النسخة الكاملة

هبوب الجنوب يكتب : رمضان هو الرهان

الثلاثاء-2020-02-18
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب- هبوب الجنوب

السيناريو المطروح الان هو التمديد للحكومة وللنواب معا , بمعنى أن مجلسا سيسلم اخرا , وأن حكومة ربما ستسلم أخرى  في النهاية القرارات في الأردن تطبخ بمعزل عن رغبة الشارع , تلك حقيقة وليست نسج خيال , والحقيقة الأدهى من هذه أننا نملك خوفا عند كل تغيير ما ..أو تبديل معين , يعطي زخما جديدا ..أو يبث دما حرا جديدا في المفاصل الرسمية التي تكلست حد (الروماتيزم ) القاتل.
لهذا السيناريو إذا تم , تبعات خطيرة جدا وسأحاول اختصارها ...أول تلك التبعات أن رمضان اقترب , ورمضان ينتج خوفا لدى مفاصل القرار , فهو ليس شهر تعبد وصيام بقدر ما هو شهر الرفض , واستنفار الشارع وغضبه ...فقد أسقط حكومة الملقي , وكانت من تبعاته إنتاج حراك خطير اصطدم في الدولة , وشكل حالة في الشارع ..قد لا تنجح الحلول الأمنية في كبحها .
التبعة الثانية ...هذه المرة وإذا بقي الوضع كما هو , فالتحرك القادم لن يكون مقتصرا على الخبز والراتب والوظيفة , فثمة شكل جديد يطبخ في قلب الأردني وتفكيره ووجدانه وهو (الهوية ) ...وهذا المشروع ستتلقفه المحافظات , وأجزم أن ما حدث مؤخرا من تحرك شعبي محموم , والإحتفال بذكرى وصفي التل بطريقة صارمة ..ومن ثم تحرك البعض , لإعادة إنتاج هذه الشخصية ..لايصب كله في الأطر الإحتفالية , وإنما يصب في إطار إبراز ما يسمى (الهوية الغاضبة) ..والتي أخذت منحى الشراسة في 
التعبير وجودها ودورها وحضورها ...ربما لم يستعمل أمين معلوف في حديثه عن الهويات مصطلح الهوية الغاضبة , لكن التأمل في الحالة يجعلك تؤمن أن ثمة هوية أردنية (غاضبة) , وهذه الهوية ..افتقرت منذ سنوات طويلة إلى مشروع رسمي حقيقي في الحفاظ عليها , وترسيخها ..واعتمد بدلا من ذلك التشويه والتذويب ..
وثمة أمر أخر يجب النظر إليه بتمعن , وهو أن أمن الأردن الذي لم يعد أولوية لدى العالم والمنطقة , لنعترف ولنفكر بصوت عال ...ولندرك أن مؤتمر مكة الذي جاء لدعم الأردن اقتصاديا من أجل إخراجه من تبعات حركة الرابع والتي اندلعت في زمن الملقي , لن يكرر مرة أخرى ...لأن تنفيذ صفقة القرن ربما له شق خفي , وهو أن هذه الصفقة ليست مقترحا للسلام ...مثلما حدث في أوسلو و (واي بلانتيشن) وشرم الشيخ ...وإنما هي قرار غير قابل للدحض , وثمة فارق بين المبادرة والإقتراح ..وبين المرسوم الذي وقع كقرار , ويجب على الأطراف أن تسير في عملية التنفيذ ....لهذا فالمنطقة , لن تكون معنية بالإستقرار في الأردن , ولن تكون معنية أيضا بأي حركة جماهيرية ...تؤسس فيما بعد لبعض الفوضى والإنفلات هنا وهناك .
كانت الأطراف المحيطة في الأردن , تخاف على أمنه في الماضي ..,الان لم يعد أمنه أولوية تستحق الوقوف عندها . علينا أن نقرأ المشهد بتمعن , علينا أن ندرك أن رمضان قادم ..وأن تبلورا جديدا وشكلا جديدا برز للحراكات في الأردن , وعلينا أن نأخذ هذان العاملان بجدية ..عميقة , ونجري تغييرات جذرية , تمتص غضب الهوية أولا ...وتجعلنا نمر من شهر رمضان دون خسائر تذكر .
حين تجري تغيرا ما , في الحكومة...أو في مفصل مهم من مفاصل الدولة , عليك أن تفهم أمرا أن التغيير له انعكاسات في مزاج الشارع , فهو إما أن يشبه (الفولتارين) الذي يهدأ ويساعد ويزيل الألم , وإما أن تضغط على الجرح ..وتزيد الألم ...مزاج الشارع أمر مهم وخطير , وعليك في هذه المرحلة العصيبة أن تتجاوز عملية استفزازه ....القصة ليست مرتبطة بالرزاز , ولا بحكومته ولا بمن سيأتي بعده , القصة مرتبطة بإنتاج توافق بين الدولة والشعب ...وتحصين الساحة
الداخلية من إختراق ربما يعرضنا لتبعات مؤلمة ...ولندرك دون الكذب على أنفسنا أنه ما من بلد في العالم كله عصي على الإختراق أبدا ....الصين بعظمتها وبما تملك من اقتصاد جبار وبما تملك من دور خطير , سقطت أما فيروس ...وهذا يؤكد ما سردته في البداية , الساحات الداخلية في العالم كله ..لم تعد محصنة أبدا
إبقاء الوضع الحالي كما هو , يشبه إلى حد بعيد ترك النزف يستولي على الجرح ...وأنا خائف جدا من تبعات هذا الوضع .وحمى الله الأردن
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير