النسخة الكاملة

اترك بصمة ولا تكن مجرد رقم !

الخميس-2020-08-19
جفرا نيوز - جفرا نيوز - م.سليمان عبيدات
في حياة كل شخص منا، شخصيات ملهمة ومؤثرة تأثيرا إيجابيا يدفع به للأمام ويفتح امامه ابواب النجاح ولا يقتصر التأثير على التعلم، بل قد يؤثر موقف، أو صفة أو سلوك اكتسبه من افعاله وسلوكه.

هناك اشخاص سلبيون يجب ان لا نسمح لهم بالتاثير علينا. بل يجب ان نستفيد من سلبياتهم لتطوير انفسنا ونصبح أكثر ادراكا ونضجا.

لقد أثرت في حياتي ثلاثة شخصيات عميق الأثر، فلهم بصمات في بناء شخصيتي، ولهم الأثر الاكبر فيما وصلت اليه من فضل الله .

الشخصية الأولى التي أثرت في حياتي منذ الصغر، والدي رحمه الله، فقد قال لي يوما وأنا في الخامسة من عمري، يا ولدي، أنت ابني الوحيد ولو استطيع ان افرش الارض وردا وذهبا، وأجعلك اسعد انسان لما تأخرت، لا تحرم نفسك من شيئ على الاطلاق، اجتهد وثابر واعمل وافعل ما تُريد، ساعد بقدر استطاعتك كل من يقصدك
ولكن "احرص ان تعمل عملاً، لو شاهدك الناس تستحي به" .

فكان ما كان، لا استطيع ان انزع هذا المشهد ووالدي يُردد كلماته التي حفرت في قلبي وعقلي كالنقش في الحجر خارطة الطريق لحياتي ومنهجي وسلوكي.

والشخصية الثانية الدكتور هدى صابوني رحمه الله وكان بالسبعين من العمر، درسني مادتين في كلية الهندسة بجامعة حلب، الاولى مادة الفيزياء في السنة الأولى وكان الامتحان فيها حسب نظام الكتاب المفتوح، "احضر ما تشاء من الكتب".
أما المادة الثانية فكانت في السنة الرابعة، مادة تخصص "معالجة الاشارة"، حيث كان محتوى كل محاضرة من اخر اصدار لمجلة علمية بهذا المجال، وهذا يتكرر حتى نهاية العام الدراسي، اما الامتحان فكان بنظام الكتاب المفتوح ايضا، وكان على الطالب ان يضع لحل كل سؤال برنامجا يستخدمه في الحاسوب، حسب لغة البرمجة التي يرغب فيها الطالب.
هكذا كانت نوعية التدريس في عام 1983 !!!.

فهل مع هكذا اساتذة جامعات ومع هذه النوعية من التفكير، ستجد ما يُسمى تخصصات راكدة لا تتطور لتخدم سوق العمل او تنفع طلابها؟ .

اما الشخصية الثالثة فكان المهندس مصطفى سالم رحمه الله خريج الجامعات الالمانية وصاحب مؤسسة مدار الالكترون في حي الجميلية بحلب الشهباء. تعرفت علية في السنة الثالثة، خلال ذهابي لشراء بعض القطع الالكترونية التي استخدمها في تجارب مختبر الالكترونيات لتصنيع اجهزة بسيطة، وبعد ان تعرفت عليه احبني وأحببته، وطلب مني العمل بمعيته. تعلمت من المهارات الفنية والعلمية وخبراته العملية ما لم اتعلمه طيلة سنوات عملي ما بعد التخرج، والتي انعكست على شخصيتي كمهندس واثق من نفسه.

انا أكن له الكثير من الفضل، فقد عملت معه اقل من عامين بقليل، تعلمت على يدية الكثير لأصل السنة الرابعة ولدي المقدرة على بناء 40 جهازا كمشروع تخرج لطلاب السنة الخامسة، لم اسمع منه يوما ان قال هذا صعب او مستحيل، بل كان يقول نحاول اونجرب وسنحصل على النتيجة التي نُريد، وهذا ما كان .

ومنذ ذلك اليوم، لا أؤمن بالصعب ولا بالمستحيل.