستوى ملف الانتخابات، وملف كورونا، ووضع القطاع التجاري والصناعي، فاصلا حساسا، يعادل مائة يوم للمفارقة، لكن التقاء التواقيت مع بعضها بعضا، وتجمع الازمات يجعل فترة المائة يوم، فترة ملغمة بالمخاطر، والأزمات القائمة، وتلك المحتملة، وتلك التي قد تكون مفاجئة.
علينا أن نتحدث هنا بصراحة، فالحكومة لا تمتلك ترف مهلة المائة يوم، فهي مجرد حالة استرخاء مؤقتة، ولا هي معفاة أيضا، من واجباتها، وهي جاءت في ظرف معقد جدا، يوجب عليها اتخاذ إجراءات بسرعة ، خصوصا، على صعيد حماية القطاعات التجارية والصناعية، وسط المعلومات التي تتحدث عن خسائر في اغلب القطاعات، وتوجهات للإغلاق في كثير منها، مع اقتراب نهاية العام، وهذا يعني ان الحكومة هنا، لا تمتلك أساسا ترف مهلة المائة يوم، حتى ننتظرها الى منتصف الشهر الأول من العام الجديد، فما هو القادر على الانتظار أساسا؟.
لكن وبكل توازن لابد من الإقرار ان الحكومة هنا مظلومة أيضا، بتحميلها فوق حملها، وافتراض انها ستنجز ما عجز عنه السابقون خلال فترة قصيرة، فنحن امام رئيس الحكومة الثالث عشر، والحكومة التاسعة عشرة، وقد ورث كل هؤلاء مشاكل مزمنة، وسط تقييمات مختلطة جيدة وسلبية لأسماء الفريق الوزاري، والتوقعات بحدوث خلخلة سريعة تؤدي الى تعديل في اقرب فرصة، إضافة الى ان طبيعة الازمات وتضاعف كلفتها، يجعلها حكومة بلا معجزات، وغير قادرة على ذلك، في ظل الدين والعجز، والأرقام التي تتحدث عن ارتفاع متواصل في هذا الاتجاه، ونحن هنا لا نمنحها صكا بالمغفرة، مسبقا، لكننا نتحدث عن البيئة الضاغطة التي تجد نفسها فيها، وستحاول العمل عبرها، مثلما حاول بعض من سبقها.
ربما لا تحتمل الحكومة النقد المبكر، اذ يقال ان بنيتها الداخلية، نزقة، لكننا سوف نفترض حسن النوايا، ونعتبر ان التنبيه لكثير من القضايا، امر ينفع، ولا يضر في كل الأحوال.
لقد كانت قلة في الأردن تفترض ان تقوم الحكومة السابقة بعملية تسليم للملفات الى الحكومة الجديدة، وتسليم الملفات هنا، يعني الخبرات والمشاكل والأزمات، بحيث لا تضيع أيضا ثلاثة اشهر في النقش على الماء، عبر اطلاق تعهدات لن يكون ممكنا تنفيذها، وبما ان اغلب حكوماتنا تتأسس بهذه الطريقة، فليس من الغريب ان تصير مهلة المائة يوم، مهلة للتعرف إلى الملفات، والأزمات، وإعادة القراءة لكل شيء، فيما الوقت يمضي، على حسابنا كلنا.
رئيس الحكومة ليس غريبا عن ملفات الحكومة الماضية، فقد كان جزءا من صناعة القرار، وهذا يفرض أيضا عدم الركون الى مهلة المائة يوم، والخروج بقرارات تثبت ان لدينا مؤسسة، وان العمل يأتي تراكميا، وليس على أساس التعلم كل مرة، وتجربة وصفة جديدة.
أنا أدعو الحكومة مع ادراكي لمظلوميتها أمام ضغوطات الناس، ان تتخلص من أسلوب شراء الوقت، وان تخرج من فخ المائة يوم، وان تخرج أيضا من شعورها بالمظلومية وان الكل يتطلب، ويريد منها قرارات مختلفة، وان تبدأ ببلورة هويتها الفعلية عبر الإجراءات، وإلا فليقال لنا، أن لا جديد في الأفق، وان الازمات متصاعدة، وباتت مركبة أيضا، وان كل ما يمكننا فعله، وقف انهمار المزيد من الازمات، إذا استطاعوا ذلك أساسا.