ما أسباب تعطل البوصلة العربية .. وكيف تسللت قوى إقليمية ودولية لرسم سياسات الإقليم؟
الخميس-2019-12-19 02:30 pm

جفرا نيوز -
جفرا نيوز – سعد الفاعور
لايبدو الوضع العربي مطمئناً، كما أنه لايبعث على السرور، في ظل تكرر مشهد تعطل البوصلة العربية التي لم تعد تؤشر على إجماع عربي في حده الأدنى تجاه القدس والأراضي العربية المحتلة!
تعطل البوصلة العربية ليس الأول من نوعه، فمن يرصد التاريخ العربي، يجد أن الأمر تكرر في مفاصل تاريخية ومحطات فارقة من عمر الأمة العربية، في خمسينيات وسبعينيات وتسعينيات القرن الماضي، ثم تكرر العطل مجدداً في نهاية العقد الأول من الألفية الجديدة، مع بدء هبوب ما سمي في القاموس الإعلامي الغربي بحقبة الربيع العربي.
حالة التفرق التي يعيشها العالم العربي جعلته فاقداً للقدرة على إدارة دفة القيادة على صعيد الشأن الداخلي ناهيك عن فقده القدرة على التأثير في أي من الملفات الإقليمية وخاصة ملف القدس وفلسطين، ناهيك عن الملف السوري والعراقي واللبناني واليمني، بينما تبرز جهات دولية وإقليمية كقوى فاعلة ومؤثرة في هذه الملفات.
يؤشر على هذه الحالة الإعلامي في قناة الجزيرة القطرية الدكتور فيصل القاسم، عبر تغريدة رصدتها "جفرا نيوز" يوجه من خلالها سؤال إلى رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد والرئيس التركي رجب إردوغان: هل تعتقدان أنكما تستطيعان النهوض بالعالم الإسلامي بالتعاون مع النظام الإيراني الذي يحتل أربع عواصم عربية ويقتل السوريين والعراقيين واللبنانيين واليمنيين وينهب ثرواتهم ويعيد بلادهم للقرون الوسطى؟
بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع القاسم في تحليله ونظرته للدور الإيراني، إلا أن التغريدة يستشف منها أن هناك حالة ترهل واضح في النظام العربي الذي بات فاقداً للقدرة على إدارة شؤون دوله وشعوبه بمعزل عن التأثيرات الخارجية.
يبرر مراقبون وسياسيون ضالعون في تطورات الإقليم التدخلات الإيرانية بما يسمونه غياب الحضور العربي السلمي والفاعل في ملفات المنطقة، وهو ما ينبه إليه الإعلامي اللبناني البارز الدكتور سامي كليب، الذي يقول في تغريدة رصدتها "جفرا نيوز" ماذا لو رفعت أميركا من سقف ضغوطها الاقتصادية على لبنان، وجددت إيران عرضها الذي قدمته لوزير الخارجية بحل مشكلة الكهرباء مجانا في أقل من عامين، هل يستطيع اللبنانيون رفض ذلك؟ السؤال موجه أيضا إلى الدول العربية الرافضة دورا ايرانيا؟ ماذا تفعلون للبنان كي لا يذهب صوب طهران؟.
تغريدة كليب تكشف كيف يحدث الفراغ في الساحة العربية، بما يسمح للقوى الخارجية استغلال هذا الفراغ والسعي لملئه، فرجل الشارع لن يهمه كيف يحصل على الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية التي يستحقها ومن أي جهة تأتي، طالما أن هذه الجهة ستساهم في حل الإشكاليات المستعصية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
على صعيد الملف الفلسطيني، الموقف العربي يبدو في حالة عجز تام، فلا مواقف تذكر اتخذها النظام العربي لمواجهة الصلف الصهيوني، سواء على صعيد ملف اعتراف الإدارة الأميركية بالقدس عاصمة موحدة للكيان الصهيوني، أو على صعيد نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، رغم أنها أراضٍ محتلة وينطبق عليها القانون الدولي!
فلسطينياً أيضاً، يتكرس العجز العربي بصورة أوضح في قضية أخرى تتمثل بتعرّض المطران عطالله حنا لحالة تسمم ألمت به بعد استنشاقه مواد كيماوية فلا يجد هذا الرمز المقاوم والديني أي التفاتة من النظام العربي وتعجز كل مستشفيات الدول العربية عن توفير الرعاية الطبية اللائقة ويترك الحر وحيداً!
مصرياً، لا يبدو الحال أفضل مما سبق، فالقاهرة تركت وحيدة في حربها الدبلوماسية والمائية مع أثيوبيا التي تصر على المضي في تنفيذ سد النهضة الذي يهدد الأمن المائي المصري والسوداني ويهدد بالتسبب بعطش المصريين والسودانيين، وربما تحول الأزمة إلى مواجهة عسكرية مدمرة في ظل تصريحات أثيوبية تهدد بحشد مليون شخص للحرب إن تطلب الأمر ذلك.
الإعلامي والمراقب السياسي الدكتور نصير العمري يرى أن حالة الترهل العربي وفشل الأنظمة في امتلاك زمام المبادرة لملء الفراغ في الساحة العربية لا يمكن النظر إليه بمعزل عن فساد النخب السياسية التي يحملها السبب في ما يجري بالإقليم، وهو ما تلخصه تغريدته التي يقول فيها: الثوار العراقيون صامدون في وجه الحكومة والأحزاب ومجلس النواب الفاسد.
كيف تمكنت الأحزاب الفاسدة العميلة من توحيد الشارع العراقي ضدهم؟ لأنهم ليسوا عراقيين في ولائهم رغم أنهم عراقيين بالهوية.
النائب طارق خوري يتحدث بوضوح في تغريدة رصدتها "جفرا نيوز" عن الأثر السلبي الذي تتسبب به الواسطة والمحسوبية في تراجع قيم العدالة ودولة القانون، قائلاً: كثير ناس تتجاوز لأنها مركنة على الواسطة والمحسوبية وبوسة الراس وإشرب قهوتك.
يربط خوري في تغريدته بين غياب قيم العدالة وتفشي المحسوبية وبين تراجع هيبة وقوة الدولة، فلا يمكن أن تكون الدولة قوية في التعاطي مع الملفات الخارجية والإقليمية وهي ضعيفة من الداخل.

