لا شرعية في الأردن إلا للدستور ... والملك رأس الدولة وهرمها
الثلاثاء-2019-12-10 04:16 pm

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كتب: خالد النعيمات
منذ أطلق الملك عبدالله الثاني أوراقه النقاشية قبل ما يقرب من سبعة أعوام، وأنا في حيرة كبيرة. فلقد خطى الملك خطوة مهمة تتسم بالدرجة الأولى، بما يجب أن يفعله القائد وليس فقط الزعيم، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وفي ذات الوقت بقيت أصوات السياسيين والنخب من كلا الجانبين – الموالي والمعارض – تدور في حلقة مفرغة من الشد والشد العكسي وتجاهلوا جميعهم ما قاله الملك في تلك الأوراق.
فبين ليبرالي ومحافظ وعشائري، وبين معارض في الداخل وآخر من الخارج، وبين من يعادي الملك وآخر يعادي الملكة، ضاعت مفاهيم الدولة الحديثة التي نريد، وأصبحنا ندور في حلقة مفرغة من المطالبات الفردية وربما شبه الجماعية (نقابية أو فئوية)، والتي لا ترقى إلى مستوى المطالبات الوطنية.
لقد ضيعوا فرصة - ربما لا زال أمامهم متسع من الوقت – لم تُتح لأي شعب في البلدان العربية، لكيلا أقولالوطن العربي.
الأمر المؤسف حقاً، بدل أن نتبنى خيار ممارسة الضغط السلمي لدعم أوراق الملك النقاشية التي اختار هو بنفسه ألا تكون مفروضة فرضاً، لذا أطلق عليها أسم "الأوراق النقاشية"، تجدنا نستمع في كل يوم للأصوات التي تصنف نفسها بالمعارضة في الخارج ممن يخرجون علينا بشكل دوري بمصطلحات وملفات، يدّعون فيها أنهم قادرون على اختراق كل أجهزة الدولة الأردنية.
لم يسلم أي جهاز من تلك الادعاءات، فالحكومة، ومؤسسة الجيش، والديوان الملكي، والبرلمان، وكل محافظة، وكل مجلس بلدي مخترق، حتى جهاز مخابراتنا الذي تغنينا به كثيراً لم يسلم من تلك الادعاءات.
قدراتهم في الحصول على المعلومات تخطت كل الحدود، فهم قادرون على معرفة لون "بدلة" الملك وماركة حذاء الملكة قبل أن يقررا ما سيرتديان. في كل مرة يخرج علينا (نايف الطوره) وغيره ممن تمددوا سابقاً في رحم الدولة، يدّعون فيها وصولهم إلى مسافات لا يمكن لغيرهم قطع نصفها.
هراء وخزعبلات ومحاولات لممارسة الفهلوة السياسية لا تخرج عن إطار كونها إثارة للشغب. برنامجهم الذي يطرحون لا يمكن السير به خطوة واحدة للأمام.
يمارسون التزوير ويداعبون مشاعرنا الوطنية من خلال الربط بين تاريخ اغتيال البطل وصفي التل وما أطلقوا عليه "سقوط الشرعية"، وكأننا في الأردن قررنا شرعية أخرى غير شرعية الملك والدستور.
يطالبون في إطار شرعيتهم الجديدة بعودة الأمير حمزة لولاية العهد، وإزاحة الأمير حسين، في تجاهل واضح بل فهلوة، للقفز على الدستور الذي يحدد بوضوح من يكون ولي العهد وكيف يتم اختياره.
يدّعون أنهم نخبٌ مثقفة ومليئة، وأكاد أجزم ولا واحد منهم قرأ ما جاء في أوراق الملك النقاشية، وإن فعل فإنه لم يفهم.
يفتحون النار على كل الدولة، ويخوضون حربهم في الفراغ، فأذهانهم مليئة بالوهم. نعم الوهم السياسي الذي يرون أنه الحقيقة المطلقة لما يقبله الأردنيون، فولي العهد عندهم الأمير حمزة، والملكة رانيا بالنسبة لهم فقط زوجة الملك، والملك نفسه بالنسبة لهم مجرد شخص يمكن المقامرة بتغييره أو حتى الإطاحة به، والحكومات هي بشخوص رؤساءها، والمخابرات تدور في فلك من يجلس على أعلى كرسي في إدارتها.
يا سادة أنا على يقين أنكم تبتدعون الأشياء ولا ترون من الحقيقة حتى نصفها، فالأردن أعقد بكثير مما في أذهانكم، الأردن وطنٌ بنيناه مع قادته، ليتجاوز حدود الزمان والمكان.
أخيراً: هذا هو نظامنا السياسي الذي ارتضينا منذ تأسيس الدولة، فإن كنتم لا ترغبون به، فهذا شأن لا يعود لكم وحدكم، فهناك من الأردنيين الكثيرين ممن ارتضاه ولا زال يرتضيه. لا نطلب منكم الموالاة بالمطلق ولكن عليكم واجب القبول.

