جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب - محمد حسين الحوامده
فرضت الجائحة العالمية (كورونا) حالة غير معتادة في العالم أجمع ، فتعددت مواقف الدول المقرر فيها أجراء انتخابات نيابية منها من قام بتأجيل الانتخابات لأجل مسمى و منها لأجل غير مسمى و منها من قرر المضي قدماً فيها و أجراءها كالمملكة الاردنية الهاشمية .
خيمت أجواء من الارتباك و التردد على الاردنيين بعد أعلان الهيئة المستقلة للانتخابات في الأردن عن تاريخ أجراء الاقتراع النيابي يوم الأربعاء 10 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل مع انتهاء الدورة العادية للمجلس، وذلك بعد صدور الارادة الملكية عن إجراء الانتخابات النيابية لمجلس النواب التاسع عشر ، في ظل الجائحة العالمية التي تهدد سلامة الناخب و سلامة المرشح و سلامة العاملين في مراكز الانتخابات .
لطالما كانت حملات الدعاية الانتخابية عرس وطني و روح العملية الانتخابية التي تعتبر مظهر من مظاهر الديمقراطية التي تهدف لاظهار توجهات المرشح و أهدافة المستقبلية و نواياه من الترشح و ما سيقدمه من دور تشريعي و رقابي، و من ضمن حملات الدعاية الانتخابية الخطاب الانتخابي في المقر الانتخابي الذي يلقية المرشح اثناء الحملة الانتخابية لسكان المحافظة او الدائرة التي ترشح فيها ، و تشير الدراسات العلمية أن اللقاء الوجاهي بين المرشح والناخب يمكن أن يؤثر باتجاه تعديل توجهات الناخبين نحو المرشحين الذين قابلوهم وجاهيا وحاوروهم.
و في ظل جائحة كورونا و صدور أمر الدفاع رقم (11) لسنة 2020 الذي يمنع تجمع أكثر من عشرين شخص مع التزامهم بإجراءات التباعد الاجتماعي يجعل تحقيق الغاية المراده من أجراء الخطاب الانتخابي الذي يعد بؤرة الدعاية الانتخابية أمر صعب المنال ، مع ان التعليمات الجديدة لا تمنع اقامة المقرات الانتخابية ضمن الضوابط و الشروط بل تمنع المهرجانات ، إلا أن قرار إلغاء المهرجانات الانتخابية ومنع تجمع أكثر من 20 شخصا فيها، أمر غير اعتيادي، و هذا يدفع المرشح للجوء لطرق أخرى غير مباشرة كالحملات الدعائية و النشرات الاخبارية لمخاطبة ناخبية من فئات المجتمع ، فقوة البرنامج الانتخابي للمرشحين المقترن باستحداث وسائل جديدة ؛ لإيصال رسائلهم إلى قواعدهم الشعبية، سيكون الفيصل في الانتخابات المقبلة ، و هذا يتطلب من الهيئة المستقلة للانتخاب التعاون مع الحكومة لإتاحة المجال امام المرشحين لاستخدام الوسائل الحكومية بالمجان كالصحف الرسمية و الاذاعة و التلفزيون و كذلك استخدام القاعات العامة بعد تجهيزها مما يدعم المشهد الانتخابي و يراعي شروط الوقاية و الصحة العامة و أوامر الدفاع في ظل الجائحة العالمية.
و تضمنت التعليمات الجديدة في ظل الجائحة العالمية مضاعفة عدد مراكز الاقتراع إلى نحو 2000 مركز، إضافة إلى زيادة عدد صناديق الاقتراع في جميع محافظات المملكة لتصل إلى 4800 صندوق قابلة للزيادة حسب الوضع الوبائي في وقت إجراء الانتخابات، كما استبدلت الحبر السري بحبر (رش رذاذ) تجنباً لأية ملامسة للحبر من قبل المواطنين فضلًا عن توفير قلم لكل ناخب.
كما شملت التعليمات المعدلة للتعليمات التنفيذية الخاصة بقواعد حملات الدعاية الانتخابية 2020، توفير مواد التعقيم داخل المقر الانتخابي وعدم السماح لأي شخص بدخول المقر الانتخابي دون الالتزام بمتطلبات الصحة والسلامة العامة، وعدم الدعوة للاجتماع بما يزيد عدد الحضور على مساحة المقر المحددة والموافق عليها من الهيئة.
كما منعت التعليمات تقديم الأطعمة بمختلف أشكالها أو المشروبات بما في ذلك الماء داخل المقر الانتخابي إلاّ بأوان كرتونية أو بلاستيكية تتوائم ومتطلبات الصحة والسلامة العامة، والتباعد بين المقرات الانتخابية، بحيث لا تقل المسافة بين المقر الانتخابي والآخر عن مئتي متر، وبما يضمن عدم التزاحم أمام المقرات الانتخابية ، كما ان الاعتراض على جداول الناخبين كان في السابق من خلال الحضور بشكل شخصي، بينما الآن الاعتراض سيكون إلكترونياً، وسيكون رد الهيئة إلكترونياً أيضا، لمنع الاختلاط وتحقيق التباعد الاجتماعي .
و بعد أعلان وزير الدولة لشؤون الإعلام أمجد العظايلة " أن الحكومة ستقرر عزل أي محافظة أو منطقة تتزايد فيها الاصابات بفيروس كورونا المستجد مع تجنب الحظر الشامل لما له من آثار إقتصادية و إجتماعية و نفسية على المواطنين " ، و بعد الارتفاع الكبير في تسجيل الاصابات المحلية في الآونة الاخيرة الذي يودي بالمقابل للزيادة في عزل المناطق من قبل الحكومة ، يتضح لدينا هنا حرمان فئة كبيره من الناخبين من حقهم في الانتخاب المكفول لهم باعتبارهم أردنيين و لهم حقوقهم السياسية في ظل هذه الجائحة العالمية ، حيث نصت المادة (3/أ) من قانون الانتخاب لسنة 2016 على يلي : " لكل أردني بلغ ثماني عشرة سنة شمسية من عمره قبل تسعين يوماً من التاريخ المحدد لإجراء الاقتراع الحق في انتخاب أعضاء مجلس النواب وفق أحكام هذا القانون" ، وهذا يتطلب من الجهات المعنية وضع آلية عملية و آمنة لتمكين الجميع من المشاركة في العملية الانتخابية كعمل تطبيق لهذة الغاية او تخصص فرق مدربة للتعامل مع المناطق المعزولة لتمكين الناخبين فيها من المشاركة في العملية الانتخابية دون التأثير على الصالح العام ومع مراعاة قواعد الصحة و السلامة العامة .
و في النهاية لابد من الأشارة الى أن هذه الجائحة العالمية ساعدت على التقليل من ظاهرة المال الاسود التي يلجأ لها بعض المرشحين لشراء أصوات الناخبين ، فالمال الاسود جعل أصحاب الكفاءة و الخبرة في حالة عزوف عن الترشح لعدم القدرة على منافسة أصحاب المال مع قدرتهم على المنافسة في الفكر و العطاء و القدرة ، و أرى أن أفضل وسيلة لمكافحة أنتشار المال الاسود ليس ملاحقة القائمين عليه لان هذه الوسيلة قد تجعل منه ضحية فينال التعاطف الشعبي ، بل بتحديد سقف مالي للحملات الانتخابية و الزام المرشح بتقديم ميزانية و حظر أستخدام بيانات شركات الاتصالات او الترويج للمرشحين من خلالها و كذلك حظر التبرعات باسم الحملات الانتخابية بصورتيها الصريحة و الضمنية .