ظاهرة الانتحار
الإثنين-2019-12-09 05:07 pm

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - احمد البخيت مدير محكمة جنوب عمان الابتدائية
الانتحار ظاهرة اجتماعية عامة لا يخلو أي مجتمع منها فوجدت منذ خلق البشرية وحتى يومنا هذا . حيث يشهد العالم ولا يزال اهتماما بالغا بهذه الظاهرة التي أخذت تزداد يوما بعد يوما , خصوصا مع ازدياد التكنولوجيا و حدوث الأزمات التي حلت على البشرية بكافة أنواعها الاقتصادية , السياسية , الثقافية , وكذلك نتيجة للحروب المستمرة التي تهدد المجتمعات ,كل هذا أدى الى ان يصبح الانتحار ظاهرة سلوكية اجتماعية واسعة الانتشار في جميع اقطار العالم( الرشود ,2006) .
تعد قضية الانتحار من القضايا الهامة التي حظيت بالاهتمام العام من قبل العديد من المؤسسات الاجتماعية والأكاديمية والنفسية . وهي من المشاكل الاجتماعية المؤثرة في أي مجتمع تتفشى فيه هذه الظاهرة ، كما أنها تهدد بقاء أي مجتمع لأنها تؤدي إلى
تناقص في عدد أفراد المجتمع ،وتمثل فشلاً فردياً و جماعياً فيا لتكيف مـع المعايير الاجتماعيـة ، ومؤشراً على عدم تقبل الأفراد للنظام الاجتماعي (البدانية، 1995) .
تشير الاحصائيات الجنائية في معظم دول العالم الى أن نسبة الانتحار في تزايد مستمر حيث أنه بانتشار التصنيع وتعقد الحياة واشتداد الصراعات وتصاعد المشاكل ترتفع نسبة الانتحار, حيث أشارت تقارير منظمة الصحة العالمية الصادرة في عام 2013 الى أن هناك أكثر من مليون ومئتي ألف شخص يقدمون على الانتحار سنويا على مستوى العالم , أي ثلاثة ألاف شخص ينتحرون يوميا , أضافة لذلك فان كل محاولة انتحار تامة تقابلها عشرون محاولة فاشلة , أي أن هناك ما يقارب 20 الى 60 مليون محاولة انتحار على مستوى العالم سنويا وهناك تقارير تشير الى ان 5% من سكان العالم حاولوا الانتحار مرة واحدة على الأقل في حياتهم , و وفقا لتوقعات منظمة الصحة العالمية الصادرة في عام 2007 فأن معدلات الانتحار سوف ترتفع على مستوى العالم بنسبة 50% بحلول عام 2020 لتصل أعداد المنتحرين في العالم الى مليون ونصف المليون منتحر سنويا ( المغربي ,2015 ) .
الانتحار في البلدان العربية
في البلدان العربية وعلى الرغم من افتقارها الى سجلات وطنية دقيقة لإحصاء المتنحرين بها إلا أن الدراسات و التقارير المتوفرة تشير الى الارتفاع المستمر في معدلات الانتحار , حيث بلغت تلك المعدلات وفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية لعام 2013 اربعة حالات انتحار لكل (100,000) نسمة بعد ان كانت حالتين لكل (100,000) نسمة من السكان , مما يشير ان الانتحار اصبح من الظواهر المقلقة التي تهدد الامن والسلام الاجتماعي في البلدان العربية , وعلى رغم من تأكيد تقارير منظمة الصحة العالمية على ان معدلات الانتحار في البلدان العربية لا تزال متدنية مقارنة بمثيلاتها في كثير من دول العالم وخاصة اوروبا و أمريكا و الدول الاسكندنافية - وفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية الصادرة لعام 2013- فقد احتلت كل من مصر و المغرب وتونس و الجزائر المراتب الاولى في الانتحار على مستوى الوطن العربي كما أتت كل من لبنان وسوريا ودول الخليج في ذيل القائمة ( حسن ,2018) .
وقد بين عبد الرحيم (2006) أن الانتحار أصبح ظاهرة مقلقة في السنوات القليلة الماضية في أغلب البلدان العربية حيث أشارت الإحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 78 %ممن يقدمون على الانتحار تنحـصر أعمارهم بين 17-40 عاماً، وأغلب دوافع التخلص من الحياة يدخل فيهـا التـدهور الاجتمـاعي والاقتصادي والفشل، كما أشارت الأرقام إلى أن ما بين 11 ألف و14 ألف شـاب وفتـاة ينتمـون لبلدان عربية منها اليمن والأردن والكويت، يحاولون الانتحار كل عام.
الانتحار في الدين الإسلامي
لقد جاء الاسلام ومن قبله الديانات السماوية لينظم حياة الناس كافة ويضع الحلول لكافة المشاكل التي تواجههم في حياتهم . فوضع العقوبات للأفعال التي تعتبر تعديا على النفس البشرية , فلا يجوز التعدي عليها , فجاءت الآيات القرآنية و الأحاديث الشريفة مشددة في هذا الجانب لخطورة الفعل , حيث حرم الله عز وجل قتل النفس تحريما قاطعا وذلك كما ورد فـي الآية الآتية : بقوله تعالى " يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما" ( النساء , آية 29),وعن أبي هريرة رضي الله عنـه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قتل نفس بحديدة فحديدته في يده يتوجا بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يحتساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا , ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا " رواه البخاري ومسلم , وإن علة تحريم الانتحار شرعا أن الله سبحانه وتعالى هو صاحب الروح التي أستودعها جسد بني آدم , فلا يملك الإنسان من تلقاء نفسه التخلص منها لأنها أمانة عنده , ولأن الله تعالى هو وحده من يحيي وهو وحده من يميت.
تعريف الانتحار
من الصعب الوصول الى تعريف واضح ومحدد ينطبق على السلوك الانتحاري ويفسره . لكن الاختلاف في تحديد معاني ومفاهيم الانتحار هو جزء من اختلاف الدارسين في العلوم الاجتماعية بشكل عام و علم الاجتماع بشكل خاص , فالوقائع الاجتماعية تحتمل دائما أكثر من معنى و لا تجتمع في سياق واحد
فالانتحار لغويا : هو عملية قتل الذات بذاتها حيث أنها كلمة لاتينية تتكون من جزئي ( cadre) بمعنى قتيل و (sui) بمعنى النفس او الذات ( كلثوم , 1996) .
وفي اللغة العربية يعني الانتحار : قتل النفس فهو مشتق من الفعل الثلاثي نحر أي ذبح ويقال نحر البعير أي طعنه في منحره وتناحر القوم على الشيء وانتحروا : أي تشاحنوا عليه فكاد بعضهم ينحر بعضا من شدة حرصهم , وفي لسانالعرب وجد معنى الفعل انتحر، وهو إصابة الإنسان لنفسه بقـصد إفنائهـا، ويقـال أن الانتحار هو الإجهاز على النفس بأي طريقة كانت، ويقال انتحر الرجل أي نحر نفسه وقتلها (ابن منظور)
تناول العديد من العلماء تفسيرات كثيرة للانتحار، وحاولوا جاهدين تعريف الانتحار والتمييـز بـين أنواعه ومعرفة الأسباب والدوافع والظروف وراء الإقدام على عمليات الانتحار ومن أبرزها :
أميل دوركايم : يعتبر دوركايم أول من تعرض لدراسة وتحديد مفهوم الانتحار وفق أسس علمية تندرج تحته مفهوم و اعراض السلوك الانتحاري , حيث عرف الانحار بأنه "كل حالات الموت التي تنتج بصورة مباشـرة أو غير مباشرة عن فعل إيجابي يقوم الفرد به بنفسه وهو يعرف بأن هذا الفعل قد يصل به إلـى المـوت ")خضور، 1999) , يركز تعريف دوركايم على مسألة إدراك الضحية للفعل و نتائجه (الموت ) فهو يستثني الأفعال التدميرية غير القصدية , أي التي يقوم بها الاشخاص عن غير وعي بنتائج الفعل , كما انه ينفي عن هذا الفعل سمة السلوك المرضي
وعرفه كارل منجرهو " فعل قتل الإنسان نفسه بالطريقة التي يختارها سواء أكان الموتالناتج عاجلا أم آجلا ". فبهذا التعريف يخلط كارل بين الانتحار وبين أنـواع أخـرى مـن السلوك المقارب للانتحار كالرهبنة والتنسك والتصوف والزهد( سمعان، 1964) .
أما بالنسبة لهليفاكس الانتحار هو "حالة الموت الناتج عن فعل يأتيه الضحية بنفسه بقـصد قتـل نفسه وليس التضحية بها لشيء آخر، أي هو موت إرادي يقدم عليه الفرد للخلاص مـن مـشاكله وصعوباته الغير محتملة التي نشأت من حياته في الجماعة، ويقوم بنفسه بالوسيلة التي تحقـق لـه انتحارا تاما"(مكرم، 1985) .
ويشير وليام الخولي الى ان الانتحار الجسدي هو انتحار صريح حيث يقتل الفرد نفسه أما الانتحار النفسي فهو نوع من الانتحار غير الصريح حيث يزهد بعض الأفراد في الحياة تماما و يبغضونها وتدفعهم عوامل اليأس الى تحطيم أنفسهم فيصابوب بحالات مرضية(فايد ,1998 ).
اما شارلز وندلفقد عرف الانتحار هو " الفعل الذي يصدر عـن إنـسان يفضل الموت عن وعي ورغم قدرته على اختيار الحياة دونما ضرورة أخلاقية " (سمعان، 1964)
وقد عرفهرتشوبونربأنه " سلوك دينامي معتمد وهو عبارة عن عمليـة مركبة من مراحل مختلفة تبدأ بتصور الانتحار الكامن ويتقدم خلال مراحل من تأمل الانتحار ومن ثم الانتحار النشط "( فايد، 2004)
وبالنظر إلى التعريفات التي طرحها العلماء نجد أن المحور الذي ارتكز عليه العلماء ،هـو قتل النفس، أو التفكير في إنهاء الحياة فكل منهم أعطى هذا المصطلح حقه في التفسير مـع وجـود بعض التشعبات في بعض التفسيرات . ولقد ميز بعض الباحثين بين نوعين مـن الانتحـار همـا الانتحار الحقيقي أي الموت الجسدي والانتحار النفسي، وهذا ما يؤكده تعريف كارل منجر حين قال قتل الإنسان نفسه بالطريقة التي يختارها سواء أكان الموت عاجلا أم آجلا
يمثل الانتحار قمة الدراما الإنسانية فالإنسان في موقفه الانتحاري تتنازعه قوتان قوة القاتـل وقـوة القتيل معا، قوة الجاني وقوة المجني عليه في وقت واحد، وذلك حين يدير الإنسان قدرته على الفعل لتدبير ذاته وهدم كيانه وإعدام وجوده، وهل يعني عجز الإنسان عن حل مشاكله وعن إدارة أمـوره وعن عدم المقدرة على التغلب على أزماته ومشاكله هو أن يسلك طريقا يهرب فيها من حل مشاكله بإنهاء حياته أو ما يسمى بالانتحار(العنزي،2009)
الانتحار هو الموت القصدي , حيث أن الشخص الذي يقدم على الانتحار , تشير جميع تصرفاته التي يسلكها الى هذا الفعل السلبي بل و المميت , وتتمثل وسائل الانتحار بأخذ جرعة كبيرة من أحد الأدوية , او إلقاء النفس من ارتفاع عال , او باستخدام المسدس لأطلاق عيار ناري على النفس , او بقطع الشرايين بواسطة أداة حادة مثل السكين وغيرها من السلوكيات الانتحارية التي تؤدي الى الوفاة
أسباب الانتحار
الشخص الذي يحاول الانتحار هو شخص يحاول ان يجد مخرجا للأزمة التي يمر بها في حياته او يحاول الهروب منها لأنها من وجهة نظره يستحيل التعامل معها . لا يمكن عزو الانتحار لسبب واحد , حيث أن السلوك الانتحاري هو ظاهرة معقدة تتأثر بعدة عوامل مع بعضها البعض , عوامل شخصية اجتماعية نفسية ثقافية بيولوجية و بيئية , في حين أن العلاقة بين الانتحار والاضطرابات النفسية مثبتة جدا , ويقع العديد من حالات الانتحار بشكل كبير في لحظة الأزمة
كما ان هناك عوامل تساعد على الانتحار مثل المشاكل المالية وفقدان العمل ,من الأسباب التي تؤدي الى الانتحار الإصابة بالأمراض المزمنة و العوامل الوراثية والبيولوجية , حيث ترتبط التغيرات الوراثية في عدد من الأجهزة العصبية الحيوية بالسلوك الانتحاري على سبيل المثال , ترتبط المستويات المنخفضة من مادة السيروتونين الذين يعانون من اضطرابات المزاج والفصام واضطرابات الشخصية بمحاولات انتحار , وهناك مواقف قد تزج بالشخص للتفكير في وضع نهاية لحياته منها :
التقدم بالسن .
موت شخص عزيز له .
التعرض للأذى النفسي .
الاصابة بمرض عضال .
فشل علاقة عاطفية .
اهمال المراهق او الإساءة اليه .
العزلة الاجتماعية والوحدة .
البطالة والادمان و التسلط والوضع الاقتصادي .
النظريات المفسرة للانتحار :
هناك نظريات عديدة تناولت موضوع الانتحار بالدراسة والتحليل ومن أبرز هذه النظريات :
اولا – النظريات النفسية
نظرية التحليل النفسي :
مؤسس هذه النظرية فرويد حيث يرى أن الانتحار هو نتيجة اخفاق دوافع الفرد العدائية نحو التعبير عن نفسها , فيتم توجهها نحو الذات فيتم تدميرها (القتل) .والذي يحرك تلك الدوافع العدائية اضطرابات نفسية كالاكتئاب , أي تفسير نفسي عبارة عن حالة انفعالية يعاني منها الفرد من الحزن وتأخر الاستجابة و الميول التشاؤمية واحيانا تصل الى درجة الميل الى الانتحار
النظرية المعرفية :
تعزو هذه النظرية السلوك الانتحاري الى وصول الفرد الى مرحلة الاكتئاب و اليأس وفقدان الامل وتضخم السلبيات ويحدث ذلك عندما يشوب البناء المعرفي للفرد بعض الاختلالات و الاضطرابات التي تؤدي الي التشويه المعرفي الحاد , فالفرد يشعر باليأس الذي يدفعه الى التخلص من حياته بالانتحار عندما يدرك الموقف ويفسره علىأنه ينطوي على خسارة او هزيمة او حرمان او فقدان لموضوع بالغ الاهمية
نظرية - الاضطرابات النفسية المتسببة بالانتحار
هناك علاقة بين الاضطرابات النفسية و الانتحار فمثلا الاكتئاب مرتبط بالانتحار بدرجة عالية
ثانيا - النظريات الاجتماعية
نظرية دوركايم : وهي نظرية وضعها عالم الاجتماع الفرنسي اميل دوركايم في كتابه الشهير الانتحار عام 1898 م , حيث يرى أن الانتحار ظاهرة فردية ترجع الى الفروق الفردية بين الأفراد . وهي ليست فروقا نفسية وانما ترجع الى بعض الخصائص الاجتماعية لكل فرد من الأفراد وفقاللظروف التي يعيش فيها سواء في الاسرة او العمل وهي تنعكس على وعيه الفردي وقسم دوركايم الانتحار الى اربعة أقسام ( العربي ,2015) :
الانتحار الإيثاري : وهو الاستشهاد و الفداء ويحدث عن تضحية الفرد بنفسه من اجل الجماعة ويرى الفرد ثمن بقاء الجماعة أهم من بقائه كفرد , ويحدث تحت القهر الاجتماعي
الانتحار الأناني : يحدث هذا نتيجة فشل الفرد في التوحد مع المؤسسات الاجتماعية ويمتاز بضعف الروابط الاجتماعية بين الفرد والجماعة ويحدث تحت تاثير ضغط عوامل التفكك الاسري
الانتحار اللامعياري (الفوضوي) : يحدث إثناء فترات الاضطرابات و اختلال التنظيم الاجتماعي و التغيرات الاجتماعية الحادة والأزمات الاقتصادية الشديدة , حيث أن في حالة حدوث تغيرات اقتصادية سريعة وايجابية قد تؤدي الى عدم اشباع حاجات الافراد وبالتالي تؤدي الى الانتحار وفي المقابل وفي حالة التغيرات الاقتصادية السلبية قد يجد الافراد صعوبة في التأقلم مع مستويات المعيشية المتدنية وبالتالي يؤدي الاى الانتحار
الانتحار الإجباري (القدري) : يحدث نتيجة فرض نظام اجتماعي صارم على فئة من الافراد كعمال السخرة او العبيد حيث لا امل في الحرية ولا خلاص في المستقبل .
نظرية الضبط الخارجي:
صاغ هذه النظرية كل من هنري وشورت بوحي من نظرية دوركايم , حيث قامت هذه النظرية عل اساس علاقة الانتحار بالقوى الاجتماعية الترابطية وتفيد بأن الفرد يرتبط بقوتين اجتماعيتين الاولى : افقية وتمثل قوة العلاقات الاجتماعية والثانية عمودية تمثل موقع الفرد في التدرج الاجتماعي و المركز والسؤولية وهاتين القوتين تمارسان الضغط و الضبط الخارجي على الفرد كلما زاد هذا الضبط زادت مناعة الفرد ضد الانتحار وبالعكس كلما خف الضبط الاجتماعي على الفرد اصبح اكثر ممارسة للحرية و التصرف الشخصي ومن ثم قلت مناعته وزاد احتمال انتحاره (المغربي ,2015)
ثالثا - النظرية الاقتصادية
ترى هذه النظرية أن تردي الاحوال الاقتصادية و المالية والمعيشية للفرد من اهم دوافع الانتحار . تزداد حالات الانتحار مع صعوبة الحالة الاقتصادية للمجتمع ( حسن ,2018).
الانتحار في الاردن
الاردن كغيره من البلدان لا يخلو من هذه الظاهرة الاجتماعية المنتشرة عالميا -ظاهرة الانتحار- فقد وقع في الاردن عدد من الحالات الانتحار .حيث أظهر التقرير الإحصائي السنوي لعام 2018 والصادر عن دائرة المعلومات الجنائية ، الزيادة المستمرة في حالات الانتحار التام في الأردن خلال السنوات الماضية، حيث وصلت حالات الانتحار التام الى 142 حالة خلال عام 2018 وبنسبة إرتفاع بلغت 12% مقارنة مع عام 2017.
زادت حالات الانتحار في الأردن مؤخرا بشكل نستطيع القول أنها اصبحت ظاهرة لا بد من الوقوف عندها ومعالجتها من الناحية القانونية , فلا نكد نقرأ المواقع الاخبارية يوما إلا ونجد محاولة انتحار او حالة انتحار من فوق جسر او بناية او برج , او تناول ماد سامة وغيرها من الطرق الانتحار . وليس هنا لبيان أسباب ظاهرة الانتحار .
من الناحية , نجد أن الشروع في الانتحار هو الذي يتصور ان يتم تجريمه وان يتم توقيع عقوبة على من شرع في الانتحار ولم يكتمل فعله لسبب خارج عن ارادته , فالشروع في الجريمة بشكل عام حسب المادة 68 من قانون العقوبات الأردني هو البدء في تنفيذ فعل من الأفعال المؤدية الى ارتكاب جناية او جنحة لكنه لم يتمكن من اتمام الأفعال اللازمة لحصول تلك الجناية او الجنحة لحيلولة اسباب لا دخل لإرادته فيها .
قانون العقوبات الأردني لا يجرم الشروع في الانتحار لأن تجريم الشروع في الانتحار يستوجب أن يكون الانتحار نفسه جريمة من نوع الجناية او الجنحة , وطالما أن المشرع لم يجرم الانتحار فمن باب أولى لم يجرم الشروع فيه . من هنا وأمام انتشار ظاهرة الانتحار في الاردن كان لا بد من تعديل قانون العقوبات بحيث يجرم الشروع في الانتحار ويجعله سلوكا مجرما , وهذا أمر اعتقد لزاما على الدولة الأردنية التفكير به بشكل جدي ومعالجته قانونا حتى نحد من انتشار هذه الظاهرة
ولنا في بعض التشريعات المقارنة الامثلة التي تجرم الشروع في الانتحار كالقانون السوداني مثلا او القانون الهندي والإيطالي و السويسري و الانجليزي وبعض قوانين الولايات المتحدة الامريكية , ولا نريد الابتعاد كثيرا في التشريعات المقارنة , اذ لنا في الاردن خير مثال وهو قانون العقوبات العسكري في المادة 46 منه التي عاقبت كل من حاول الانتحار بسبب الخدمة او التخلص منها او احتجاجا على تصرفات القادة او الرؤساء واذا ادى الفعل الى جعله غير لأئق للخدمة العسكرية نهائيا او الى وضعه في خدمات ثابتة يعاقب بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات .
تشير معدلات جريمة (الانتحار ) في الاردن لكل 100 الف نسمة الى الارتفاع النسبي بشكل عام لكل عام عن العام السابق , حيث وصلت الى أعلى مستوياتها عام 2018 بلغ المعدل 1.45 جريمة لكل 100 الف من السكان .
معدل عدد جرائم الانتحار لكل (100 الف) نسمة في الاردن للاعوام (202014-2018)
العام
عدد السكان
عدد جرائم الانتحار
معدل الجريمة لكل 100 الف نسمة
نسبة ارتفاع عدد الانتحار
2014
8.809 مليون
100
1.14
-
2015
9.159 مليون
113
1.23
13%
2016
9.456 مليون
120
1.27
7%
2017
9.702 مليون
130
1.34
10%
2018
9.824 مليون
142
1.45
12%
www.worldbank.org المصدر: (مؤشرات التنمية العالمية)
المصدر: احصاءات مديرية الامن العامإدارة المعلومات الجنائية
المراجع
القران الكريم .
بداينة، د. ذياب (1995) . جريمة قتل النفس في المجتمع الأردني : دراسة من وجهة نظر علم الاجتماع، مكتبة أمان للمصادر والمراجع، جامعة الملك سعود , المجلد7 ،العدد 2 .
حسن , د.حيدر فاضل (2018) . الانتحار (دراسة نظرية) , مركز البحوث التربوية و النفسية , جامعة بغداد .
خضور، نور الدين (1999) . الانتحار ماضيه وواقعه ووسائله، الطبعة الأولى، المؤسسة الحديثة للكتاب . طرابلس، لبنان .
الرشود , عبد الله بن مسعود (2006) . ظاهرة الانتحار، التشخيص والعلاج. جامعة نايف للعلوم الأمنية، الرياض.
سمعان، مكرم (1964 ) . شكلة الانتحار، دراسة نفسية اجتماعية للسلوك الانتحاري بالقاهرة دار المعارف , مصر .
عبد الرحيم، عادل ( 2006) . مكان العرب في ظاهرة الانتحار.
العنزي , فوزة (2009) . انتحار النساء في مدينة الرياض , مركز أسيا للبحوث والدراسات.
فايد، حسين (2004 ) .دراسات في السلوك والشخصية، ط1 ،القاهرة، مؤسسة طيبة للنشر والتوزيع.
10-فايد، حسين (1998) . الفروق في الاكتئاب واليأس وتصور الانتحارمن طالبات الجامعة وطلابها، دراسات نفسية تصدر عن رابطة الاخصائيين النفسية، مصر.
11-كلثوم , تكفي (1996). الانتحار في المجتمع , دراسة سيولوجية ميدانية على مستوى مدينة الجزائر , رسالة ماجستير , جامعة الجزائر , الجزائر .
12-مصطفى , عمور(2018) .ظاهرة الانتحار في المجتمع الجزائري , دراسة ميدانية على مستوى ولاية بجاية , مجلة الباحث في العلومالإنسانية و الاجتماعية , العدد 33 .
13-المغربي , ابراهيم حامد (2015) .الانتحاررؤية تكاملية , المكتب الجامعي الحديث , الإسكندرية , مصر .
14-مكرم، اسكندر (1985 ) . أدباء منتحرون، دراسة نفسية، دار الراتب الجامعية للنشر , القاهرة.

