العام الدراسي الجديد في زمن الكورونا
الخميس-2020-08-09
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - عمار البوايزة
تتظافر جهود وزارة التربية والتعليم ، وتتزايد استعداداتها وتنشط يوماً بعد يوم في تهيئة الجو المناسب لعملية التعليم للعام الدراسي المنتظر ، في سعي دؤوبٍ منها لضمان حق التعليم لأبنائنا الطلبة ، والذي كفله الدستور الأردني بكل إجراءاته ووسائله وحيثياته ؛ وذلك بعد توقفٍ طويل لمنظومة الغرفة الصفية والمعلم والكتاب الذي اعتاده الطالب منذ زمن بعيد بسبب جائحة "كورونا" التي ألقت بظلالها السلبية على العالم برمته والوطن ، في وقتٍ سعت فيه كوادر الدولة الأردنية باتخاذ كافة الأساليب الناجعة لتقليل حدة الاثر السلبي لهذه الجائحة وعلى كافة الصعد
والتي كان على قمتها توفير سبل الأمن والسلامة لكافة شرائح المجتمع الأردني ، والتي جاء على رأس أولياتها المواطن الأردني عامةً والطالب على وجه الخصوص ؛ وفي الأثناء التي تفاقمت فيها الأزمة واستشرت بصورة جارفة في دولٍ كثيرة من العالم ، وأزهقت فيها أعداد طائلة من الأرواح ، كان للأردن الصدارة في تقييد أسباب انتشار الجائحة والحفاظ على سلامة وصحة أبنائه ، تلك التدابير الوقائية التي ضمنت لطلبتنا الحق في التعلم والتعليم من خلال منظومة التعليم عن بعد ، ليكن بديلاً احترازياً مؤقتاً يوفر هذا الحق لكل مستفيد على صعيد التعليم المدرسي والتعليم العالي.
في الوقت الذي ينتظر فيه المجتمع الأردني برمته عاماً دراسياً خالياً من القلق والتوجس على صحة أبنائنا الطلبة ، ضامناً لهم نوافذ الوقاية الحقيقية ؛ تُسخّر الوزارة جميع إداراتها وفرقها العاملة بالشراكة مع وزارة الصحة والجهات المختصة لوضع كافة الخطط الاستراتيجية والإجراءات الإدارية والوقائية التي تؤهلها البدء والاستمرار بعامٍ دراسي جديد دون مشاكل أو عقبات ، آخذةً بعين الاعتبار الخطط البديلة التي يمكن اللجوء إليها وتنفيذها في حالة عودة عاصفة "الكورونا" – لا قدّر الله – الى المشهد من جديد بشكلٍ سافر.
لعلّ المراقب عن بعد من جميع شرائح المجتمع وخاصة المعلمون وأولياء الأمور يرددون في ذاتهم ما قاله المتنبي : "عَلى قَلَقٍ كَأَنَّ الريحَ تَحتي" ؛ فلا يعلم أحدهم بنوعية تلك الاجراءات التي يمكن أن تجعلها مناسبة وممكنة التنفيذ لعودة ما عرف بـ "منظومة التعليم التقليدي" مع بدء العام الدراسي ؛ فبين مخاوفهم من إمكانية توفير الحماية التامة لأبنائهم من هذا الوباء في ظل إجراءات الدولة بمنع التجمعات والاختلاط ، وبين عدم ثقتهم بإمكانية توفير نظام التباعد داخل الغرف الصفية وفي ساحات المدارس نظــراً لما يسببه ذلك من انخفاض في مستوى الطاقة الاستيعابية للصفوف والمدارس ، وسط التحدي الكبير الذي تواجهه الوزارة من نقص واضح في عدد المدارس ؛ كل هذا يجعلهم في حالة إرباكٍ دائم ، ويحمّل الوزارة عبئاً ليس بقليل في سياق ديمومة العام الدراسي ، ومواجهة هذه الأزمة التي تعتبر من أصعب ما أفرزته جائحة "كورونا".
من جانبٍ آخر لا بدّ من العلم بأنّ الوزارة وإن لجـأت الى تطبيق نظام الفترتين الصباحية والمسائية للتغلب على هذه المشكلة بالتزامن مع تطبيق إجراءات الوقاية والسلامة العامة ، فإنّ هنالك ثمة معضلات تقف حيال ذلك ، تتمثل في موقف المجتمع من الفكرة وخاصةً في مدارس الإناث ، وموقف المعلمات ممن يعملن في قطاع التربية والتعليم بالعمل بذلك ، وما ينشـأ عنه من تقاطعات وتداخلات زمنية ربما لا تتناسب وحجم الواجبات والمسؤوليات الملقاة على عاتقهن ؛ بالإضافة إلى هذا كله فإن نظام العمل بالفترتين كحل يلقي أعباءً وتكاليف مالية جمّة على عاتق الوزارة في الظرف الذي لا يسمح به الوضع الاقتصادي المحلي بذلك.
إنّ انقطاع الطالب وابتعاده عن البيئة التعليمية الناظمة "المدرسة" لعملية التعليم لفترة أطول يخلق شرخاً نفسياً ويبني جداراً سلبياً بينه وبين المدرسة ، ويمهد لفجوة كبيرة في عملية التعليم تحرص الوزارة كل الحرص بأن لا يؤول بها الحال إليها ، لذا فإن المختصون وأصحاب القرار في هذا المجال يعملون كخلية النحل لكي لا تسير الأمور الى حد العجز ، والعودة الى المربع الأول في تفعيل "التعليم عن بعد" من جديد ، الذي شكل بديلاً مناسباً وحلاً استثنائياً في الفترة السابقة بالرغم ما أُثير حوله من جدل ونقاش ، الأمر الذي لا يجعله هو الحل الأنسب والأكثر جدوى.
تبقى استعدادات الوزارة وطروحاتها وبرامجها لبدء العام الجديد رهن مصفوفة "كورونا" ، التي تتسع أُفقها وتضيق بطريقة غير قابلة للضبط والإحكام ، وإنما رهينة التوقّع والاحتمال.