جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كريم الزغيّر
في مُذكّراته المُكتنزة "قصّة حياتي"؛ يقول الملك الحُسين ابن طلال –خلّد التاريخ ذكره-:"أمّا بالنسبة ليّ، فميلاد اِبن ليّ، وهو اليوم وليٌّ للعهد، أسميناه عبدالله تخليدًا لذكرى جدّي؛ جلب الكثير من الهناء والمسرّة للأميرة (مُنى) ولأسرتنا الأردنيّة الكبيرة، وأملي بالله، الذي أدعوه أن يجعل لنا من عبدالله الابن العربيّ الحقّ، الذي يحيا لاسمه وينشأ مع ما يتفق وتقاليد أسرتنا الهاشميّة في خدمة أُمّتنا". كان الملك الحسين والذي لم يأفل نجمه حتّى هذه البرهة يتوسّم بالملك عبدالله –الأمير حينها- فعلًا تاريخيًّا يتناسبُ مع كوامن شخصيته وكينونته، وهذا التوسُّمُ يمكن أن يُلاحظ في مذكّرات الملك الحُسين وحديثه المُسهب عن اِبنه عبدالله.
لا يتحدّث الملك إلّا عندما تأزف الضّرورة للحديث وهذه الضّرورة يمحّصها بتأنٍ وتؤدّة، وربّما يتساءل المتسائلون:"هل هذه صفات الملوك؟". لا يمكن أن نُجيب على هذه التساؤلات إلّا بُعيد أَنْ نؤب إلى الصيرورة التاريخيّة للملك عبدالله الثّاني، فالملكُ عبدالله بوجهه الصبوحِ ، والّذي لا تنطفئ ابتسامته حتّى في الوقائع الحالكة؛ لم يتصيّر ملكًا كالملوك في الأزمنة القروسطيّةَ، لم يجلسْ على العرش فقط، ولم يرتد هندام الملوك، فتارةً يزور صوامع القمح ولا ينتظر طمأنة التقارير، وتارةً أخرى يزور المطار ولا ينتظر طمأنة الأجهزة، وهو في معمعة الّلغط؛ من يصدح بضرورة اجتراح الزّمن الأردنيّ، وهو الّذي يكظم الغيظ حينما يتعرّض لمقامه المتعرّضونَ؛ لأنّ البديهيات العسكريّة الّتي يتشبّث بها الملك هي التريّث والانضباط.
لم يتجاهل الملك فرصةً أو أحدوثّةً للتأكيد أَن موقفه تجاه القضيّة الفلسطينيّة وصفقة القرن هو ذاته، وهو الموقف الّذي ابتدعه الملك بشعار "كلًا"، وهي "الكلّا" التي قالهاا الملك في زمن "نعم"، وهو الزّمن الّذي يجابهه الأردن بضراوة، والأزمة الوبائيّة دليلٌ جازمٌ على أَنّ الدولة الأردنيّة لا تحدودب أمام الرياح العاتية، وبالإياب إلى الموقف الملكيّ؛ فإنّ الملك لم يقل "كلّا" مستتبعةً بالصّمت، بل قال "كلّا"، وانهمك في جعلها موقفًا سياسيًّا فيزيائيًّا لا يستطيع أحدٌ أن ينكره.