النسخة الكاملة

لبنان أزمات وأزمان

الخميس-2020-09-27 09:39 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز- مجيد عصفور 

مسكين الشعب اللبناني، حاله يشبه المحكوم الذي وضع على خازوق، فصاح متوسلاً السجان ان يضعه على الخازوق المجاور، وما ان أُجلس على الخازوق الجديد عاد للتوسل بنقله الى الخازوق الذي يليه وهكذا، الى ان سأله السجان لماذا كلما وضعناك على خازوق طلبت الجلوس على خازوق آخر وكلها متشابهة فأجاب اريد ان ارتاح قليلاً بين الخازوق والخازوق.

منذ ان بدأ وعينا السياسي بالتفتح والتشكل مطلع سبعينيات القرن الماضي ونحن نقرأ ونسمع ونشاهد هذا البلد وشعبه العزيز، ما ان يخرج من مصيبة حتى يدخل في اخرى اشد منها، ولو اردنا ان نستدعي الاحداث التي عصفت بلبنان لاحتجنا الى كتب ومجلدات، لكننا ان اردنا ان نبحث عن اسباب هذه المصائب فلن نحتاج إلا الى قليل من البحث حتى تأتينا الاشارات تحمل الادلة التي تدين بوضوح طبقة زعماء الطوائف الذين باعوا لبنان في كل مرحلة لمن يدفع اعلى سعر.

في اتفاق القاهرة الذي تم بموجبه منح منظمة فتح ارضاً في الجنوب اطلق عليها مسمى فتح لاند قبض كل نائب مليون دولار مقابل توقيعه، وعندما عاث السلاح الفلسطيني والهيمنة السورية في الارض اللبنانية ابشع انواع العبث والتنكيل والنهب، انخرط زعماء الاحزاب والطوائف اللبنانية في اللعبة القذرة مقابل شوالات الدولارات التي كانت تدفع لهم وقد نقل عن المرحوم ياسر عرفات قوله انه حكم لبنان بـ25 مليون دولار في الشهر كان يدفعها رشاوى لهؤلاء الزعماء لضمان تركه يتحرك بحرية تامة.

وعلى الجهة المقابلة يعرف الجميع كيف كان هذا البلد يحكم من عنجر حيث مقر غازي كنعان ورستم غزالة اللذين كانا ومعهما رهط من الضباط السوريين الحكام الحقيقيين للبنان فلم يعين اي موظف او وزير او رئيس او يرقي استاذ جامعي من رتبة الى اخرى إلا بامر المسؤول السوري في عنجر.

وبالطبع المسألة لا تقف عند التدخل بالتعيينات والترقيات بل تتعداها الى ما هو اهم من ذلك بكثير إلا وهو الفساد المالي الذي كان يمارس من قبل عبدالحليم خدام واولاده وبقية العصابة من الضباط وحتى الجنود الذين وصل بهم الأمر الى تأجير الطريق العسكري بالساعة لمهربي المخدرات والسلاح.

ان الارتهان للخارج الذي بدأ منذ ان فصلت فرنسا الام الرؤوم لبنان شكل رئاساته، ولون بدلات الرؤساء الثلاثة الذين يحكمون البلد ويتحكمون بشعبه استمر الى الان ما دام المال الاسود هو لغة التحاور مع هؤلاء، وليس بعيداً عنا مؤتمر الطائف الذي كان نجمه المرحوم رفيق الحريري الذي دفع للحضور كي يوافقوا على ما سُمي اتفاق الطائف فكسر عيونهم وصار رئيسا للوزراء فيما بعد الى ان دفع حياته ثمن الدخول في اللعب بين الكبار جداً.

كما نذكر اذ نذكر ما قاله نبيه بري عندما حملته والفرقاء المتخاصمين الطائرات القطرية للمصالحة في الدوحة «ان عشرة آلاف واربعمائة وخمسين كيلو متراً هي مساحة لبنان لم تتسع لزعماء لبنان بينما وسعتهم طائرة قطرية» ان ترجمة هذا الكلام تشير الى مغلفات وضعت في الجيوب وإعمار تم في الجنوب وكل شيء بثمنه، والخاسر الاكبر في كل ازمة وحل، هو الشعب الذي يدفع الاثمان حياته وفقره وبؤسه.

ان انفجار مرفأ لبنان الذي حدث قبل نحو شهر ما هو إلا حلقة ضمن سلسلة انفجارات تعرض لها لبنان في حقب مختلفة من تاريخه الحديث كان القول فيها للخارج لا للداخل.

ان بلداً يحتاج الى موافقات من فرنسا واميركا والسعودية وايران وسورية وغيرها من الدول المانحة والمانعة ليشكل حكومة فيظل استقراره فترات مؤقتة يتنفس خلالها الشعب قليلا تماما مثل فترة الراحة التي ينعم بها المحكوم بين الخازوق والخازوق.

حمى الله لبنان من سبب بلائه المزمن تجار السياسة والحرب.

الرأي

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير