النسخة الكاملة

الصفدي: الملك انسان يصيب ويخطئ (فيديو)

الخميس-2011-11-02
جفرا نيوز - جفرا نيوز - عيسى محاسنة سهرة شبابية سياسية مع ضيوف مميزين، لن تجد وصفاً أفضل من هذا لمبادرة “مقهى عمان السياسي” استضافت مؤخراً المستشار الإعلامي السابق لجلالة الملك، أيمن الصفدي، في حديث صريح وشبابي ضمت

مجموعة من الشبان الواعدين واستقبلت وابلاً من المشاركات عن طريق مواقع اجتماعية مثل فيسبوك وتويتر.

وعلى كنبات فاقعة الألوان يجلس الضيف ليحاور الشباب عما يحدث حولهم من تطورات على الساحة المحلية، فيتحدث عن الإصلاح تارة وعن الإعلام ومشكلاته تارة أخرى، مستشهداً بخبرته في الحكومة وبتجربته الشخصية في مؤسسة القصر.

“مسيرة الاصلاح ليست سهلة”

“جلالة الملك قالها قبل أن يقولها غيره”، يبدأ الضيف حديثه، “في افتتاح البرلمان في 28/11 قبل ثورات تونس ومصر، افتتح الملك البرلمان بخطاب العرش وقال أن مسيرة الإصلاح تعثرت وتباطأت وحوربت وهذا انعكس بضرر كبير على الأردن وقال أنه لم يعد أمامنا وقت وإذا لن نصلح سوف يكون هناك ضرر كبير على الأردن…”

ولكن حسب رؤية الصفدي فإن مسيرة الإصلاح ليست سهلة وما لم  نصلح فالأردن في طريقه إلى حائط مسدود، ويضيف “الإصلاح الذي نريده هو أن ننتقل بالأردن ال مسيرة أفضل نحو ديمقراطية حقيقية وباتجاه ممارسة ديمقراطية”.

” تغيير الحكومات ورؤسائها غير كاف “

فمثلاً عون الخصاونة، حكومته لم تتشكل إلا قبل أسابيع ولكن لا ريب إن تغيير الحكومات ورؤوسائها غير كاف، فما المطلوب؟ يرى الصفدي أنه لا بد من برنامج ومسيرة إصلاحية يضمن في نهاية المطاف حياة ديمقراطية وحكومات برلمانية، ولكن بقليل من التشاؤم يقول الصفدي، مدركاً الصعوبات، أنه سوف تكون هناك ما يسميه “أوجاع نضوج” أو “أوجاع نمو” وسوف تكون هاك أخطاء وسوف تكون هناك مقاومة وآلام…

“الحكومة الجديدة كمثل بقية الحكومات هناك من يقول أنها مقبولة والبعض يقول أنها جيدة ولكن هناك مؤشر إلى حاجة في تغيير النهج.

إذا بقيت الأمور كما هي الآن، أي حكومة تشكل بغض النظر عن أي شخص ستجد من يقول أنها مناسبة والبعض الآخر يقول أنها غير مناسبة ﻷن في النهاية يكون الحكم شخصيا “.

“ما يجب أن نصل له هو حكومة برلمانية بحيث الشعب ينتخب وتشكل الحكومة من البرلمان حسب قدرتها على الحصول على أغلبية الأصوات. بغياب التطور والنضوج السياسي في البلد حتى الآن -لنكن صريحين- لا توجد حياة سياسية وحزبية مؤطرة ومرتكزة على برامج قادرة على أن تأتي إليك وتقول صوّت على هذا البرنامج أو لا تصوت فبالتالي هناك خلل في التركيبة الحزبية والتركيبة السياسية علينا أن نتعامل معها”.

 ويضيف الصفدي واصفاً تصوره: “تشكل الحكومات من البرلمان حسب المجموعة القادرة على تحقيق ائتلاف برلماني وتتحمل هذه الحكومات مسؤولية عملها وتبقى في الحكم طالما لها قاعدة برلمانية وتخرج من الحكم عندما تفقد قاعدتها البرلمانية كأي ديمقراطيات في العالم

” تزوير انتخابات 2010 “

استهل الصفدي الحديث عن حكومة سمير الرفاعي رداً على بعض من وجه له أصابع الاتهام تشكيكاً في رغبته الإصلاحية خاصة عندما كان على رأس عمله. “الحكومة كانت لديها برنامج واضح” يؤكد الصفدي الذي كان نائباً للرئيس آنذاك، “ولكن كثيراً من الناس لم تحاكم هذه البرامج ولم تتفاعل معها ولم تقرأها”. ويتساءل مبدياً استغرابه من هذه الاتهامات “أين هي الممارسات الخاطئة التي تمت؟ فلنضع كل شيء على الطاولة… أين هي الممارسات غير الإصلاحية التي تمت ممارستها وبالتالي يتم الكلام عليها؟”

ولكن عندما تم تذكير الصفدي أنه هو الذي دافع عن الانتخابات السابقة وأمسى يمدح القانون الانتخابي الذي أجريت الانتخابات عليه، بدا محرجاً من ذلك وقال أنه لا يريد أن يظهر كمن يتحدث بأثر رجعي، ولكنه يتمنى لو كان قانون الانتخاب السابق أكثر توافقاً مع التوجه الحالي ولكنها بالأخير “فرصة أضاعتها الحكومة”.

” أنا ابن الزرقاء وأبي لم يكن رئيساً للوزراء”

وبحس فكاهي أظهر الصفدي عدم رغبته باستخدام مصطلح “الديجيتال والحراثين” الذي نادى به أحد المشاركين في الجلسة لوصف المحافظين واللبراليين، فيتساءل الصفدي من هو الديجيتال أو الحراث، هل ننعت بهذه التسميات بناء على خلفيات اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية؟ “أنا ابن الزرقاء”، أجاب الصفدي معبراً عن استنكاره، “أبي لم يكن رئيساً للوزراء” مستذكراً بعدها كيف كان أيمن الصفدي الشاب اليافع يعمل في العطلة الصيفية للحصول على القليل من المصروف الإضافي.

” زلم باسم عوض الله “

وأظهر إنه يختلف أيضا مع من وصفوه من الصحفيين بأنه من “زُلم باسم عوض الله”، فالصفدي، حسب تعبيره، يختلف مع رئيس الديوان الملكي السابق المستبعد والمثير للجدل، مشدداً على أن هناك اختلافات سياسية واقتصادية.

وهناك اختلافات أيضاً بين سياسات حكومة البخيت وخكومة الرفاعي، فحكومة الرفاعي لم ترد إلغاء الدعم بل إعادة توزيعه، وفق ما قاله الصفدي مضيفاً أن الدعم يجب أن يصل إلى من يستحقه وألا يذهب إلى من لا يستحق

“ثلاثة ملايين دينار سنويا تدفعها الحكومات للصحفيين !”

لا يمكننا أن ننكر أن الصفدي من الشخصيات الإعلامية التي احدثت جدالاً في سياساته ومناهج عمله، ففي تكملة للدفاع عن هذه السياسات  التي كان للصفدي دور فيها، بدأ يردد قناعته الشخصية فيما يتعلق بالعمل الصحفي ليصف نفسه أنه “من المدرسة التقليدية للصحافة أؤمن بأن الحقائق مقدسة”. ويؤكد: “عندما تعاملت مع الصحافة تعاملت مع نفس المنهجية التي تعاملت معها عندما كنت صحفياً، وانطلقنا في عملنا من منظومة قِيمية أخلاقية ومرة أخرى لم نعد صناعة العجلة بل استفدنا من هذه المهنة التي عمرها مئات السنين ولها قواعدها وأخلاقياته، عندما تنشر شيئا يجب أن تتأكد من صحته”.

“فيما يتعلق بالتعامل مع الإعلام أنا من الناس المقتعين أنه لا بد من إعلام مهني محترف” يتابع الصفدي: “عصر حجب المعلومة ولّى نحن الآن في عصر إدارة المعلومة، من يستطع أن يُدر المعلومة بشكل إيجابي وبشكل جيد وفعال يتمكن من أن يوصل رسالته .. من يفشل في ذلك لا يستطيع أن يوصل رسالته”.

ولكن ما ينطق به الصفدي جاء ليظهر لنا أنه شتان ما بين ما يعتبره هو مهنياً وما يتطلع إليه وبين واقع الإعلام الأردني، “في المشهد الإعلامي في الأردن، مع احترامي لكثير من الزملاء الصحفيين المهنيين والمحترفين، كانت هناك تشوهات كبيرة وأنا أزعم بأنني لم أصنع تلك السياسة ولكنني كنت صاحب رأي فيها بان الطرح الذي طرحناه هو أن نتعامل مع الإعلام المهني المحترف أن نحترم حقه بل أن نطلب دوره لأن دوره أساسي ورئيسي في المجتمع لكن أن نبتعد عن سياسة الاسترضاء التي أعتقد أنها لعبت دورا كبيرا في إفساد المشهد الإعلامي عند البعض وإعاقة تطور الإعلام المهني والمستقل”.

ويكشف الناطق الرسمي السابق للحكومة عما كانت تنفقه الحكومة خلف الكواليس لشراء بعض الصحفيين فيؤكد أن ما يزيد على 3 ملايين دينار تنفق سنويا من قبل الحكومات على ممارسات كان الصفدي يرى أنها مغلوطة. وتساءل بنبرة صوت قوية: “من قال أن كونك صحفي لك الحق في أن تقبض راتباً خارج إطار راتبك؟”

” اشتراكات في صحف وهمية “

ولم تتوقف السياسات الحكومية لاسترضاء الصحفيين عند ذلك، حسب الصفدي، فيقول لنا أنها كانت هناك اشتراكات في صحف (وهمية) لم تنشر قط، ومؤسسات حكومية ليس لها علاقة بالسياسة أو بشيء وكانت لها اشتراكات في أكثر من 30 جريدة. ويظهر الصفدي فخوراً وهو يؤكد: “لقد أوقفنا كل هذا احتراماً للصحافة، أن الصحفي يجب ان لا يتقاضى راتباً من أي جهة أخرى، إذا كنت في موقع الخدمة العامة وأنت صحفي وأدفع لك راتباً فأين استقلاليتك؟”.

وفي حديثه عن صناعة الإعلام في الأردن، حذر الصفدي من تصديق كل ما يقال عن الصحافة، وأن “أكبر صحيفة لا توزع لها أكثر من 50 ألف عدد في اليوم على مستوى الأردن، وتباع بخسارة بالإضافة أن السوق الإعلاني صغير”.

” الملك .. انسان يخطئ ويصيب “

يختلف أيمن الصفدي مع المعارض البارز ليث شبيلات الذي يقول باستمرار أن عدد موظفي الديوان الملكي يقارب 3500 موظف، ليؤكد أن العدد أقل بكثير خاصة إذا تم استثناء التشريفات الملكية وموظفي الخدمات من حركة وسائقين ومزارعين، إذ لا يتجاوز الفريق السياسي للديوان الملكي سبعين شخصاً حسب الصفدي.

وأضاف الصفدي، الذي شغل مستشاراً لجلالة الملك، أن من مرحلة إلى أخرى يختلف تدخل ودور الديوان الملكي في التعامل مع السياسات، فهو يعتمد على العلاقة بين رئيس الحكومة ورئيس الديوان الملكي وعلى قدرة الحكومات على اتخاذ القرارات وحاجة جلالته في بعض المرات إلى إرسال نصائح ومعلومات للسلطة التنفيذية. ويصرح الصفدي أنه كان هناك في بعض المراحل صراعات بين الديوان الملكي وبين الحكومة.

وأضاف أن “ما يريده جلالة الملك علاقة تكاملية في باب المشورة وباب إيصال الرسائل وباب القيام بدور الجسر بين الديوان والحكومة وليس الاستقواء أو الضغط”.

وفي مستهل ذكره للمقاومة التي يواجهها الإصلاح في الأردن، قال الصفدي أن “جلالة الملك يتخذ القرارات بناء على معلومات وعلى مشورات وعلى ظروف معينة، مثله مثل أي إنسان أو قائد دولة يخطئ ويصيب”، وقال “أن ليس كل قرار اتخذه الملك هو مقتنع بأنه كان القرار الأفضل”.

الملك: “لا أريد أن أسمع شيئاً اسمه (هذه قرارات من فوق)”

ويتابع الصفدي الحديث برواية قصة حدثت لصديق له عندما أتى أحد رجال الأعمال في القطاع الخاص وطلب منه أمراً معيناً مدعياً أن هذه كانت من توجهات “من فوق” وتوجهات من جلالة الملك. وفي اليوم التالي ذهب الصفدي إلى جلالة الملك ليتلو له ما حدث لصديقه ونصيحة الصفدي له بأن يطرد هذا الشخص إذا ما أقدم على أن يجدد طلبه مرة أخرى باسم الملك. فيروي الصفدي كيف أن جلالة الملك قدم له الشكر على ما فعله قائلاً له “أنا لا أسمح لأي إنسان ان يستخدم اسمي بهذه الطريقة” مضيفاً أن جلالته قال أن كل من يقول هذه تعليمات من فوق يجب أن يقال له “لا”.

وقال الصفدي أن كل مسؤول يتخذ القرار وهو مسؤول عن قراراته ولا يمكن له أن يستخدم جلالة الملك كغطاء لما يريد أن ينفذه. وكذلك  يعتقد الصفدي أن النظام الملكي أساسي لاستمرارية وثبات البلد، ويقول “أن هناك من يختلف معه في هذا وهو حر”.

” الاردن وتونس … التفاح و البرتقال ! “

كثيراً ما يتذكر الأردنيون تصريحاً لأيمن الصفدي يقول فيه أن تشبيه الأردن بتونس هو مثل مشابهة التفاح بالبرتقال. الحوار تم بثه على شبكة( سي ان ان الأمريكية). وأوضح الصفدي أن هذا الحوار تم فهمه بشكل خاطئ وأن ما أراد أن يقوله في ذاك الحوار هو “أن هناك اختلافا في الظروف السائدة في كل دولة”.

وقال أن الفروقات واختلافات بين الأردن والدول العربية الأخرى ظاهرة وواضحة، فبالدرجة الأولى لا يوجد في المملكة قمع وقهر مثل تونس بالإضافة إلى عامل مهم، ألا وهو وجود رغبة حقيقية في الإصلاح تنبع من رأس الدولة وتتمثل في اختلاف البيئات السياسية بين هذه الدول والعلاقة التي تربط بين الحاكم والمواطنين.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير