مشروع الدولة الواحدة: إذا أفلست فلن تنفعك الدفاتر القديمة
الخميس-2020-07-25

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - مشروع الدولة الواحدة الذي بدأت تنادي به بعض الأصوات،كبديل لمشروع الدولتين،الذي حرصت إسرائيل وعلى مدى ما يقارب من ثلاثة عقود على نقضه طوبة طوبة وحجراً حجراً،هو مشروع أرشيفي بدأ مع اول قدوم للعصابات الصهيونية،وعلى لسان الحزب الشيوعي الإسرائيلي راكاح بما فيه أعضاؤه العرب،الذين ألبسوا المشروع الصهيوني ثوب الأممية والبروليتارية
وفي مقابل ما أطلقوا عليه الرجعية العربية والإقطاع العربي،ثم تبناه ياسر عرفات،تحت عنوان الدولة العلمانية في ميثاق تأسيس حركة فتح،ولكن العصابات الصهيونية مضت في مجازرها وأسست دولتها على جماجم وجثث الفلسطينيين،وأطلق ياسر عرفات من جانبه الكفاح المسلح كطريق لتحرير فلسطين،ومن ثم قبول اليهود كرعايا في دولة علمانية تحكمها الاغلبية المحررة أي العرب الفلسطينيون!
وإذن فإن المشروع في سياقاته التاريخية لم يكن أكثر من غلاف سياسي لفّت به الحركات السياسية على كلا الجانبين بضاعتها،باهداف دعائية تسويقية بحتة لا علاقة لها بتاتاً بالواقع ولا بالمعطيات الموضوعية.
وقبل أن يبرز مشروع حل الدولتين إلى الوجود،قامت حملة ترويجية في طول البلاد وعرضها تحت عنوان الأرض مقابل السلام،وبالفعل وطّأت الأرض لمعاهدات السلام مع إسرائيل،ثم ابتُلعت الأرض بموجب هذه المعاهدات وأخذت إسرائيل الأرض بدل أن تعطيها،ولم تقدم بالمقابل لا سلاماً ولا يحزنون.
فما المقصود إذن من محاولة إحياء هذا الميت الذي طال دفنه ورمّت عظامه،ولماذا القفز فوق حقائق التاريخ،والتجاوز عن معطيات الواقع،وهل هذه هي السياسة،حركات بهلوانية لن تؤدي في النهاية إلا إلى السقوط،النتيجة الحتمية للتعلق بحبال واهية!
المشروع الإسرائيلي ماض في سبيله بلا أي رادع،ضم للأرض وتفريغ للسكان،وهو غير معني على حساب من سيكون ذلك،وبالطبع وبحكم الجغرافيا السياسية فلن يكون إلا على حساب شركاء السلام،الجيرة القريبة التي لم ترع فيها إسرائيل لا عهداً ولاذمة،أي على حساب كل من الأردن والسلطة الفلسطينية.وقد قطع الطريق بلا اي رجعة على مثل هكذا مشروع حتى ولو كان كلاماً في كلام بإعلانه للدولة اليهودية والقدس عاصمة إسرائيل الموحدة وحصل على المباركة الأمريكية،ووضع الأسس الثابتة لمشروعه العنصري.
فما معنى إدارة الظهر بلا أي حذر لهذا الخطر،من قبل جوقة من السياسيين التي لم تجد أفضل من معزوفة الدولة الواحدة،ولكن لتسمعها لمن؟ للفلسطيني الذي تتعرض براكياته وخيامه وليس بيوته فقط للجرف والهدم بجنازير الدبابات وأسنان الجرافات الإسرائيلية.أم للاردني الذي استنفر وعيه مشروع الضم،ونبهه زامور الخطر،فلماذا نحاول تهدئته بمثل هذه المعزوفة:نام يا حبيبي نام!
في حين أن البدائل موجودة والمشاريع الوطنية تحت العين واليد،وقد تحدث جلالة الملك عبد الله الثاني بملء الصوت وبكل وضوح وجرأة عن الصدام الكبير،ولكن الحكومة لم تلتقط طرف الخيط لتشد أوتار مشروع المواجهة هذا وتترجم مضامينه،وذهبت بدلاً من ذلك إلى مقابر التاريخ لتستنطق ميتاً اسمه مشروع الدولة الواحدة،فهل أنت مسمع من في القبور.
ولماذا يلجأ السياسيون إذا فرغت جعبهم وأفلست خزائنهم إلى الدفاتر القديمة فهذه ديون معدومة ومدينون ميتون أما المدين الأكبر إسرائيل والتي ما زال الدين الثقيل معلقاً في رقبتها فهي الأولى بالملاحقة والمطالبة والإلزام بكل الوسائل المتاحة،بدل ان نقدم لها فرصة أخرى للتنصل والتهرب بمشروع تعرف جيداً كيف تقزّمه وتسخّفه وتحوله إلى مهزلة!أولم تفعل ذلك مع المبادرة العربية التي قدمتها السعودية في حينه وهي أكثر جدية وجدارة من فانتازيا الدولة الواحدة وسورياليتها؟وضحكت حينها ستيفي ليفني ملء شدقيها قائلة إنه مشروع م نطرف واحد الطرف العربي فليهرفوا بما يشاؤون فصوتهم سيبقى داخل جدرانهم ولن يخترق الفضاء الإسرائيلي.
هذه هي السياسة الإسرائيلية إذن تصم أذنيها عما لا تريد سماعه.
أما الدوائر والمنظمات الدولية والتي التي سنطلب نصرتها ودعمها والتي صحبت خيباتنا الطويلة لا بل ساهمت فيها بوقوفها عاجزة ثم نفض يديها وإخلاء الساحة لأمريكا لتلعب منفردة كقلب هجوم في الفريق الإسرائيلي،فلنلعب دور حارس المرمى الكفؤ على الأقل،بدلا من التفتيش في الدفاتر القديمة التي لن تغني عن المفلس شيئا والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون.
نزار حسين راشد

