النسخة الكاملة

ومازالت الارض تتكلم

الخميس-2020-08-28 05:41 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز ـ كتب - د طلال بني صخر
بعد ٥٣ عام أهالي نابلس يزفون شهيد أردني الى مقبرة الشهداء في قرية بيتا. ربما هو القدر ،والقدر وحده من جعل الأرض تنشق على يد الصهاينة ، ليشقوا طريقا جديدا من ضمن سلسلة طرق قطعت مفاصل فلسطين ، وأحكمت الخناق على الأراضي العربية هناك ،ليتفاجأوا برفاة تفوح منها رائحة الكرامة ، وتتكلم بلا صوت ، لتذكر هذا العدو المتغطرس بما حصل قبل ثلاث وخمسين عاماً ، حيث نزف هذا الدم الزكي على ثرى هذه الأرض حاملا روحه على كفه في سبيل تحرير الأرض والإنسان.
 أكاد أجزم ان هذا الأردني اليعربي "المجهول الاسم" لم يكن في بالهِ حينها أن يختبئ خلف شجرة ، أو أن يلجأ إلى أحد الكهوف المنتشرة في الجبال ، ولم يخطر في خلدهِ أن يهرب إلى بلده وأهله وأبنائه إن كان لديه ابناء ،ولم يكن يهمهُ مناكفات السياسيين وتجار الأوطان وأصحاب أجندات الإنبطاح والتواطؤ على الأمة حينها ، بل كان يرى مالم يراه أصحاب الطاولات المستديرة الذين أثروا على حساب القضية ، كان يرى جرح فلسطين النازف ويسمع صوت الثكالى وصراخ الأطفال بعد ان شردتهم آلة الإحتلال الاسرائيلي.
هذا الجندي أبى أن يعود قبل أن تعود فلسطين عربية ، أبى أن يسجل عليه التاريخ أنه أدبر وترك إخوانه يموتون خلفه ، كان يسمع في قلبه صوت الحداء من أمه وهو يودعها  "تخسى ياكوبان منت ولف لي ولفي شاري الموت لابس عسكري"  في إشارة أن لا تعود إلا وأنت منتصر أو فلتمت دون الأرض والعرض والدين وكرامة الوطن.
 هذا الشهيد ليس مجهول الهوية بل هو جندي أردني أقدم على المحتل بصدره كغيره من مئات الشهداء الأردنيين التي تزينت بهم ذرات التراب الفلسطيني ، لتنبت شجر الكرامة ونخيل الشرف ولتبقى البنادق مشرعةً بانتظار ضغطة زناد ، وشهداء آخرين لن يبخل بهم الاردن الصامد بقيادته وجيشه وأهله الذين ساندوا الجيش كمتطوعين في مختلف الحروب التي خاضها الجيش العربي الأردني ، فنم قرير العين يا شهيد الأمه مع إخوانك الشهداء في جنة عرضها السموات والأرض ، وستبقى هذه الأرض أرض الحشد والرباط ولادةً بالأبطال والشهداء ، وتستمر مسيرة الشرف والعطاء من الملك الحسين (الباني) رحمه الله إلى الملك عبدالله(المعزز) حفظه الله إلى أن يرث الله الأرض وماعليها ، معكم وبكم ماضون ولسان حالنا يقول لحادي الركب وقائد المسيرة   «أبشر بعزك يوم دك الطوابير »
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير