
جفرا نيوز - تساءل النائب مصطفى الخصاونة، عن الضامن لدقة الأرقام الحكومية المقدرة للإيرادات المحلية، وإن كانت هذه الأرقام تعكس واقع الحال.
كما تساءل الخصاونة في كلمة له في اليوم الرابع لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2020، عن موقف الحكومة من مؤسسات تمويل وإقراض المرأة بفوائد عالية، مشيرا إلى أنها "مؤسسات حق أريد بها باطل"، على حد وصفه.
وبين أن ضمانة هذه المؤسسات هي المرأة ذاتها دون رقابة من الدولة ، مشيرا إلى أن المجتمع الأردني يحتاج اليوم إلى موقف من الحكومة.
وتاليا النص الكامل لكلمة النائب الخصاونة :
سعادة الرئيس ... الزميلاتُ والزملاءُ الأفاضل
إننا ونحن نناقشُ مشروع قانون الموازنةِ العامة للدولة للعام 2020 ومشروع قانون الوحدات الحكومية للعام 2020 يُسجل للحكومةِ بأنها أخذت خطوةً في الاتجاهِ الصحيح من خلال إعدادِ موازنةٍ قُدّرت فيها إيرادات تقارب الدقةَ من حيث النسب والأرقام، إلا أن لغةَ الأرقام والنسب في الإيرادات والنفقات ولاسيما النفقات الرأسمالية لا تسر الصديق ولا تغيظ العدا.
في الإيرادات
بالرجوعِ إلى إعادة تقديرِ موازنةِ 2019 نجدُ أن هناك سوءَ تقديرٍ واضح عند إعداد أرقام موازنة 2019 يعكسُ عدم الكفاءة في إعدادِها من قبلِ الحكومةِ حيث بلغ الإيرادُ حسبَ إعادةِ التقديرِ أقل بمليارِ دينارٍ من المقدّر.
وبالنظرِ إلى سوءِ المنهجية ِالمتبع في إعدادِ الموازناتِ عبر الحكوماتِ المتعاقبة أبتداءً من عام 2014 وزيادة الفجوة في سوءِ التقديرِ يُطرح اليوم تساؤل مشروع ما الذي يضمن دقةَ الأرقامِ المقدرةِ بالإيراداتِ المحليةِ وهل تعكسُ واقعَ الحالِ – فالبرغم من توجيه مولاي السامي في كتاب التكليف للحكومة إلا أننا لم نرَ بهذا الاتجاه أيُ خطوةٍ خطتها الحكومة رغم مرور سنتين ماليتين عليها، وكأن لا مشروع لها في هذا الاتجاه أو أنها غيرُ قادرةٍ على ترجمةِ التوجيهات .
لقد كررت الحكومةُ وعبّرت عن جديتِها في مكافحةِ ومعالجةِ التهرب الضريبي إلا أن لغةَ الأرقامِ في الموازنةِ لا تعكسُ هذه الجدية كون النمو في أرقام الإيرادات الضريبية يعكسُ النموَ الطبيعيِ في الاقتصاد وبدء التحصيل في قانون ضريبة الدخل الجديد سيء الذكر والذي جاء بأحكامٍ عقابيةٍ بحق " المواطن الصالح" الملتزم ضريبياً.
بالاطلاع على النظمِ الضريبةِ في الدولِ المقارنةِ نجدُ أن أغلبَها تعتمدُ على الضريبةِ المباشرةِ " ضريبة الدخل " وتشكلُ النسبةَ الأعلى من الإيراد الضريبي والتي بطبيعتِها توجهُ للأغنياء في حين أن نظامنَا الضريبي يتبنى أسلوباً مغايراً بحيث يُعاقب الفقراء من خلال تركيز الضريبةِ على الاستهلاك " السلع والخدمات"، فضريبةُ السلعِ والخدماتِ في هذه الموازنة تبلغ 70 بالمئة من الإيرادات الضريبية، كما وتبلغُ ضريبةُ الدخلِ 22.5 بالمئة من الإيراد الضريبي .
والسؤال المهم الذي يجبُ أن يُطرح هنا وبعد أن اعتمدت الحكومةُ نظامَ الفوترة ِبصيغته القانونيةِ الذي اعتمدته كنظام، وتتوجه اليوم لطرح عطاء نظامِ الفوترةِ الالكتروني – هل النظام المعلوماتي في دائرة ضريبةِ الدخلِ والمبيعات قادرٌ على التكاملِ والاندماجِ مع هذا النظام ؟ بالتأكيد وبحسبِ معرفةِ المختصين الإجابة لا.
سعادة الرئيس .. الزميلات والزملاء الأفاضل
في النفقات
وفق النفقات ِالجارية في مشروع موازنة 2020 تتوقع الحكومة نمو خدمة الدين " الفوائد" 200 مليون دينار أو ما نسبته 20 بالمئة بالمقارنة مع إعادةِ تقديرِ موازنة 2019 - السؤال الذي يطرح نفسه الآن هل ذلك يعني ارتفاع الدين العام بواقع 20 بالمئة أم أن الحكومةَ أصبحت عاجزةً عن الاقتراضِ بفوائد تفضيلية – سؤال برسم الإجابة .
لقد وجهت الحكومة في حزمةِ التحفيزِ الاقتصادي الرابعة حصة الأسد للقطاع الصحي، وبالنظرِ إلى الانفاق الجاري على القطاع الصحي في مشروع موازنة عام 2020 خفّضت الحكومةُ انفاقَها الجاري على القطاع بنسبة 14 بالمئة أي 136 مليون دينار.
ألا يثيرُ ذلك الدهشةَ والاستغراب، وما هي الأسبابُ الحقيقية وراء ذلك . وإذا كان هناك احتجاج بأن هدراً يقع في هذا القطاع فهي مسؤولية إدارة، وسياسة قطاع صحي مُترهل تُعالج أولاً ومن ثم نذهب إلى خفض الانفاق .
وأتساءل هنا هل هذا التصرف عاقل في ظل نمو تعداد السكان وبالتالي زيادة عدد المنتفعين من التأمين الصحي وفي ظل المطالبة الرسميةِ والشعبيةِ بتوسيعِ مظلة التأمين الصحي وتحسين الخدمات الصحية.
*أما فيما يخص الدعم المالي الوارد في مشروع الموازنة انخفض الدعم بنسبة 5 بالمئة والذي يبلغ 15 مليون دينار وفي الوقت ذاته تتحدث الحكومةُ عن توجيهِ الدعمِ لمستحقية – فما المبرر لهذا التخفيض في ظل تزايد نسب الفقر وارتفاع معدلات البطالة، كما وأن من غير الحصافة أن تتجه الحكومة لرفعِ النسبِ الضريبيةِ في قانونِ ضريبةِ الدخل سيء الذكر وزيادة الإيراد منه وفي الوقت ذاته تخفيض الدعم.
النفقات الرأسمالية
بالنظرِ إلى النفقاتِ الرأسمالية في مشروعِ موازنة عام 2020 نجد أنها نفقاتٌ استهلاكية وليست منتجة، فعلى سبيلِ المثالِ الإنفاقُ على برنامجِ خدمةِ وطنِ اعتبرته الحكومة في المشروع نفقات رأسمالية، والحقيقة لا أجد تفسيراً كيف يمكن أن يكون رأسمالي؟؟؟
صحيح أن الحكومة رفعت في مشروعِها الانفاق الرأسمالي بنسبة 33 بالمئة عن السنة المالية السابقة إلا أن الانفاق الرأسمالي في مشروع هذه الموازنة بلغ نسبة 14.5 المئة من أجمالي النفقات لهذا العام مقارنة مع نسب أعلى في سنواتٍ سابقة وصلت إلى 17 و 18 بالمئة مما يؤشر إلى أن ارتفاعَ النسبة ِفي مشروع موازنة 2020 هو صوري وأثره أقل مما تدّعيه الحكومة.
وفيما يتعلق ببند تنمية وتطوير البلديات وهو بند بحقيقة الأمر ُمكرر في موازناتٍ سابقة ورغم ذلك لا أرى بأن هذه المبالغ تُوظف بشكل ٍيُحقق التنمية أو تحسين الخدمات علماً بأن تحسين الخدمات هي أحد الأهداف الرئيسية لخطة التحفيز الاقتصادي للحكومة، وهنا أطرح مثالا حياً على واقع الحال في لواء بني عبيد – واضح حتى هذه اللحظة أن الحكوم تتبنى شعارات فقط وليس خطط وبرامج، فكم مرة هذه الحكومة وسابقتها عطلت الحكم القانوني الوارد في قانون البلديات والذي ُيلزم البلديات أن تُخصص موازنات فرعية لكل منطقة تمثل 50 بالمئة من إيراداتِها من الرسوم والضرائب والبدلات إلا أن هذا النص ما زال معطلاً وبقي حبراً على ورق .
وأذكّر دولة الرئيس بلقائة الذي جرى في بلدية إربد حيث تناولتُ معه هذا الموضوع وكنت أعتقد أنه سيلقى إستجابةً كما بدا لي من الحوار معه إلا أن الحالَ بقي على ما هو عليه، فأين دور وزارة الإدارة المحلية الرقابي على موازنة البلديات والموزانات الفرعية للمناطق، واضح عدم قدرتِها الرقابية على أرقام إيرادات المناطق .
وعليه فأنني أتساءل أين نحن من دولة القانون وسيادته وأين نحن من النهضة ؟!
وأين حكومة النهضة من مشروعها الموعود - السوق المركزي في منطقةِ النعيمة " المشروع التنموي الأوحد في المنطقة " والذي ُخطط له أن يكون لمحافظاتِ الشمال كافة، حيث جرى استملاك الأراضي ودفع الملايين لقاء ذلك ووضعت الخُطط والبرامج وتفائلنا بتشغيلِ 3000 من ابناء المجتمع المحلي، أين مكانها في الموازنة يا حكومة النهضة وهل ستبقى مجردَ وعود وخُطط على الرفوف تغطيها الغبار.
بشهادة كافة نواب محافظة إربد تم الاتفاق مع الحكومة السابقة والحالية وبموافقاتٍ رسمية على تخصيص ِ مبلغ مالي عن طريق وزارة التخطيط لإنشاءِ انفاقٍ وجسور في منطقة دوار الثقافة ومحيطِها بمدينةِ إربد لحل الأزماتِ المروريةِ الخانقة التي تعاني منها المنطقة ليل نهار، وعند الاستفسار من الحكومة تجد أن الإجابة سلبية، وهنا أتساءل هل هذا المشروع ينطبق عليه القول "كلما جاءت أمة لعنت ما قبلها".
الطريق الدائري
ويبدو أن الحكومة لم تعد معنية باستكمال الطريق الدائري في محافظة إربد والذي تبقّى منه المرحلة الأخيرة والتي تقارب خمسة كيلومترات، وهو طريقٌ حيوي وهام، ويمثل ضرورةً مُلحّة، ومصلحةً وطنية كونه يسهمُ في تنميةِ المحافظةِ ويعملُ على حلِ المشاكل المرورية التي تعاني منها. هل من إجابة.
واتساءل أيضاً ماذا بشأن الوعود التي قطعتها هذه الحكومة وسابقتها على استكمال مشروع الصرف الصحي في لواءي بني عبيد والمزار الشمالي، وتعلم الحكومةُ علم َاليقينِ بأن هناك أحياءً ما زالت تعوم على بحيراتٍ من مياه الصرف الصحي، ألا يشكل ذلك خطورةً بالغة وألا يجب أن يكون ذلك أولوية مُلحّة لدى الحكومة دون طلب.
إلى أين وصل مشروع سكة الحديد الوطني الذي جرى استملاك مساره باستثناء منطقة الصريح وجزء من منطقة الحصن، والذي جرى تثبيت مساره المار فيهما، وقامت وزارة النقل بمخاطبةِ الحكومة ِبإجراء الاستملاك وتعويض المالكين تعويضاً عادلاً إلا أننا لا نجد بنداً في موازنة عام 2020 الأمر الذي الحق ويلحق ضرراً بالغاً بالمالكين ويحول دون انتفاعِهم واستغلالِهم واستعمالِهم وتصرفِهم بملكيتِهم التصرف الذي يبيحه القانون – أنتظر إجابة الحكومة.
وأتسأل هنا ما موقف الحكومة من مؤسسات تمويل وإقراض المرأة بفوائد عالية، وهي مؤسسات وكأنها حق أُريد بها باطل - ضمانة هذه المؤسسات المرأة ذاتها دون رقابةٍ من الدولة، فهل وصلنا في مجتمع محافظ يُقدّس المرأةَ إلى مرحلةٍ يُسمح فيها أن تكون المرأة بحد ذاتِها ضمانة – الحقيقة أن الحكومة ما زالت تغمض عينيها وتصم أذانها وكأنها في وادٍ أخر، المجتمع الأردني الحر اليوم يحتاج من الحكومة إلى موقف. فهل من موقف يا حكومة النهضة؟
حفظ الله الوطن بقيادته الهاشمية وابقاه حراً سيدا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته