عام شديد ..
الخميس-2020-01-02 10:58 am

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب ابراهيم عبدالمجيد القيسي
حتى وإن تم تعميم الوصف على العامين؛ المنقضي والذي انطلق، فهما على الأردنيين شديدان، ونتحدث هنا عن الشأن العام بالطبع، وهو موضوع يقودنا دوما إلى صاحبة الولاية، وسائر السلطات..
ولا أستثني سلطة الرأي العام التي أصبحت نهرا لجّيا متضاربا، يموج يمينا ويسارا، وأضحت نواتجه شأنا عاما باهتا غائبا، ضحلا، خاليا من خطاب يتضمن افكارا وطنية حقيقية.
الاحتمال الموضوعي الذي تتزايد نسبة حدوثه، متعلق بالأشهر الأربعة القادمة، فهي موضوعيا تمثل ما تبقى من عمر الحكومة الحالية الافتراضي، إن لم تستدع الظروف تغييرا مفاجئا مبنيا على إخفاق ما أو أزمة كبيرة أو قضية تزيد الرأي العام فوضى، فالاستحقاق الدستوري لعمر مجلس النواب ينتهي بانتهاء الدورة العادية الأخيرة مع نهاية نيسان، وفي أفضل الأحوال قد يمتد عمر المجلس لمدة شهرين قد يتضمنان دورة استثنائية، تناقش قوانين مهمة تخدم أحداث الربع الأخير من عام 2020 الجديد الشديد، لكن الثابت في الدستور بأن حل الحكومة يأتي بعد أيام على صدور الإرادة الملكية السامية بحل مجلس النواب، وقد تأتي حكومة مؤقتة لتسيير أعمال، أو تبقى حتى انتخاب ثم اجتماع مجلس النواب القادم، وتتعرض لاختبار الثقة الدستوري.
الحديث الذي يستغرقنا بهذه المرحلة متعلق دوما بالحكومات الجديدة، وفي الدرجة الثانية يأتي موضوع الانتخابات، باعتبار أن هذه حدود ثقافتنا السياسية في التغيير والبناء والإصلاح والتطوير..
وأمام هذه الطريقة من التفكير الموروث السقيم، الذي ترفده "مراوح خطابية وسياسية عديدة" فتزيده اشتعالا، أطرح سؤالا: لو قمنا اليوم بتشكيل 10 حكومات وانتخبنا 10 مجالس نواب دفعة واحدة، فهل ستجد مشاكلنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية "والوجودية" حلا مناسب نهائيا؟!.
علينا أن نتحرر من النمطية في التفكير والابتعاد عن النظرة التقليدية في التقييم والنقد، فهي في أفضل حالاتها موضوعية تكون مجرد نظرة جزئية، لا تشمل كل الوطن وقضاياه ومواطنيه، فكيف بها أن تشمل مستقبلا أفضل لـ "الدولة" كلها.
بغض النظر عن الحكومات وتركيبتها، حققنا قفزات في إدارة شؤون الدولة في الأعوام الأخيرة، ولا أنوي الخوض بالتفاصيل أو بإقناع الذين مهنتهم السوداوية والتشاؤم والمعارضة التدميرية، لكنني وبناء على قناعاتي التي تتزايد وتتنامى بحكم مهنتي، يمكنني القول بأن الدولة قطعت مسافات إصلاحية كبيرة، وجابهت وما زالت تجابه تحديات وأزمات ثقيلة، سيشتدّ معها الضغط على المواطن وعلى المؤسسات ويحتدم النقاش في قنوات الرأي العام، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: كيف سيكون المشهد لو لم تقم الدولة بتلك الإصلاحات؟ وهو السؤال الذي تمت معرفة إجابته والتحدث بها أردنيا ودوليا: كيف استطاع الأردن مواجهة ما يسمى بالربيع العربي!.
الحكومات أنجزت "نسبيا"، ولا ننكر بأنها أخفقت مرارا، ولعل أهم ما أخفقت به حكوماتنا الأخيرة متعلق بصفات القيادات التي تولّت مواقع إدارة الشأن العام، ولا أتحدث فقط عن بعض بل كثير من الوزراء، فالديناميكية الملحوظة في أداء بعض القيادات، حتى وإن كانت مطلوبة إلا أنها مارست الإغتراب على نفسها، فظهرت بمظهر "تكنوقراط" موغل في البعد عن الناس، غير آبه بالمساحة الناجمة عن هذا الابتعاد، وأثرها على الحوار العام، ولم يرد في أذهانهم: من سيملأ هذا الفراغ الذي اعتادوا أن يتركوه في الاعلام وغيره؟..
وهذا أهم عامل ساهم في تغييب إنجاز الحكومات، وضياع بوصلة الناس، فالمساحة الفارغة احتلها خطاب بصوت عال عشوائي الفكرة وغارق في التشكيك، ويتغذى على تفتيت الثقة بين الناس والدولة والمؤسسات.
نتمنى عاما سلسا للأردن، لكننا لا نخدع أنفسنا بالتمني، بل نطالب الجميع بمزيد من الصدق والالتزام فالقادم أصعب، وأكثر احتدادا وشدّة.

