النسخة الكاملة

هبوب الجنوب يكتب : شبابنا الناهض .. حول مسلسل "جن"

الأحد-2019-06-15 08:35 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - خاص - كتب – هبوب الجنوب 
....معالي وزير الداخلية الأكرم – حفظه الله –  ذاك ليس مقالا يستند على ضيق خاطر الكاتب , ولكنه مذكرة شكوى مرتبطة بالأمن الوطني والإجتماعي الأردني وأرجو أن تأخذها على محمل الجد ...وبما أنك المسؤول عن الحكام الإداريين في الأردن , فأرجو من معاليكم الإيعاز لهم باتخاذ مايلزم من إجراءات , لحماية اللحمة الإجتماعية ..والقيم السمحة للدولة والناس .
معالي الوزير الأكرم ... لقد تابعت مسلسل (جن) وما احتواه من فكرة وسيناريو و(بوس) وخدش للحياء العام ....في ذات الوقت , وبعد تبحري في الأسماء المشاركة اكتشفت أنهم فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم مابين (18- 25) عاما ...ودعني هنا أقول لك أني من الناس الذين تابعوا الأحداث المؤسفة في سوريا على مدار (8) سنوات ..وبحسب ما رشح من مصادر موثوقة , فإن الجيش السوري قدم في الأزمة الأخيرة ما يقارب الـ (55) ألف شهيد , وجلهم من الفئة العمرية مابين (18- 25) ..
ففي بداية الأزمة تم تعزيز فرض التجنيد الإجباري , والتحق بالجيش السوري ما يقارب الـ (100) الف شاب تركوا مدارسهم وجامعاتهم وحملوا السلاح , وقاتلوا على (350) جبهة ... وبعضهم حين أنهى فترة التجنيد ألزم نفسه بالبقاء في صفوف الجيش حالما تحرر سوريا كاملة , وبعضهم سرح من الخدمة ... والنتيجة الان أن (100%) من جيل (18-25) في سوريا تجيد استعمال السلاح وتملك خبرات قتالية هائلة ...لقد تحول المجتمع السوري إلى مجتمع حرب , وهذا يعني أن إسرائيل لو اجتاحت ربع الأراضي السورية ...فستكون خساراتها هائلة وهزيمتها حتمية , لأن المجتمع السوري تعلم الحرب وعاشها وتكيف معها
في العراق ..ذات الفئة العمرية التي تحدثنا عنها , تطوع منها ما يقارب الـ (100) ألف للقتال ضمن صفوف الحشد الشعبي وقوات مكافحة الإرهاب والجيش العراقي , واستطاعوا تحرير الموصل وكامل التراب العراقي , وقد سقط منهم الألوف ..ونحن للأسف بدلا من أن نعلم شبابنا , فنون الدفاع عن الدولة والعرش وعن الوحدة الوطنية , أدخلناهم في مسلسلات (البوس ) والجنس ..وخراب القيم .
معالي وزير الداخلية ... لاحظ الجيش السعودي , بكل مكوناته : الحرس الوطني , الطيران , القوات الخاصة , المشاة ...فالأخبار تؤكد أن هناك عشرات الالاف من الشباب السعودي الان , في طور الإنخراط في الأجهزة الأمنية ..والقوات المسلحة , لم تعد تعنيهم السيارات الفارهة ولا ترف الحياة , بل وظفوا كل وسائل التواصل الإجتماعي ..لإسناد جيشهم في حرب الحوثيين ...
حتى قطر الدولة الصغيرة , والتي حصلت مؤخرا على سرب (الرفال) وتجهز لاستلام طائرات ( الإف -15) جميع من يقودون هذه الأسراب هم قطريون , وأعمارهم لاتتجاوز الثلاثين عاما , وقد شعروا بخطورة الوضع ..وانخرطوا في القوى العسكرية والأمنية ...
وإيران التي (تعربد) في المنطقة دون رقيب أو حسيب , هل تعرف يا معالي الوزير , أن لديها قوات(الباسيج) وهي قوات شعبية تسند الحرث الثوري , وكل أفرادها هم من طلاب الجامعات والمدارس , ولاتتجاوز..أعمارهم الـ (22) عاما ..وهم يتحركون بأمر من المرشد الأعلى , ويعود لهم الفضل – بحسب الحرس الثوري- في قمع الحركات التحررية في الشارع الإيراني , والتي أطلق النظام على هذه الحركات وصف العملاء وأعداء الثورة . 
في الأردن لدينا الصورة مختلفة , فالدولة تفقد سيادتها على الوجدان تماما ...وأخطر أشكال السيادة في العالم هي السيادة على الوجدان الوطني , بمعنى ..أن الثقافة والقيم والأخلاق والضوابط الإجتماعية والروح المعنوية للشباب , هي مفاتيح مملوكة للدولة وعلى الحكومات أن توظفها لحماية الوطن ومكتسباته ...وأن تجعل الشباب ينخرطون في مشاريع ..تؤهلهم فيما بعد لحماية وجود الدولة , وصون سيادتها ... فسوريا حصنت سيادتها على الوجدان , والعراق امتلك وجدان المجتمع تماما ...ودول الخليج صارت تطرح مفاهيم سيادية مثل (السعوده) ..وتنحاز للخصوصيات الوطنية ...كل تلك الدول المحيطة بنا , شعرت بخطورة المرحلة ..ولجأت إلى ما نسميه (الحالة التعبوية) لصون الوجدان الجمعي للشباب ..
نحن كأننا نسير عكس التيار , فالإذاعات الصباحية لاتختلف عن مسلسل جن ...فيها أيضا غنج ودلع للمذيعات , وشباب يسهرون الليل مع (طوني) لإرسال مقاطع الغرام لحبيباتهم , وبعض المراهقات يقمن بالشكوى (لطوني) من فقدان الحبيب ..والإعلام فقد بريقه تماما , وصار يستنسخ النموذج الأوروبي في برامج الشباب ...لدرجة أن برنامج إيحاءات جنسي عرض على محطة فضائية محلية قبل فترة, ولم تحرك الدولة ساكنا ..
مسلسل (جن) ..هو جزء من مؤامرة , بدأت على العشيرة ...ثم امتدت عبر برنامج التحول الإقتصادي والإجتماعي ..ولم يجرؤ أحد أن يسأل سؤالا واحد ..وما بال مجتمعنا حتى نجري فيه تحولا ؟ وهل يحتاج الإقتصاد إلى تدمير اجتماعي مبرمج حتى ينمو ؟...ثم امتدت عبر ترخيص ألوف المؤسسات الممولة من السفارات والصناديق الأوروبية , والتي تبحث في قضايا الشرف والعرض وغشاء البكارة للأنثى والحريات المزعومة ..وتطورت المؤامرة إلى ماهو أبعد من ذلك , حين تم شطب الجانب المعنوي في خطابنا الرسمي ..وتذويب الهوية الوطنية تماما لابل طمسها , واستحداث مصطلحات مطاطة ..في الحديث عن المواطنة تارة , وتكافؤ الفرص تارة أخرى , وحجم ثقل العبء العشائري على الدولة ..
في النهاية ...استفز الناس لأجل مسلسل , يمارس فيه أولادنا فنون خدش الحياء , مع أنهم ليسوا ضحايا هذا الفعل ..ولكن الممهدات ..التي سبقت هذا المسلسل وعلى مدى سنين طويلة , كانت هي المحرك والباعث لإنتاج منظومة ..إجتماعية ممسوخة تماما ...
معالي وزير الداخلية .. في مصر هنالك قانون يسمى (الذوق العام) ..وهو قانون معد للرقابة على منتجات السينما المصرية والفن المصري , ومن المستحيل أن تعرض مصر منتجا دون المرور على الرقابة ..وهذه ليست قصة مرتبطة بالحرية أبدا ذاك أن أنبل مراتب الحرية هي السيادة على الوجدان الوطني ...وهذا المسلسل ليس قصة فردية بل هو مساس بوجدان مجتمع , وهنا تقع مسؤولية الدولة ..في الدفاع عن وجودها أولا , وعن صونها لخط القيم والأخلاق 
ودعني معالي الوزير أختم لك بأمر يجعلني كلما ذكر اسم فلسطين أخجل من نفسي وهو : عمر أبو ليلى (رامبو فلسطين) هكذا أسمته إسرائيل , فهو فتى في العمر أصغر من الممثلين الذين شاركوا في مسلسل جن , ولكنه أنتج مسلسلا أخر مسلسلا إسمه (فلسطين أو فليعم الخراب) ..لقد اندفع منفردا , واستباح سرية عسكرية ..وسدد نيرانه لصدور جنود الإحتلال ...وهو الأقل تدريبا منهم والأنحف جسدا والأصغر عمرا وخبرة , ولكنه الأكبر إرادة ...لماذا يا معالي الوزير تنتج فلسطين (رامبو) حقيقي , يؤسس دروب للشهادة والنضال ..ونحن بعض شبابنا ينتجون وللأسف دروبا ...للجنس والإنحراف ...
إنتجوا كحكومة ومؤسسات , شابا مثل عمر أبو ليلى ...وأنا مؤمن أن شعبنا سيسامح كل المسؤولين عن عثراتهم وانهياراتهم وعن كل الفساد الذي مر والذي سيأتي ..فقط إنتجوا لنا واحدا مثل عمر أبو ليلى وسنسامحكم ..,لكن للأسف أنتجتم (جن) وبرعاية ودعم من وزارة السياحة , وبمباركة من وزيرتها السابقة ...
أعرف شكواي هذا لن تلقى صدى ...لكن الله سينصف هذا الشعب المظلوم ..حتما سيأتي يوم وينصفنا الخالق فحين تنعدم عدالة الأرض , لابد لعدالة السماء أن تنتصر ..وحتما ستنتصر .  
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير