جفرا نيوز – فرح سمحان
ارتفاع المديونية والبطالة والفقر والمشكلات الاقتصادية اللامتناهية منذ عدة سنوات أضحت ملازمة للأردن وكأننا امتلاكنا كل ما يمكن أن يميزنا في عدة مجالات اذا ما قارنا انفسنا بغيرنا ، الا أن بقاء هذه المشكلات على مدار سنوات ولد حالة من الإحباط والخوف من الاستمرار في تفشي هذه الأعباء التي اثقلت كاهل المواطن نفسيا واقتصاديا
ومؤخرا لم نعد نشهد نموا اقتصاديا حتى لو أردنا أن نقيس ذلك على كل قطاع على حذه، فان التراجع في النمو مستمر بسبب اغلاق العديد من القطاعات الهامة التي كانت تدر دخلا بسبب كورونا مما شكل حالة من الانكماش الاقتصادي ، وما شكلته الجائحة من تبعات أسهمت في تدهور الاقتصاد مما زاد الهم هموما
لكن لنقف لحظة ونتساءل هل اصبحت كورونا هي السبب الوحيد وكما يقال " العقدة في المنشار" لكل ما نعانيه الآن من مشكلات اقتصادية ، هل تراكم المديونية والعجز التجاري وتراجع الايرادات على مدى سنوات سببه فقط كورونا ؟ هل قرارات الحكومات المتعاقبة ذهبت في مهب الريح ومن يكبح جماح تلك القرارات التي عانينا من تبعاتها ولا زلنا ؟ ، الحكومة وأصحاب القرار والسياسيون ضربوا في كل ما سبق عرض الحائط واتخذوا من كورونا شغلهم الشاغل في تبرير التقصير والعجز بوضع استراتيجيات اتضح لنا كم كانت في غير مسارها وكم ذهلنا بالكلام الورقي والاجتماعات والاستراتيجيات التي لم نرى منها سوى كلام عفى عنه الزمن
المديونية في عهد "الحكومات المتعاقبة " زيادة تجاوزت خط القانون
الدين العام أصبح الملاذ "المهلك" التي تلجأ له الحكومة حال فشل مخططاتها في ايجاد موازنة شاملة قادرة على أن تغطي كافة التكاليف دون الحاجة للاقتراض ، والمديونية بمعناها الاصطلاحي فهي اية اقتراضات داخلية أوخارجية على الدولة تشكل أي زيادة فيها عبأ على الدولة
لو نظرنا في مديونية الحكومة بدءا من دولة معروف البخيت الذي تسلم الحكومة من دولة سمير الرفاعي في بداية العام 2011 بمديونية وصلت الى 12 مليار أي بنسبة 61% ، وفي نهاية العام 2011 تسلم الحكومة دولة عون الخصاونة الذي ارتفعت المديونية في عهده الى 14 مليار بنسبة 65.4% ، أما في العام 2012 ارتفع الدين العام الى 18 مليار وبنسبة 75.5% وهذا في عهد حكومة فايز الطراونة ، أما في نهاية العام 2012 تسلم الحكومة دولة عبدالله النسور لغاية العام 2015 ليصل الدين العام في عهده الى 25 مليار بنسبة 90% ، أما في العام 2016 – 2017 تسلم الحكومة دولة هاني الملقي الذي وعد الأردنيين أنهم سيخرجون من عنق الزجاجة ليصل الدين العام في عهده الى 27 مليار وبنسبة 95.3 % ، ومسك الختام كان مع تسلم دولة عمر الرزاز رئاسة الحكومة في عام 2018 ( حكومة النهضة ) والذي ارتفع الدين في عهده 29 مليار، وفي عام 2019 وصلت نسبة الدين العام الى 30مليار وبنسبة 97% .
وفي السنة الحالية 2020 " عام الكورونا " وصلنا للقمة في اجمالي الدين العام الذي وصل الى 32 مليار بنسبة 101% ، وبذلك فأن مانحن عليه الآن لم يأتي من فراغ أو جائحة واحدة ، نحن عانينا من جائحات مشابهة لكورونا أغرقت بنا السفينة اقتصاديا بسبب قرارات الحكومات المتعاقبة التي فشلت بشكل كبير في انعاش النمو الاقتصادي والناتج الاجمالي المحلي وتنافست على ارتفاع الدين العام على مدار سنوات مغفلين أنا المواد المتعلقة بالدين العام في الدستور تحدد نسب معينة لايجب تجاوزها بحيث لايزيد الدين العام الخارجي للدولة عن 60% والدين العام بالمجمل عن 80%
وعلى صعيد متصل قال وزير المالية الأسبق محمد أبو حمور، في تصريحات صحفية إن "النمو الاقتصادي مستمر في التراجع ومعدلات البطالة في ازدياد ولدينا مشكلة في قطاعات مهمة كانت تدر إيرادات عالية، السياحة والصادرات والنقل بالإضافة إلى الحوالات”.
وأضاف أن الطلب الكلي يتراجع وبالتالي فإن الإيرادات سوف تقل عما هو مقدر، وفي ظل هذه المعطيات وامتداد الانكماش الاقتصادي فإنه من المتوقع أن تكون الإيرادات أقل عن العام 2020.
في المقابل، يرى أبو حمور أن إجمالي النفقات للعام المقبل سوف تزداد نتيجة ارتفاع النفقات الجارية، وبالتالي سيزداد العجز الأمر الذي سيدفع الحكومة لمزيد من الدين لتتجاوز نسبته في الناتج المحلي 110%.
وتوقع أن تلجأ الحكومة في ظل تلك المعطيات أيضا إلى تأجيل الإنفاق الرأسمالي المكون الرئيسي للنمو وهذا سيؤدي إلى انكماش متعمق بشكل أكبر
وعلى مشارف انتهاء عام 2020 ومع كل العقبات الاقتصادية التي اثقلت الدولة والمواطن بالديون المتراكمة والملفات التي لم تغلق بعد ولا زالت تؤرق اذهان المواطنين والهم الأكبر الذي ما زال ماثلا في العالم أجمع "جائحة كورونا " ، هل ستستطيع الدولة أن تخرج من عنق الزجاجة كما قال دولة هاني الملقي وهل ستحقق النهضة كما وعد دولة الرزاز ؟ وهل ستتمكن من ايجاد موازنة بلا مديونيات أم سنشهد نفس السيناريو الذي أصبح ملازما لاقتصاد الدولة وقراراتها في كل عام وهو ارتفاع الدين والفقر والبطالة ، فكروا وقرروا جيدا كفانا دينا وهما يا حكومة ؟