جفرا نيوز -
جفرا نيوز - المحامي علاء مصلح الكايد
وفقاً للعرف الدارج ، تتزاحم على منصات التواصل أسماء الرؤساء المحتملين إنطلاقاً من محركات شتّى أوّلها المناطقية ثم المعارف الشخصية وأخيراً سمعة الشخصية المقترحة أو المرتقبة .
ولا شكّ بأن تلك ظاهرة طبيعية فالشعب الذي لا يُعنى بسلطات دولته مغيَّب ، بينما المهتمّ فهو القادر على تقييم المسيرة الحكومية المدرك لإنعكاس القوة والضعف في جسمها على مجالات الحياة جميعها .
ما يعنينا أكثر اليوم هو البرنامج ، أي الخطة التي سيرتب الرئيس المقبل فريقه الوزاري تبعاً لها ، والتي عليها أن تستمد خطوطها الرئيسة من كتاب التكليف الملكيّ السّامي ، وهذه دعوة لمطابقة ما ورد في كتب التكليف وما تحقق على الأرض من قبل الحكومات في ضوء برامج عملها .
ولا ريب أن البرنامج المرتقب هو الأصعب ، نظراً لتعقد الوضع الدولي عموماً والمحلّي بطبيعة الحال والتبعية ، ونظراً لأن الأردن لا يبحث عادة عن النجاة فحسب بل هو صانع الفرص ومن يحسن إستغلالها ، وشواهد ذلك كثيرة نذكر منها مؤخراً إعلان جلالة الملك أن المملكة جاهزة لتكون مركزاً عالميّاً لمجابهة الجائحة المستجدة، وهذا ما يفرض على الحكومة المقبلة الكثير ويفترض إستثنائيتها هي كذلك من حيث التركيبة المتجانسة المتكاتفة المنفتحة على القطاعات جميعها .
وإن ذلك يتطلب بالضرورة خروج الطرفين - الحكومة والشعب - من العلبة التقليدية في التقييم ، أي التخلي عن الأسس المعتادة في تشكيل الحكومات وأولها التوازنات الجغرافية ، وهي فرصة لتطعيم الطاقم الحكومي بالطاقات الشابة القادرة على تقديم ما هو جديد ومزجها مع الخبرات ذات الباع الطويل في الخدمة العامة .
إذ ستتلو حالة الترقب ثم التهليل والتمجيد لشخص الرئيس المكلف حالة أُخرى من السخط بعد إعلان التشكيلة ، بينما ندعو هنا للإهتمام بالبرنامج لا الأشخاص ، البرنامج الذي لا بد وأن يتصف بالمرونة والواقعية والجرأة والحزم ، والحكومة التي عليها أن توسع من صدرها لتتعاطى مع الأقطاب جميعها وتشتبك مع القوى بإيجابيّة ، وأن تسعى لإقناع الجمهور بجدوى ما تصبو لتحقيقه .
يستطيع المطالع لتجارب ناجحة حول العالم أذكر منها على سبيل المثال " لي كوان يو " مؤسس سنغافوره الحديثة و " المهاتير محمد " في ماليزيا أن يوقن بحاجات إدارة الدولة الثلاث ، التخطيط السليم والتنفيذ الحازم والتقييم الموضوعي .
وتلك دعوة للرئيس المنتظر أن يستفيد من تلك النماذج مستظلاً بالرؤية الهاشمية المتميزة ببعد نظرها وعنايتها بالتفاصيل الدقيقة وخلق التوازنات ضمن حسابات منتجة وجامعة ، فدولة المؤسسات راسخة والشعب متعطش للتغيير والأدوات متوفرة إذا أُحسِن إستعمالها وإستغلالها ، ومظلّة ذلك كلّه مؤسسة العرش وإرادتها بتحقيق الإصلاح .
إن الثقة العامة هي أعلى محفزات الأداء الرسمي ، فالحكومة تكتسبها طالما إعتنت بشرح خطاها وطالعها الجمهور ولمس إنتاجيتها ، وعكس ذلك التشكيك والتشويش ، إذ لكل فعل ردّ فعل ، وهنا بيت القصيد .
والله من وراء القصد