الهجوم على "الباشا سعد" .. ممنهج ، فزعة ، أم اغتيال ؟
الخميس-2019-12-26 02:04 pm

جفرا نيوز - جفرا نيوز - شادي الزيناتي
رغم "العتب" والنقد الشديد للقطاع الصحي من كافة الاوساط الشعبية وحتى رأس الهرم جلالة الملك عبدالله الثاني الذي ابدى في أكثر من موقع عدم رضاه عن الخدمات المقدمة في قطاعي الصحة والتعليم واصفا اتجاهه بـ "اليساري" فيما يتعلق بهذين القطاعين ، الا ان كل ذلك لا يعني تحميل وزير الصحة الحالي سعد جابر مسؤولية تدهور وترهل القطاع ونقص الخدمات فيه
حكومات عديدة متعاقبة في تاريخ الدولة الاردنية ادى عدم وجود خطط استراتيجية مستمرة وعدم وجود نظرة مستقبلية واعية تواكب تطور المجتمع والتزايد الطردي في عدد السكان وهجرات اللجوء المتتالية وغير ذلك من ظروف ساهمت على اهمال القطاع بشكل كبير، وتدهور الخدمات فيه
اليوم الدكتور جابر يدفع ثمن كل تلك السياسات بحكم وجوده على رأس الهرم الطبي الحكومي ، ومن المسؤولية الادبية والعملية ان يكون المسؤول الاول عما يحدث في القطاع ويواجه كافة التحديات امام الرأي العام والاعلام والجهات الرقابية الاخرى
في ذات الوقت ليس ذنب الوزير اليوم عدم وجود مستشفيات كافية على مستوى الوطن ، وليس ذنبه الازمة الاقتصادية التي يمر بها الوطن التي اجبرت الحكومة على تخفيض اجمالي موازنة الوزارة ، على حساب الاعفاءات الطبية "35" مليون دينار ، ومع ذلك استطاع رفع النفقات الرأسمالية بنسبة 63% ، لتصل نحو 87 مليون العام 2020 سيتم توجيهها لتحديث المستشفيات وانشاء وتوسعة أخرى جديدة
لست ارى مبررا للهجوم الحاد الذي يبدو ممنهجا على شخص الوزير والاساءة لشخصه وخبرته ومسيرته الطبية والعسكرية لاجل غايات واهداف خاصة ، من خلال استغلال احداث قديمة جديدة كـ "انفلونزا الخنازير" وغيرها ، ليتم العمل عليها حتى تصبح كما كرة الثلج ، ليس بهدف انهاء تلك الاحداث ومساعدة الحكومة بكل تأكيد ، بل استغلالها للانقضاض عليها وروكوب موجتها
يتفق الجميع على ضرورة النقد البنّاء وبيان مكامن الخلل والنقص والاحتياجات العامة للمواطن وعدم تجاوز القانون وغير ذلك من امور تصب في المصلحة العامة ، دون اي انقاص من دور احد او الاساءة لشخص اي مسؤول ، من يمتلك الدليل لتجاوز القانون فالجهات القضائية اولى بها ، او حتى الاعلام ، اما ان يتم الاتهام لاجل عطاء لم يتم ، او نقل تم رفضه ، او لتصفية حسابات فهو ما يسمى اغتيال الشخصيات
ما تعرض له الوزير جابر من اساءة وهجوم غير مبرر عبر مواقع التواصل الاجتماعي او حتى تحت قبة البرلمان امر غير مبرر ، بل ومرفوض بكل لغات اللياقة والنقد ، خاصة وان الرجل قضى سنوات عمره في الخدمات الطبية وهي المؤسسة الاكثر انضباطية في الاداء والعمل المؤسسي وانتهى به المطاف مديرا لها ، ناهيك عن خبرته الطبية الطويلة ، وعمله الميداني منذ قدومه على رأس الوزارة ، وانفتاحه الاعلامي غير المسبوق عن نظرائه وزراء الصحة السابقين ، فكل ذلك يجعل لزاما علينا التعامل مع ملفات الصحة بكثير من المسؤولية المتبادلة ، ومنح الرجل فرصته كاملة قبل الحكم عليه
نعي تماما وجود ملفات كبيرة وشائكة امام وزير الصحة ، وعلى رأسها نقص الخدمات والمعدات والكوادر الطبية والتخصصات ، واحيانا الدواء ، وشحّ الموازنة العامة ، وطول امد المواعيد ، والضغط الكبير على بعض المستشفيات كالامير حمزة وعمليات القسطرة ، وضرورة توفير قسم حكومي متخصص لعلاج الاورام يليق بالمرضى وظروفهم وغير ذلك من تحديات ، الا ان ذلك كله يحتاج دعما لا محدودا حين تتوافر النية للعمل ولا تحتاج "لتكسير مجاديف"
كما ان التطور المشهود في بعض مستشفيات وزارة الصحة بعد وضع كفاءات ادارية مشهود لها على رأس تلك المؤسسات ودعمها بشكل مطلق ، ساهم بتطور ادائها وبالتاليي تقديم خدمات مميزة للمرضى ، وعلى رأس تلك المؤسسات الطبية مستشفيات الزرقاء والبشير والامير حمزة ، وهذا يحسب للوزير وادارته رغم ملاحظات عديدة على بعض المديريات التابعة له كالزرقاء تحديدا التي باتت سمتها المحسوبية والتخبط
ختاما .. يحقّ لنا التساؤل عن الهدف المرجو من ذلك الهجوم على شخص الوزير ، حيث انه ومن كل بدّ ليس للتحفيز او لكشف تجاوزات معينة او للاخلال بواجب، فهل هو فزعة ام تصفية حسابات ام حملة ممنهجة تستهدف الرجل لاغتيال شخصيته ؟ مما يفتح ذاكرة الاردنيين عن هجوم مماثل قد تعرض له وزير النقل خالد سيف بداية عهده من قبل ثلة وجهت الراي العام وسبقهم في ذلك العديد من المسؤولين .. فإلى متى ؟

