النسخة الكاملة

المجلس القادم...استنساخ أم اعادة تدوير!!

الخميس-2020-08-10 01:45 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - بقلم: د. ابراهيم العابد العبادي
يقول المولى عز وجل في محكم تنزيله، بعد اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هَٰذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ ۚ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. الآية (29 سورة الجاثية)، وتفسير ذلك بالمختصر، أي : إنا كنا نأمر الحفظة أن تكتب أعمالكم عليكم .. نعم! الملائكة يستنسخون أعمال بني آدم.
قبل الضلوع في موضوع المقال، أود استعراض تفسير للمصطلحات المستخدمة...، ففي علم البيولوجيا، الاستنساخ أو الاصطناء، (Cloning, Reproduction )، هو إنتاج مجموعة من الكائنات الحية لها نسخة طبق الأصل من المادة الوراثية والتي تحدث في الطبيعة عندما تقوم كائنات حية بالتكاثر بدون تزاوج. أما في مجال التكنولوجيا الحيوية (البيوتكنولجي) فهي العملية المستخدمة لنسخ أجزاء من الحمض النووي الريبوزي DNA، خلايا، أو كائنات حية. بشكل عام الاستنساخ يعني إنشاء نسخ طبق الأصل من منتوج ما كالوسائط الرقمية أو البرامج....واستذكر هنا على سبيل المثال القضية الجدلية "للنعجة دوللي" والخلاف العالمي حولها، فرغم اعتباره أحد أهم الإنجازات العلمية الضخمة خلال عقد التسعينيات. الا أنه أثار أيضا جدلا ما زال ماثلاً حتى اليوم حول أخلاقيات الاستنساخ، خصوصا مع تطوير الأساليب وبدء تطبيقها على البشر. بالمقابل يُمكن تعريف إعادة التدوير(Reprocess, Recycling) بأنّه عبارة عن جمع المواد المُستخدَمة، ثمّ تحويلها إلى مواد خام، وإعادة إنتاجها لتصبح مواد قابلة للاستهلاك مجدداً، وبمعنىً آخر هو عملية يتمّ من خلالها الاستفادة من المواد غير الصالحة وإدخالها في عمليات الإنتاج والتصنيع الجديدة.
في هذا المقال، لا أتحدث عن المصطلحين بما يحملان من معنى علمي او بحثي او انتاجي ...بل كان الدافع الرئيس نتائج التقرير المُعد من قبل باحثي مركز الحياة" راصد"، وبثت جزء من نتائجه قناة المملكة، حيث تشير الارقام الى أن 97 نائبا حالياً من اعضاء مجلس النواب الثامن عشر البالغ قوامه (130) نائباً قد ابدو عزمهم للترشح للمجلس التاسع عشر القادم والمزمع اجراء انتخاباته في تشرين ثاني 2020 القادم بمشيئة الله، وذلك يشكل ثلاثة ارباع اعضاء المجلس الحالي ...كما أن هناك (12) نائبا لم يحسموا الرأي والنية بعد، بالإضافة الى نائبين ما زال قرارهما قيد الدراسة، فيما صرح (19) نائبا بعدم النية او الرغبة بالترشح ويشكل ذلك ما يقارب (15%) ...وللعلم فجميع هذه الارقام قابلة للتغيير والتبديل بين ليلة وضحاها،...وهو أمر ليس مستغرب.. وبمعنى أخر هناك 85% من اعضاء المجلس الحالي سيكونون مرشحين للمجلس القادم.. الغريب في الأمر النسب المتعلقة بتقييم أداء المجلس من قبل اعضاءه...وحسب المثل الشعبي ( من يقول على زيته عكر)، حيث 9% فقط اشاروا الى ضعف أداء المجلس...مقابل (48%) بأن الأداء كان جيد...و(12%) وصفوا الأداء بالممتاز...وبقية النسبة (30%) وصفوا اداء المجلس بالمتوسط....وكان الاولى براصد أن تستطلع اراء الناخبين والمتابعين من نخب سياسة ومفكرين وكتاب وباحثين حول أداء المجلس وعمل مقارنة احصائية ... مرة أخرى اُعيد التأكيد أن المقال يبحث في المعنى الاخلاقي والثقافي المتمثل في استنساخ واعادة تدوير الفكر الانساني، والانطلاق نحو سياسات وافكار ابداعية تسهم في بناء الوطن وخدمة المواطنين...نعم طبيعة بشرية أن يسعى الانسان نحو الاستمرار والاستدامة وتطوير الذات والتكيّف مع المحيط بما يحقق منجزات تتراكم لتساهم في تطويره مع الزمن وانعكاسه على بيئته، وفق منظور جيوسياسي واسع الاطار والتنوع ...ولكن ليس على حساب موارد الأخرين رغماً عن أنوفهم... أو بانتزاع الاعتراف والوجود مقابل مال سياسي او مال اسود... وكذلك ليس من خلال هرطقات سياسية ليس لها مبدأ او عقيدة او منظومة برامجية، بل لا تتجاوز مجرد وعود هلامية وكلمات معسولة تدغدغ مشاعر الأخرين وتسترضي فئات مسحوقة ومحتاجة في ظل ظروف اقتصادية هشة وعوز اجتماعي.
كان الاولى أن يسعى المرشحون او الراغبون بالترشح طول السنوات الاربع الماضية الى نيل ثقة الناخبين باعتبارها الضامن الأكبر...لكن كيف ذلك يحدث في ظل ضعف وهشاشة وغياب المؤسسة الحزبية القائمة على البرامج والرؤى والاهداف الوطنية والثوابت العقائدية...كيف يحدث والاحزاب غالبيتها ان لم يكن مجملها مجرد دكاكين مملوكة لأفراد يتصرفون بها حيث يشاؤوا ويستعطون الدعم المالي من السلطة التنفيذية...ولم يحاول القائمون عليها إصلاحها لتكون مسار حقيقي للإصلاح الوطني وفق احكام الدستور بدلاً من الدوران في حلقة مفرغة.. كيف لي أن اذهب الى صندوق الاقتراع لاختيار ممثل في مجلس النواب أمضى اربع سنوات عجاف لم يحاول سن تشريع او مشروع تشريع يحقق العدالة الاجتماعية، او يوقف توقيع وابرام اتفاقية مجحفة، او بحث اقرار ميزانية جوفاء، او حتى بيع منشأة وطنية...او مسائلة عن مشروع متعثر او متأخر او تجاوز قيمته بشكل غير منطقي....سأتجاوز عن كل ذلك، كيف لي ان اقترع لنائب خالف القانون واستثمر لنفسه وتنفع وتبرطع وتاجر وباع واشترى على حسابي...لكني اعلم تماما أيضاً أن هناك رموز وطنية وهم قلة او ندرة، سعت للخدمة وتمثيل المواطن...لكنها لا تملك حولاً ولا قوة...امام جبروت اصحاب المال السياسي...ختاماً قد تكون انتخابات هذا العام من غير مناسف او وجبات جاهزة...او كنافة نوعاً ما بسب كورونا...لكن هل نستطيع أن نمنع الهدايا والاعطيات النقدية والعينية او مغلفات تحوي اوراق زيتية اللون او خضراء...اتمنى أن يكون الناخب مدركاً أن الوطن يحتاج الى وقفة والى همة عالية وعمل دؤوب رغم الظروف الاقتصادية الصعبة...فنهضة الاوطان تتطلب سمو بالذات...فمدخلات مجلس النواب هي مخرجات قرارات وقوانين وطنية تنعكس على الواقع المعيشي والحياتي للمواطن والوطن، فلا تسمحوا بالاستنساخ او اعادة التدوير غير النافع...حمى الله الاردن بلد الرباط والمرابطين.