كيف اصبح "حزب الفيسبوك" هو الأكثر تأثيرا في الأردن؟.."مارد"يرعب الجميع..سياسيين وفاسدين وصالحين..
الإثنين-2019-11-17 09:46 am

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - عصام مبيضين
هل أصبح "حزب الفيسبوك"هو الأكثر تأثيرا في الأردن مثل باقي الدول العالمية، يطبخ الأحداث ويروى المواقف، ويهندس الامور، ويساهم في عمليات صناعة الرأي العام في المشهد المحلي، ويحدد البوصلة مدفوعا في سقف حرية بلا حدود محلقا فوق الخطوط الحمراء والممنوعات مستفيدا من أجواء الحرية والوعي السياسي.
حيث استطاعت الشبكات الفيسبوكية التقاط واصطياد المتذمرين والبائسين والمحرومين والمهمشين للتجمع في خلايا متحركة، ونقاط التقاء مشتركة بدون لقاء في حرب الافكار، مع اجتذاب بذور الدعم ، وفتح نوافذ شهية الخوض في كل المواضيع والتابوهات، مهما كانت حساسيتها خاصة في المناطق البعيدة.
كل ذلك جعل "حزب الفيسبوك" ، عالميا وليس محليا ، مشكلة تؤرق الدول والنخب ، "مارد" يرعب السياسيين والنخب والفاسدين والصالحين، حيث الأفاق المفتوحة للجميع للثرثرة والكلام ، وعرض قضاياهم وكسر التابوهات،حيث تخلتط الاراء في التقارير والحقائق في الكذب والصح في الخطأ والغاضبين مع العقلانيين،والمثقفين مع الجهلة، في فوضى شاملة خاصة مع استخدام تقنيات الدمج والدبلجة لربط القديم في الجديد بالفيديوهات، وفق ايقاع باروميتر يترصد الأخطاء والزلات لتضخيم دائرة الأحداث بتلاعب سيكولوجي خطير في ذبذبات اللاشعور، فلسفة تعكس نبض الشارع ، تخاطب الغاضبين، تهيج المشاعر، تشحن العواطف وتنقل درجة "نشرة الجو" السياسية في المجتمع يوميا.
ليطرح السؤال الاخطر والاكثر خطورة عن دور مراكز التاثير على شبكات التواصل وراء الستائر ويكون السؤال من يدفع لزمار ؟
ووفق لغة الأرقام حول الأحداث التي تدور في الأردن، ظهرت إحصاءات عالمية محايدة، مؤخرا، أن عدد مستخدمي الشبكة الاجتماعية الأوسع انتشارا حول العالم "فيسبوك” في الأردن ، بلغ حوالي 5.3 ملايين مستخدم حتى نهاية العام قبل الماضي
وتفوق الأردن عندما احتل المرتبة الأولى في مؤشر نسبة عدد مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي البالغين الى عدد مستخدمي الإنترنت، حيث بلغت النسبة في الأردن 90 %.
هذه النسبةـ وفق تقاريرـ تعني أن اغلب الشعب عل الفيسبوك متأثر او مؤثر.
ومن جانب اخر ، ووفق إحصاءات أخرى جاء "الفيسبوك" في المرتبة الثانية بنسبة 8ر23 بالمئة،اعتماد على مصادر الاخبار في الأردن بعد الوسائل الاخرى.
وعلى العموم انه عالم جديد ، ثورة رقمية ديمقراطية شعبية جديدة ، شكل مختلف حيث التفاعل الرقمي في وسائل التواصل الاجتماعي، أتاح لعموم الناس الكتابة "التعليق" على المنشور الرقمي، واطلقت صوت من لاصوت لهم ، رغم انه بنظر البعض لها انها تحمل شيئا من البشاعة.
ورغم اختلاف الكثيرين مع الكاتب "أمبرتو إيكو "حين تحدث عن «اجتياح البُلهاء» للشبكات الاجتماعية فقال: إن هذه الشبكات أعطت الحق في التحدث لجحافل من الحمقى، الذين كانوا قبل ذلك لا يتحدثون إلا في الحانات بعد كأس من النبيذ، ولم يكونوا ليقدروا على إلحاق أي أذى بالمجموعة؛ كان الناس يُخرسونهم على الفور؛ بينما صار لهم اليوم الحق في الحديث
لكن هذا منطق ولغة لا سبيل لايقافها وكثيرون ليسوا مع إسكات هؤلاء الذين يكتبون ويعبرون وهم أصوات متألمة مهمشة فهذا النوع من الكتابة مهم إن عرف قوانين الكتابة وأخلاق الكتاب.
عودة الى الأردن فان شبكات التواصل في حرب مع الشبكات الاخرى ، حرب افتراضية طاحنة ، وفي سجال مع الإعلام الرسمي التقليدي الكلاسيكي الخشبي في حرب نحو قيادة الرأي العام وطرح نبض الشارع بإيجابياته وسلبياته.
ومن الواضح انه قد تغلب "حزب الفيسبوك" ووسائل التواصل الاجتماعي على الوسائل الاخرى وهزمها وجذب الجماهير في مغناطيس ساحر،ولغة شعبية، مما اربك المشهد ،حيث اصبح الجميع متفرجا عليها بلا حول وقوة ،ومعهم وسائل الإعلام التقليدية.
فوجدت الدولة ان الملايين التي تنفقها اغلبها تضيع هدرا، وان مواطن غاضب يشعل الرأي العام وقد يقود الشارع ، ولتكون الدولة واجهزتها تطارد ملايين الآراء والأفكار والأحلام، لتقطيب جروح الفيسبوك اليومية، هفوه اوتصريح ، وهناك ملايين الافكار حيث صائدى الهفوات كثر،وإعادة التدوير اخطر ورغم إن بعض هذه الممارسات من حزب الفيسبوك تُغطي عادة بقصص وهمية،فان الرهان لكسب التأييد مؤقتا، والفوز بقلوب الجماهير،في الحرب النفسية امر خطير على الدولة ، في انتظار ان تنكشف الحقيقة من قبل الشعب الواعي لاحقا ، ولكن قبل خراب مالطا، وهنا قد تكون دائرة الصورة مكتملة بشكل متأخر أمام صانع القرار، ليتمكن من اتخاذ الإجراءات ولكن للاسف بعد فوات الأوان.
على العموم فان الأزمة الحقيقة في مواجهة ملف الأذرع الإعلامية، في حرب الفيسبوك ، هي بنيوية في الأعماق، والأهداف مع ضياع البوصلة في آليات التوجيه، وتداخل الصلاحيات ، وحسم القرار في البث مع" كثر الطباخين " وتضارب الفلسفات وتشريح الولاءات وتفسير النوايا كل ذلك جعل الجهلة سادة وابعد اصحاب العقل في خضم محيط الغباء والتخبط ليطرح سؤال ما هو المطلوب والجميع عاريا؟
أمام رياح التكنولوجيا حرب لا تبقي ولا تذر ،و ان تطبيق فلسفة التأثير امر خطير، حيث ظهر في الواقع وللمختصين وفي الأرقام أن الجماهير أصبح مصادر أخبارها والتأثير عليها من جهات أخرى .
وهنا وفي لغة الأرقام والوقائع، فقدت كثير من وسائل الإعلام التقليدية الزمام، وتلهث وراء العصر والتقليد وأمام انفلات الأمور أصبحت الدولة بحاجة الى اعادة تدوير او تطوير في الماكينات الإعلامية التقليدية او القيام في انقلاب عليها،او الزحف البطيء في التغيير في انشاء مواقع تواصل اجتماعي لتواكب العصر ،و لتتعامل مع نشطاء لتدخل باب الجدل والحوار وصراع الأفكار، وتخوض حرب الاعلام وملء الفراغات التي تنتجها رتابة الإيقاع ،في المشهد الإعلامي الكلاسيكي امام الشبكات حيث إعلام تفاعلي صاخب مجنون يثور ويحشد ويدغدغ المواطنين ويرقص مشاعرهم حسب الطلب مما يجعل هذه الوسائل الجديدة مغرية إلى أقصى الحدود، ليطرح السؤال ما العمل لمواجهة العصر ؟ امر مطروح للنقاش العاصف والتغذية الراجعة وحصاد المردود وعاصفة الاتهامات...

