النسخة الكاملة

كيف عصف كورونا بعلاقات الأردنيين وأبعدهم عن بعض برمضان حيث انتهت الاجتماعات والولائم والسهرات؟

الثلاثاء-2020-04-26 12:28 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - عصام مبيضين
في خضم كل أنواع الحظر الذي طبق علينا خلال الفترة الماضية سواء منه الجزئي والشامل لحمايتنا من فيروس كورونا، وبقاء الناس 40 يوما ،خلف جدران منازلهم سجون برفاهية ، واقتصار حرية التحرك بين ممرات الشقق والتجول للتسوق في الشوارع القريبة وهي محيط المنازل.
لهذا فان الأغلبية يشعرون بعصبية وضيق وحنق من حظر التجول خاصة بشهر رمضان حيث ان هناك أجيال كثيرة لم تعرف وترسم في خيالها منعها من الخروج من منازلها سجون جماعية، ولاتعرف أسم قانون الدفاع والطوارىء، وان حظر التجول لم يتعامل معه إلا اشخاص تجاوزت أعمارهم الخمسين فما فوق ،حيث مرت عليهم أيام الإحكام العرفية في الخمسينات وحتى السبيعينات من القرن المنصرم،بسبب المظاهرات ولكن بصورة لم تشهد رعب مثل الوضع الحالي وهنا الفرق الخطير.
لقد حشرنا في زاوية خيالية فنتازيا لم نحشر بمثلها وأغلقت على معظمنا البيوت حيث ان العدو الذي يلاحقنا في كل مكان، هو قادر ويجرؤ على أن يحشرنا خلف أبواب مغلقة، ليس عدوا فقط ، ولكن شبح متحرك غير مرئي، من هنا أصبح الجميع يخاف من الجميع ، ولهذا انعزل البعض واعتكف وأبعد نفسه عن الأقارب والأصدقاء والمعارف، وحتى تصاعدت موجات الفوبيا لدى قطاع واسع من كل شيء من مقابض الأبواب، والحائط والأسطح وباب السيارة، وأصبحنا نعاني من وسواس قهري بموضوع النظافة اليومية ،مع وجود خطوط حمراء ،هي مسافة المتر ونصف المتر التي وضعت للتباعد وغيرها
فعلا أنها حقبة زمنية جديدة يطغى عليها عدم الانفتاح على الآخر وانغلاق تام، من هنا فان الرؤية انه لن تكون هناك حياة طبيعية مثل السابق إذا ما قررت الحكومة إنهاء حالة حظر التجول غدا على سبيل المثال
لتطرح الاسئلة المشروعة ماذا لو تم فك الحظر التجول عنا هل سنرجع كما كنا سابقا هل سيرجعنا الجنرال كورونا من رحلتنا البعيدة ما وراء الخيال الى الأرض وسنرى فسيفساء وأشكالا وانماط جديدة من العلاقات والارتباطات والتفاعلات بين الناس مثل الزمن القديم ووللاسف الشديد فان الحقيقة والمعطيات تظهر عكس ذلك على الاقل لزمن ما قادم ،لايعرف احد يقصر ام يطول ذلك ،حيث ان مخلفات الزوابع الأخيرة من تسونامي كورونا صعبة ،ولن نتمكن بعدها من استعادة عاداتنا القديمة وملامحها بدأت اليوم ،حيث يشعر الجميع انه ماكان بالنسبة لهم من نعم و امرعادي وروتيني وغير مهم ، من اجتماع الأقارب وقضاء ساعات في المقاهي والسهرات وحضور الموتمرات والاجتماعات في الفنادق وحضور المناسبات الاجتماعية من أفراح وعزاء وإقامة الولائم اصبح من الماضي الجميل وماجرى ويجرى الان بالنسبة لهم ولا في الأحلام

وما بعد كورونا بتاكيد ليس كما قبلة اجتماعيا ونفسيا وسنكون مجبرين على القيام بأداء أدوار نرفضها، وبتأكيد سيكون لقاء بعضنا مع بعض بلا روح .. فاتر جافا ..ويابسا ومن غير حرارة .. وبلا توابل عاطفية ولا مصافحات ولا عناق ومزاح ولا قبلات ولا همس في الاذن ولا قهقهات جانبيا ولاضرب كف في الكف، ولا أحاديث حميمة ولا ربت على الأكتاف سنبتعد مسافة الامان ، نتبادل ابتسامات خافتة، وضحكات صفراء لاتصل ابعد من الأسنان ، ممزوجة بنكهة الحذر نقف في انتظار قطارات ستقلنا إلى جهات مختلفة تهرب بنا من التجمعات والاختلاط، وسنشهد انحسار الزيارات وحضور المناسبات الاجتماعية سواء منها الافراح او الأحزان والمهرجانات العامة والاجتماعات والمباريات وحتى لانكون متشائمين سنفتقد الحماس لحضور اغلبها بزمن قادم
سنعشق العزلة سترى الناس مقبلين وهم مدبرين ، بل إن كل واحد منهم سيدير للآخرين ظهره سيكون الضياع عنوانا لكل حركة فائضة عن الحاجة و الضرورة.
وفعلا كما يقول المثل لطالما تمنى العاقل الوحيد في مدينة أصيب أهلها كلهم بالجنون أن يكون مجنونا وحين يكون المرء مبصرا في مدينة أصيب أهلها بالعمى، فإنه لا يرى قيمة لنعمة البصر
انها هي النهاية نفسها فهل سيحمل العائدون من زمن كورونا إلى الحياة شيئا من ملامح أهل الكهف..ويقول كم لبثت يوما او بعض يوم من هنا علينا بعد كورونا ان نقوم باجراء مسح و إحصاء لخسائرنا الاجتماعية والمالية والنفسية وسنجد شيء من زجاجنا الداخلي تكسر في وداخلنا ونحن بتاكيد لسنا نحن.  
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير