النسخة الكاملة

في حوار خاص لـ"جفرانيوز" نائل الكباريتي يشخص الازمة الاقتصادية ويضع حلول واقعية

الخميس-2011-10-19
جفرا نيوز -
حكومة البخيت لم تستطع فرض سيادة القانون وتم التطاول عليها على الحكومة مهمة تحجيم السفارات الاجنبية ومنع تدخلها في الشؤون المحلية سياسة الاسترضاء فاقمت الازمة الاقتصادية الاردنية وضاعفت الاعباء على المواطنين

حاوره لـ"جفرانيوز" - محمد سعادة
الفضل الاول والاخير للتطور الاقتصادي الحاصل في الاردن بوتيرة سريعة مقارنة ببعض بلدان المنطقة، خاصة فيما يتعلق في الاستثمار في المملكة الاردنية الهاشمية هو جلالة الملك المفدى ،بمجهوده المضني وتوجهاته السامية والتي يحاول الكثير تعطيلها ،فجلالة سيدنا الى جانب المساعدات التي يأتي بها من الدول الخليجية ومن الدول الغربية،فانه يعتبر العامل الاكثر جذبا للاستثمارات، فهو يقوم بحملاته الجذبية للاستثمارات بطريقة تعجز عنها اعتى الشركات والمؤسسات الجذبية في العالم ،والدائرة الاقتصادية التي كانت في الديوان الملكي كانت الشاهد الاصدق على قدرات جلالة الملك المفدى وعلى امكانياته غير المحدودة في تسريع عجلة تطور ونمو الاقتصاد في المملكة، لكن تلك الدائرة الفعالة تم الغاؤها والاستعاضة عنها بمستشار اقتصادي لجلالة الملك،وهو في هذه الاثناء عامر الحديدي وهو شخصية فذة مبدعة صاحب باع طويلة وخبرة ممتازة في ادارة الملف الاقتصادي في البلاد وله مصداقية عالية عند القطاع الخاص،لكن تبقى امكاناته محدودة فهو لا يستطيع وحده مجابهة المد العكسي للقطاع الاقتصادي في البلاد. تلك الكلمات استهل بها الاقتصادي الاردني الاول نائل الكباريتي ورئيس غرفة تجارة الاردن وغرفة تجارة العقبة حواره لـ"جفرانيوز" مؤكدا ان سيدنا جلالة الملك عبد الله الثاني رمز المملكة المقدس وحامل لواء عروبتها وداعم امنها واستقرارها فهو اساسها وهو لبنتها الاولى وعلى هذا فلا يجب ان  يكون الشخص الذي يذهب الى الدول الاخرى ويطلب المساعدات ،فهذا تقصير واضح من الحكومات المتعاقبة ومن كل مواطن اردني،فجلالته أجل واسمى من ان يطلب المساعدات لحل تلك الازمات التي وضعتنا بها الحكومات،لكن الاب الحاني يحاول دائما توفير احتياجات ابنائه وهذا ما يقوم به جلالة الملك حفظه الله ورعاه، وهنا تقع على عاتق المواطن شد الاحزمة والتقشف لتجاوز تلك المشكلة الاقتصادية الكبيرة، ولتبقى هاماتنا مرفوعة فخرا بالاردن وبملك الاردن عبد الله الثاني المعزوز،حتى نخرج من هذا المأزق الاقتصادي بعيدا عن المصالح الشخصية والاطماع المادية والمطالب الفردية  والتي برزت في الآونة الاخيرة على يد الكثير من ابناء الوطن بعيدا عن المطالب العامة والتي نعلن دائما اننا معها وبصف مطالبيها ، ونحن على الدوام كنا مع حرية الرأي والتعبير، لكن ان تتطور لتصبح معضلة في طريق التطور الاقتصادي فهذا ما نحاول منعه.

 الاقتصادي نائل الكباريتي اجاب في سياق الحوار على بعض الاسئلة والاستفسارات التي تضع المواطن الاردني في دائرة المعرفة، وتقربه من الواقع الاقتصادي اكثر فأكثر،حتى يُكون صورة مكتملة على وقع الاحداث السياسية وتأثيراتها على الحياة الاقتصادية، ومدى تأثير الحراك الشعبي غير المنظم على الاستثمار في البلاد.

•    ما مدى تأثير الازمة الاقتصادية في البلاد وهل ستطول تأثيراتها على الصعيد المحلي في ظل تقاعس الحكومات في ايجاد حلول منطقية للمأزق الاقتصادي في البلاد ؟
قبل الحديث عن الازمة الاقتصادية العالمية وتأثيراتها على البلاد يجب ان نتحدث عن ترتيب البيت الداخلي في البلاد ،فالازمة الاقتصادية اثرت على كافة دول العالم بمستويات متفاوتة وما زالت الضائقة المالية والازمة الاقتصادية تلوح في الافق على الرغم من اعتقاد الكثيرين ان العالم تجاوز تلك الازمة الاقتصادية ،لكن حسب المعطيات المطروحة فان الضائقة في الولايات المتحدة انتقلت بفعل المضاربات الاقتصادية ،والعلاقات التجارية المشتركة الى كافة انحاء اوروبا وحتى الان لم تتضح ماهية الازمة التي يمكن ان تعمل على خلق لوبي في الكثير من الدول الاوروبية مناهضة للاتحاد ومطالب بالاستقلال عنه.اما فيما يتعلق في الاردن فان حكومة الدكتور معروف البخيت كانت تخضع للشعب ليس بمطالبهم العامة بل بمطالبهم الخاصة وكانت تُغير وجهة نظرها بالكثير من الامور الصائبة تحت ضغط شعبي ، بغض النظر عن طبيعة المطالبات،حتى تناست حكومة البخيت السابقة بفعل تلك الضغوطات استراتيجية اصلاحية وضعت لتصويب الكثير من الخلل في البلاد، وضعت بكل ثقة حتى تصل بالبلاد الى بر الامان.فكان على الحكومة ان لا تنظر الى الشارع الاردني بمطالباته الضيقة لان هناك مصلحة عامة وفي النهاية سوف يستوعب الشارع هذا الامر.وهذا خطأ حكومات متلاحقة تكرر عدة مرات فالرضوخ الى الشارع لا يكون الا بالامور المنطقية وبما فيها مصلحة عامة .ويجب ان نُحيي مخططات اعادة الهيلكة التي توقف العمل بها او تم تأجيلها بفعل المد العكسي للاصلاح فلا يجب ان تبقى الامور على ما هي عليه فيما يخص تلك الشركات والمؤسسات والهيئات الحكومية.

•    كيف يرى نائل الكباريتي اثر الامانة الوظيفية في مختلف الدوائر الحكومية في الاردن بالحالة الاقتصادية ؟وهل يمكن اصلاح الامر باجراء تغييرات في الشخوص القائمة على الوظائف خاصة المالية منها ؟
ان الفساد آفة في كل بلدان العالم ونحن في الاردن نعاني منه ايضا لكنه ليس بذلك التصور ولا بذلك الحجم الكبير،فهو لم يدمر الاقتصاد الاردني بل هو مشكلة كبيرة لابد من حلها او تقليص حجمها ،لكن طريقة الحديث عن الامانة الوظيفية او الفساد وتكرار الحديث عنه جعلت منها المشكلة التي اثرت سلبا الى درجة كبيرة بالاقتصاد في البلاد وبالاستثمار.

فالاردن يمتلك "بفضل الله" مؤهلات علمية وخبرات وقدرات مهنية وايد عاملة لكن الحكومات المتعاقبة تتعامل مع الامر وفق اسس عشائرية بعيدا عن نظرية الشخص المناسب في المكان المناسب،فهَم المسؤول الاول والاخير توظيف ابناء العمومة والاقارب في الدائرة او الشركة التي يتسلم ادارتها،دون تسليط الضوء على الخبرات او القدرات.حتى امست الوظيفة ترتبط بالمحسوبيات والواسطة وترتبط بالعشيرة والجغرافية والتسلسل العائلي والاسم الاخير في الهوية الشخصية اكثر مما ترتبط بالكفاءة والقدرات المهنية وهذا  فاقم المشكلة في دوائرنا الحكومية، مستفحلا في حياتنا اليومية. هذا بالاضافة الى التخبط في السياسة المالية وعدم استقرارها ،وشفافية الارقام التي تطرح في السوق المالي ومصداقيتها، حتى اصبحنا كل يوم نسمع ونرى عن ارقام ونسب مئوية غير صحيحة تخرج من فم وزير المالية،تكون في العادة متضاربة مع معلومات بثها وزير آخر او مسؤول آخر في السلك الحكومي،وعلى هذا فإنه يجب خلق قدرة تنسيقية بين الدوائر الحكومية لكي لا تصبح اضحوكة عند شرائح المجتمع المراقبة.

•    سلسلت الاعفاءات التي عملت بها وزارة المالية، هل كانت لمصلحة المواطن ام لمصلحة المحتكرين؟
الاعفاءات لم تكن دائما على حساب المواطن بل كانت على حساب الوطن ،هذا خطا فادح فلا يجب ان تكون على حساب المواطن ولا على حساب الوطن ،فكثير من الدعم يذهب الى غير مستحقيه وهذا يحمل الحكومة عبئا جديدا، كما ان الكثير من القرارت غير الصائبة تحمل المواطن ضرائب زائدة كضريبة 8% على المحروقات لحساب البلديات المستحدثة،على الرغم من ان المواطن من غير المعقول ان يتحمل تكلفة رغبة الكثيرين في المشيخة هنا وهناك.اذن هناك قرارت مالية تنعكس سلبا على المواطن، كما ان هناك قرارت مالية يجب ان تتخذها الحكومة على الرغم من ان انعكاساتها التي تكون كبيرة بعض الشيء على المجتمع.

•    في ظل تنامي الاحتقان على الشارع الاردني هل يرى الكباريتي ان الحكومة يجب ان لا ترضخ لمطالب ابناء العشيرة في استحداث بلديات في هذه الاونة ؟
 انا برايي ان لكل دولة سيادتها وهذه السيادة يجب ان تحترم بغض النظر عن المطالب ،فسياسة الدولة السابقة التي اوجدت الكثير من البلديات كانت على ما اعتقد تعتمد على سياسة الاسترضاء وايجاد مشايخ وقادة ،لكن للاسترضاء يجب ان يكون حدود وبطريقة منظمة  في دولة المؤسسات والقانون،خاصة في ظل ضعف الانفاق الحكومي والعجز المالي.

فيجب ان يكون هناك استراتيجية حكومية واضحة للعمل وفقها وعدم تجاوزها في كافة الامور،مهما كانت الدوافع .
فيمكن ان يتم استحداث لكل بلدية مكاتب تنظيمية او ادارية في كل منطقة وهذه المكاتب تعمل عمل البلديات وتوجه كتبا رسمية الى البلديات او الوزارت المعنية لاتخاذ اللازمة وتقديم الخدمات وهذا يمكن ان يغني عن الكثير من البلديات بتكلفة متواضعة بعض الشيء ،وهذه احدى الحلول التي يمكن ان تتخذ بعين الاعتبارلتجاوز مشكلة البلديات .

•    هل ترى في الحراك الشارع عقبة في طريق تطوير الاقتصاد في الاردن ؟

بفضل الله تمتاز الاردن عن غيرها من الدول بالديمقراطية فلم يتم اعدام احد سياسيا ولم يتم سجن احد بسبب تصريحات مناهضة لسياسة الحكومة،وعلى هذا فانه حق التعبير وحرية الرأي حقوق ضمنها الدستور لكافة الشعب الاردني، لكن يجب ان تبقى وفق دائرة سيادة القانون،ولا يجب التطاول على السيادة،وعلى الحكومة ان تعمل ايضا جاهدة لتحقيق المطالب العامة وليس الخاصة والتي تحمل بين حناياها اسس الاصلاح السليمة،وهنا يمكن القول للاسف فان الشعب تقاوى على الدولة كما فقدت الدولة احترامها بسبب ضعف القائمين عليها ،وهناك الكثير من الاجراءات يجب اتخاذها للحد من تلك الممارسات التي تسيء للوطن والمواطن. خاصة ممارسة بعض القوى الحزبية والتي تجر الوطن الى الهاوية،فاي تركيبة حزبية تلجأ الى دولة اخرى او تقبل لمساعدات منها يجب ان تحجم وتعاقب من قبل الشعب الاردني ومن قبل الحكومة ،واي تعامل معها بغير تلك الطريقة هي خيانة عظمى ،فالاصلاح في البلاد يجب ان يكون داخليا بدون اي اجندات خارجية ،واذا لم تتعامل الدولة مع تلك الاجندات وتقاعست فان التاريخ لن يرحمها والشعب الاردني ايضا.فالكثير من الحكومات السابقة تقاعست عن واجبها، لكن حكومة البخيت الثانية جاءت في فترة تنامت فيها الحركات الاحتجاجية،لهذا كان يجب ان يكون لحكومة البخيت دور اكبر في الالتفاف حول تلك الحركات بعيدا عن محاولة الاستقطاب التي اتبعها معروف البخيت وحكومته ،وقد راينا ممارسات حكومات ديمقراطية مع حراك الشارع في بريطانية وفي امريكا حيث تم ايجاد لغة القضاء العادل بعيدا عن الهراوات والضرب والتكسير ،فالمخطئ يجب ان يحول الى القضاء العادل والذي وسيبث بأمره بالاعتماد على القوانين فقط.

كما يجب ان تقوم الحكومة بتحجيم السفارات الاجنبية مع كل الاحترام ،ومنعها من التدخل في الامور الداخلية واذا ارادت تقديم المساعدات فان عليها تقديمها للجهات الرسمية لتعمل هي بدورها على توزيعها على المحتاجين حسب الانظمة والقوانيين المتبعة.والحد من تغول تلك السفارات التي تعمد الى إنشاء الجمعيات والنوادي والمراكز واستخدامها كذريعة للوصول الى مؤسسة المجتمع المدني والى الكثير من شرائح المجتمع في المدن والقرى .

•    ما هي رؤى اقتصادي بارز كنائل الكباريتي للخروج من الازمة الاقتصادية التي سببتها حكومات متلاحقة ؟  

لتجاوز الازمة المالية العالقة في البلاد يجب ان نقوم بحل ثلاثة مشاكل: مشكلة الثقة، ومشكلة الخوف، ومشكلة السيولة،مشكلة الثقة تكمن في العلاقة بين الاقتصاديين او المستثمرين والحكومة ،اما المشكلة الثانية فتكمن بالخوف وعدم استقرار القرارت الاقتصادية والسياسية في البلاد، اما المشكلة الثالثة فهي تتمثل بشح السيولة فيجب ايجاد معادلة لتوفير السيولة واستغلالها بشكل صائب .

واذا وجدنا حلول تلك المشاكل واستطعنا استيعابها والتفكير بطريقة سليمة فانه سيسهل حلها، وهذا تسخيص مبدئي للمشاكل واذا استطعنا تشخيص المرض فان يمكن علاجه بسهولة.

وفي نهاية حديثه توجه نائل الكباريتي برسالة الى رئيس الحكومة المكلف عون الخصاونة بضرورة انتقاء وزراء غير منظرين ولا يكتفون بالحديث والخطب الرنانة بل يعملون وينتجون ويحاولون حل المشاكل العالقة،ان ينتقي رجالات دولة معروفين بهمتهم العالية وبجهودهم المضنية في سبيل رفعة الوطن وسموه،كما يأمل ان لا تضم حكومته ايا من الوزراء السابقين لانهم اثبتوا انهم غير قادرين على مجابهة الازمات التي تمر بها البلاد في هذه المرحلة .      
 
       

        

        


© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير