"النائب غائب": إخفاقات كبيرة في ملفات خطيرة.. والسبب عدم اكتمال نصاب مجلس النواب!
الخميس-2011-12-25

جفرا نيوز - جفرا نيوز - جهاد المنسي
ما كان يجوز، تحت أي سبب، أن يفشل مجلس النواب في استكمال جلسته يوم الأربعاء الماضي، التي خصصت لمناقشة "الخصخصة"، وتحديدا خصخصة شركات الفوسفات، البوتاس، الاسمنت، وقطاع الاتصالات، ثم تواصل الفشل في جلسة يوم الخميس التالية، التي خصصت للأمر عينه.
وها هم "النواب" سيعيدون الكرة يوم غد الاثنين، و"ربنا يستر" من تواصل الفشل في هذه الجلسة أيضا التي خصصت للمناقشة العامة، مع إضافة بند "ما يستجد من أعمال"، والأسئلة والأجوبة.
من غير المقبول أن يفشل "النواب" في عقد جلسة، واستكمال أخرى، خصصت للرقابة، ومناقشة قضية طالما تحدث عنها النواب صبح مساء، وطالما اتعبوا المواطن الأردني وهم يكررون الحديث عن الموضوع عينه.
إن فشل استكمال جلسة مناقشة عامة هي الأولى في عمر الدورة العادية، لا يتحمله المكتب الدائم للمجلس، أو الرئيس ونائباه، وإنما يتحمله المجلس مجتمعا، بعد أن غاب أكثر من 70 نائبا عن حضور جلسة الخميس الماضي، وهو الغياب الذي يتحمل وزره النائب الغائب، إذ لا يوجد في النظام الداخلي ما يعطي الرئيس أو المكتب الدائم حق اتخاذ إجراء بحث بحق النائب الذي يتكرر غيابه، ويعطل عمل المجلس.
وهذا ما يجعلنا نضم الصوت إلى صوت النائب المخضرم بسام حدادين، الذي يقترح دوما اجتراح لجنة للنظام والسلوك يكون من بين مهامها مراقبة حضور النواب للجلسات، وكذا متابعة السلوك والمعارك الذي يفتعلها النواب بدون سبب، فضلا عن الألفاظ النابية التي تطلق أحيانا تحت القبة، وفي هذا تطور ايجابي، يمنح المؤسسة التشريعة قوة الرقابة حتى على أعضائها.
لا يضير المجلس لو ابتكر لجنة تقوم بمحاسبة النائب الغائب والمتقاعس عن ممارسة دوره التشريعي والرقابي، من خلال التنبيه والخصم من الراتب، ولا يضيره أن يعلن في كل جلسة أسماء النواب الغائبين عن الحضور، سواء حصل نصاب أم لم يحصل، ففي هذا محاسبة ورقابة، إذ لا يجوز لمجلس النواب أن يحاسب الحكومة على عدم حضورها ويستثني نفسه من ذلك.
ليس من مصلحة النواب ما حصل الأربعاء والخميس الماضيين، ففي هذا إشارة سلبية للمجلس بوجه عام، وتأشير إلى عدم جدية فتح ملفات صمت آذاننا ونحن نسمع خطابات من النواب حولها.
ونعاود التكرار بأن عدم اكتمال النصاب لا يحمل وزره مكتب المجلس الدائم أو الأمانة العامة أو الرئيس، بل يتحمله كل النواب بدون استثناء، وهذا ما يدفعنا لطلب تفعيل المادة 150 من النظام الداخلي لمجلس النواب، التي تنص على أن يضع أمين عام مجلس النواب جدولا بأسماء النواب المتغيبين بدون عذر، وأن يدرج ذلك في محضر الجلسة التالية.
مثل هذا الأمر لم يحصل منذ عشرات السنين، لكننا نأمل من رئيس مجلس النواب الحالي عبد الكريم الدغمي، وهو الحريص على تفعيل النظام، وشارك في صياغة مواده، أن يُفعّل هذه المادة النظامية، بشكل كامل، ويدرج ذلك في جدول أعمال الجلسة المقبلة، وفي كل جلسة لاحقة.
خلال الفترة الماضية بات واضحا غياب عدد كبير من النواب عن حضور الجلسات، الأمر الذي كان يدفع رئيس المجلس، وفي أكثر من مناسبة، للطلب من النواب عدم المغادرة حفاظا على نصاب الجلسة، وفي هذا إشارة واضحة إلى غياب ما يقرب من 40 % من عدد أعضاء المجلس على نحو دائم.
إن الغياب عن الرقابة والتشريع، لا يستقيم مع عمل النائب الذي انتخب لهذين الأمرين دون غيرهما، ويجعل النقاش التشريعي في أضعف درجاته، إذ ان ذلك يجعل إقرار بعض المواد العامة يتم بعدد قليل من النواب الحضور، بخاصة أن الموافقة على أي مادة يجري النقاش بشأنها تجري بأغلبية نصف الحضور، بمعنى أن المادة يمكن إقرارها بأغلبية 32 نائبا فقط من أصل 120 نائبا هم عدد أعضاء مجلس النواب.
ما يحصل يوميا تحت القبة، يؤشر بوضوح إلى أن سواد النواب يملكون رغبة لفتح ملفات عديدة يجري الحديث عنها من قبل الشارع بشكل عام، بيد أن بعضهم، وفي أحيان كثيرة، يضلون الطريق الصحيح للوصول إلى ما يريدون، من خلال الذهاب إلى قضايا فرعية وترك الموضوع الأهم.
لو ابتعد النواب عن عقلية مناكفة بعضهم بعضا، والاصطفافات غير المفهومة، وذهبوا إلى العمل التشريعي والرقابي، فإنهم سيكونون قادرين على الخروج بتوصيات وقرارات أكثر قربا من الشارع، ومن نبضه، وسيخرج من حالة إلى أخرى أكثر فعلا وتواصلا وحضورا.

