اخطأ الجنرال وخير الخطائين التوابون
الإثنين-2019-12-23 10:57 am

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي
الإنسان معرض للخطأ والتقصير في جنب الله تعالى، وهذه سنة الله في بني آدم، فهو خلقهم للعبادة التي من أنواعها الاستغفار ولا يكون إلا عن ذنب: من ذا الذي ما ساء قط * ومن له الحسنى فقط.
.كلنا يعرف أن العصمة لله وملائكته فقط من الأخطاء ، حتى أن الأنبياء كلهم كانوا قد أخطؤا ، ومنهم حبيبنا المصطفى عليه الصلاة والسلام عندما جاءه الأعمى، ولم يعتذر إلا بعد أن عاتبه ربه في معاملتة للأعمى ، وكلنا يعرف تلك القصة التي وردت بالقرآن الكريم وسميت سورة باسمها .
يعلم الله أنني لست منتقدا ولن اكون شامتا لما حدث مع الجنرال الحواتمه اثناء تعامله مع أحد المواطنين في منطقة ام السماق ، ولكن ثار عندي الفضول والتعجب من سرعة انتشار الفيديوا عبر التواصل الإجتماعي وكذلك ظهور الكثير من المشرحين والحاقدين الذين وجدوا في هذا الخطأ الحكم على قيادة جهاز الأمن العام وبدؤا يكيلوا له التهم والتجريح من خلال ما حدث مع مديره الذي لم يجلس على كرسيه حتى وقت تلك الحادثه ، كما اثارتني واستفزتني كتابات وتعليقات الكثير من المدافعين عن هذا الخطأ لدرجة أنهم اوصلوا الأمر الى حد أن هناك مؤامرة ومخطط لكمين يقصد من وراءه النيل من الجنرال الحواتمه.
ووصل الأمر الى ظهور بعض ممن يدّعون أنهم محللون وخبراء وصاروا يرشقوننا بالتحليلات التافهه والسخيفة التي لا تصدر إلا من قبل بعض المسحجين والمتنفعين ، ويا للأسف أن كان بعضا من هؤلاء المحللين هم من متقاعدين جهاز الأمن العام .
لن احلل ما حدث بطريقتهم ، ولكنني اجد ان هناك خطأ قد حصل ولكنه ليس بسلوك الجنرال الحواتمه وإنما كان في تعامله هو شخصيا مع هذا الموقف الطارئ حتى وإن كان قد فرض عليه، فكان من الأجدى به ان يتجنب الوقوف او أن يضع نفسه في هذا المكان وأن يقوم بتمرير رقم السيارة وتفاصيلها الى عمليات المديرية ويطلب منهم ان يتعاملوا مع هذا الموقف حسب الاجراءات القانونية.
وبما ان الجنرال قد قام بالاعتذار عن عصبيته وغضبه في نفس الساعة او بنفس اليوم فإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن هناك الكثير من الخير في شخصية الجنرال، ولو أن الغضب قد يكون احيانا مبررا من الانسان مهما كانت شخصيته ومرتبته ، إلا إنها إن كانت قد صدرت من قائد مدرب ومتمرس ويقود أكبر مؤسسة أمنية في تاريخ الأردن فإن ذلك يعتبر على رأي المثل القائل بأن غلطة الشاطر بعشرة.
وهنا اود أن اشكر الله تعالى على أن الحواتمه قد اخطأ في بداية تولي مسؤلياته وانه قد عرف طريق الإصلاح للخطأ من خلال الإعتذار وعدم الاستمرار به .
قد يتساءل بعض الناس عن الخطأ الذي قد ارتكبه الجنرال الحواتمه في ذلك الموقف ، وانا ارد عليهم واؤكد لهم بأن خطؤه الوحيد كان بأنه قد تعامل هو شخصيا مع هذا الموقف ، فهو لم يسب ولم يشتم ولم يؤذي ولم يحجز حرية ذلك الشخص كما ورد بتسجيلات الفيديوا .
والتساؤل الذي قد يدور في ذهن اي شخص كان مراقب لما حدث ، ان الجنرال الحواتمة جزء من الضابطة العدلية ويحق له بالقانون ان يتصرف ويبادر لاستخدام صلاحياته بالتحقيق والتوقيف ، ولكنني اود ان ارد على هذا التساؤل ؟
بأن القوانين والانظمة الأردنية تسند مهمة التحقيقات الأولية للضابطة العدلية ومساعدوها ومنهم رجال الأمن العام ، وحتى تكون هناك مصداقية وشفافية في الموضوع الذي قد يتم التحقيق فيه ، فإنه لايمكن ان يصدر عن المحققين في جهاز الأمن ان يصرحوا بأن مديرهم قد اخطا كما أنهم لا يستطيعون أيضا ان يدينوا مديرهم بخطئ لم يرتكبه .
ولهذا الأمر فإنه ومن الذكاء والفطنة وحسن القيادة دائما ان القائد إذا اخطأ فعليه ان يعترف بخطئه ويقدم الإعتذار عن خطئه من مركز القوة ويصلح الخطأ، وهو الوحيد القادر على ذلك ، وهذا ما فعله الجنرال الحواتمه بعد ما حصل معه .
واخيرا لن يكون هذا الخطأ هو أخر خطأ سيرتكبه الجنرال الحواتمه ولن يكون هو الوحيد من القادة لا في الماضي ولا حتى بالحاضر أو المستقبل من قد لا يرتكب أخطاء ، ولو أن القاعدة والميزة التي قد يتميز بها القادة عادة عن غيرهم بأن اخطائهم قليلة ولكنها كبيرة إن حصلت حتى ولو كانت بسيطة .
إن الذين يخافون الله هم من يعترفون بخطئهم ويصلحونه او يعتذرون عنه لمن أخطأوا بحقهم .
ورسالتي الأخيره للجنرال الحواتمه نحن كمتقاعدين وان كنت قد اتهمتنا بالماضي على الإعلام بالعمالة الخارجية ولم تعتذر عن خطؤك ،إلا أننا سوف نقف معك وندعمك لأجل الوطن والمواطن وسوف نقدم لك النصح والمشورة إن احتجتها أو طلبتها مننا ، ولن نجاملك فيما قد تتخذه من قرارات صغيرة كانت ام كبيرة ،كما أننا لن نسحج لك كما فعل بعض من المتقاعدين لكي تستمر باخطاؤك ويكون هناك ضحايا يتحسبون عليك عند القادر الجبار.
نحن من هذا الجهاز ولا نستطيع ان نخلع عبايته عن أجسادنا وأفكارنا، وسنكون لكم دائما السند والدعم لأجل حماية الوطن والمواطن .

