النجاح الاجتماعي والطبي خلال "جائحة كورونا" يحتاج لمأسسة الأزمة لمواجهة قادم التحديات
الثلاثاء-2020-05-05 01:57 pm

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - نجح الاردن نجاحا باهرا في مواجهة الفايروس التاجي المعروف بكورونا على المستويين الاجتماعي والطبي، ولكنه حتى اللحظة لا يسجل نجاحات موازية في مختلف تبعات كورونا، والتي تحتاج للقضاء على كل تشوهات الاقتصاد والسياسة والحريات بصورة توازي تغيرات الثقافة الاجتماعية والمجتمعية.
الوقت لم يفت بالضرورة، وتصريحات وزير المالية الحالي الدكتور محمد العسعس عن إجراءات قاسية ستضطر لها الدولة، قد يتم استغلالها كتمهيد لإجراءات حقيقية، تكون اعمق واهم من تلك التي يتم الترويج لها سواء على مستوى السياسي او حتى الاقتصادي، وبقرار اكبر من الحكومة الحالية التي لم تستطع إدارة العديد من الازمات منفردة.
المطلوب اليوم تفكيك المشهد الاقتصادي والسياسي المحلي بطريقة كبيرة، خصوصا وان اليوم المشهد الدولي والعالمي يسمح بخروج عن المألوف لا بل ويرحب به
الاقتصاد والسياسة في البلاد متداخلين ، ونذكّر بما قاله رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي ان كثيرا من سياسات الأردن في الاقتصاد والسياسة والاجتماع بحاجة لاعادة تعريف، بين ما هو ليبرالي ومحافظ وديمقراطي وغير ذلك، حتى يمكن بالأساس القياس في مجالات النجاح والفشل.
هنا توصيف دقيق وذكي يفصّل إشكالية حقيقية في الدولة حيث إعادة تعريف "الايمان والنهج” في الاقتصاد والسياسة بات اليوم "فرض عين” وعلى الاغلب حكومة الدكتور الرزاز لا تستطيع الخوض فيه ولا التعامل معه، فالحكومة ذاتها طرحت مفردة "العقد الاجتماعي الجديد” ولم تستطع حتى الدفاع عنها.
الأردنيون بحالة معقّدة يمكن الافتراض معها انهم جاهزون لحلول من النوع العمودي والعميق الذي يؤدي لاحقا لعدالة افقية ونوعية يلمسونها ويستشعرونها، وهنا تبدأ الحلول، حين يتم سحب امتيازات من تمتعوا بالامتيازات مجانا من الدولة، خصوصا بعدما ثبت ان معظم هؤلاء لم يقفوا مع الوطن حين حاولت الدولة بطريقة عبقرية مطالبتهم بذلك في صندوق همة وطن الذي يديره المخضرم عبد الكريم الكباريتي.
الكباريتي نفسه كان قبل استلامه للصندوق قد تحدث عن ضرورة ان تلتفت الدولة للازمة بمستويين: الأول مستوى الحلول السريعة والانية، والثاني مستوى دراسة كل ما تستطيع الدولة الاستفادة منه على المدى الطويل بما يتضمن ذلك "شرط القوة القاهرة” وتطبيقه على اتفاقيات معقدة خارجيا وداخليا دون أي نظر لما يعرف بالتصنيف الدولي الذي سيتغير بكل الأحوال.
لاحقاً، ليس المطلوب في الازمة الحالية ان يتم "جمع المال” فقط، بل الاهم إيجاد وسيلة مستدامة لانفاق هذا المال، حيث ما جهد الكباريتي ورفاقه لجمعه هاهو على وشك النفاد بعد سلسلة معونات بالحد الادنى وبصورة "لا تسمن ولا تغني من جوع” لجانب من المتضررين من الازمة، ودون ان تتم أي مأسسة في سياقه، وفق ما تحدثت عنه وزيرة التنمية الاجتماعية السابقة خولة العرموطي وهي ترفع شعار التمكين للمتضررين والتوقف عن الاكتفاء بالمساعدة.
هنا وبينما كل الجهات تقترح وتفصل وتجتهد وتقدم النصائح سواء بدافع فرط الوطنية او غيره، يمكن للدولة ان تتخذ خيارات تبدأ مما يقترحه أبناؤها ويرضي فقراءها والشاعرين بالقهر لكون الازمة تتصفى على حسابهم، وهؤلاء لن يفيد انكار وجودهم.
الاردن الناجح تماما في الجهد الطبي والانضباطي ذاته هو الذي جاء في المرتبة 50 من 66 في تقرير مجلة الايكونومست قبل يومين أي ضمن اخر فئات الاقتصادات من حيث القوة، وهو ذاته الذي ارتفع فيه التضخم لنسبة 1.88 في الربع الأول من العام وذلك مرجح للزيادة اليوم، وهو ذاته الذي حذره صندوق النقد الدولي من اثار سلبية كبيرة قبل أسبوع.
كل هذا وباختصار لا يتطلب وصفة رئيس الحكومة الحالي والتي تهدف لانتظار المساعدات والقروض، بل تحتاج فعلا "مأسسة إدارة الازمة” وجرأة القرار خاصة مع وجود القطاع الصحي الناجح واللامع المدعوم أيضا باحترام دولي واسع

