النسخة الكاملة

من أين تأتي ألقاب “الزعران”؟

الخميس-2020-10-20 03:43 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز-  "سمعتي بـ (دحوس)؟”، سأل شخص من أصحاب الأسبقيات مندوبة "الغد” ردا على سؤال حول مصدر ألقاب ذوي الأسبقيات وفارضي الأتاوات، خاتماً سؤاله بجواب: "أمي إللي سمتني باللقب”.

وحفاظاً على سرية اسمه ولقبه بناء على رغبته في حديث صحفي ، اكتفى ذلك الشخص وهو يستعرض أسماء الألقاب لمن يعرفهم من فارضي الأتاوات بوصف نفسه أكثر من مرة بـ: "أنا المجنون فيهم”، فهو الأكثر جنوناً بحسب رأيه من "شيخ الجبل، وعلم دار، وحتى لولو”، ذاهباً إلى أن تلك الألقاب تأتي أغلبها من وحي المسلسلات والأفلام وتحديداً أفلام "الآكشن”.

ورغم نفيه أنه يحمل ذات الهيئة "الستايل” التي تتشابه به أغلب هيئات أصحاب الأتاوات كما بدى واضحاً في الصور التي تم وما يزال تداولها على مواقع الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي مع أخبار إلقاء القبض على ذوي الأسبقيات وفارضي الأتاوات التي تحدث مؤخراً من قبل الأجهزة الأمنية،ـ إلا أنه اتفق على فكرة أن هناك تشابه في هيئاتهم خصوصاً الغرة القصيرة، وارتداء "الصندل” مع الجوارب، إضافة إلى القمصان والبناطيل الضيقة، ناهيك عن رسومات الوشم الموجودة في مساحات واسعة من أجسادهم.

وعند سؤاله ماذا حفر رسومات وشم على جسمه؟ أجاب: "اسم بنتي، ورسمة للصقر”، معتبراً في ختام حديثه أن الوشم لا يقتصر فقط على فارضي الأتاوات فبحسب قوله: "هي بنات عمان الغربية بروحوا عالصالونات وبدقوا وشم”.

"الأنوس، علم دار، وح وح، دح دح، البرغي، سردنية، الضبع، وشيخ الجبل” وغيرها من ألقاب لأصحاب أسبقيات وفارضي أتاوات أصبحت على لسان أغلب الأردنيين/ات خلال الأيام الماضية، تعرفوا فيها وبفضل الحملات الأمنية الواسعة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية لاجتثاث آفة الأتاوات وترويع المجتمع، على ألقاب لأشخاص يعيشون في مجتمعهم، لا شك أن الضحكات صاحبت التعرف على هذه الألقاب كثيراً، لكن أيضاُ صاحبها تساؤلات حول الأسباب التي تجعل من شخص يلقب بأبو عريضة مثلا؟ أو بوح وح كلقب أصبح أكثر تداولاً.

وحاولت "الغد” من خلال التواصل مع فارضي أتاوات ومع من يعيشون معهم في الأحياء الوصول لتلك الإجابات، التي اتفقت أغلبها أن معظم الألقاب تأتي "تيمناً” بأسماء شخصيات ذات قوة وسلطة و”هيبة” في بعض المسلسلات والأفلام الغربية والعربية، إضافة إلى عامل مهم وهو المواقف.

ويفسر خليل "اسم مستعار” وهو شاب يعيش في حي فيه ذوو أسبقيات وفارضو أتاوت، عامل المواقف في زج الألقاب، فمثلاً كما جاء في حديثه: هناك لقب "أبو دبشة” جاء بعد أن قام شخص ب”التعليم” على وجه شاب بالدبشة "الحجر”، وهناك لقب أبو قنوة لكن اختلف سبب زج هذا اللقب لشاب ذلك ليس لأنه هو من قام بالاعتداء بواسطة "القنوة” بل هو ضحية الاعتداء عليه بها من قبل فارض أتاوات في الحي.

فيما نوه مراد "اسم مستعار” وهو صاحب أسبقيات سابقاً وتاب بحسب تأكيده أكثر من مرة، إلى ألقاب تسند إلى فارضي أتاوات ومن يمارسون الترويع في أحيائهم لكن من الأعمار الصغيرة التي لا تتجاوز ال 18، وبحسب قوله فإن أغلب هذه الألقاب تحمل أسماء الحيوانات ك: "الفار، العرسة، الوزوز”، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن هؤلاء الأشخاص من صغار السن حاملي هذه الألقاب في أغلب الوقت هم أبناء لفارضي أتاوات، ففرض الأتاوة "يورث” بحسب قوله.

وختم: "محمد رمضان خرب بيتنا” في إشارة إلى الممثل المصري محمد رمضان المعروف بأفلامه ومسلسلاته التي يطغى فيها عامل العنف، معتبراً أن شخصيات الممثل رمضان في أعماله الفنية أثرت بشكل كبير على صغار السن وأصبحوا ينظرون إليها كحلم للوصول إلى مثل تلك الشخصيات.

وبحسب سكان أحياء يمارس فيها ذلك النوع من الجرائم تحدثت معهم "الغد”، فإن تلك الألقاب والتسميات مرتبطة بالثقافة الشعبية للمناطق التي خرج منها أصحاب الأسبقيات والمجرمون، معتبرين أن الألقاب وحتى المضحكة منها تعبر عن واقع الحياة المعاشة والتي تلخص "الموروث الشعبي” للأسماء والألقاب التي تلازم الشخص منذ صغره وحتى مماته.

وخلال الحديث مع أخصائية علم الاجتماع الدكتورة فاديا الإبراهيمي للوقوف حول الأسباب ما قبل إسناد تلك الألقاب لأصحابها، بينت أن ميل ذلك النوع من الأشخاص الذين يشتهرون بكثرة افتعالهم للمشاكل في أحيائهم، يحرصون على انتقاء ألقاب تميزهم وتكون بمثابة مفتاح لشخصيتهم، ناهيك عن أنهم يعتبرون أن تلك الألقاب تحمل أحلامهم وتعبر عن رغباتهم، فهناك دائماً رابط بين أسماء معظم تلك الشخصيات وبين بيئتها وسلوكها وطباعها، وحتى مكامنها النفسية، بحيث تكون هذه الألقاب ذات قيمة إيحائية تتفاعل مع صاحبها بقوة.

وتذهب الدكتور الإبراهيمي إلى أن هناك أسباب أخرى في انتقاء تلك الألقاب، وهو رغبة أولئك الأشخاص في صنع "براند” أو ما يسمى بالعلامة التجارية لهم، إضافة إلى سبب نفسي يرتبط بالبحث عن نموذج البطل، فهؤلاء الأشخاص غير أسوياء نفسياً بحسب قولها، وقد يكونوا قد عاشوا طفولة صعبة أو تعرضوا للتعنيف في صغرهم أو عاشوا مواقف شعروا فيها بالنقص والضعف وعندما كبروا أرادوا أن يسمحوا من ذاكرتهم وذاكرة الآخرين نقصهم وضعفهم، فبحثوا عن المفهوم الخاطئ للبطولة.


الغد