خالد الكركي .. اغتيال الشخصية الوطنية
الخميس-2011-09-21

جفرا نيوز - جفرا نيوز - احمد الطراونة
كيف تغتال الشخصية الوطنية في الأردن؟
ومن الذي يوعز بالاغتيال ومن الذي ينفذ العملية؟
أسئلة برسم الإجابة تطرح على الأردنيين الشرفاء، في هذا الوقت الذي اختلط فيه الحابل بالنابل. وأصبح اغتيال الشخصية سمة المرحلة.
الأردن الآن ساحة لمعركة كسر عظم بين أكثر من جهة، يُستخدم الأعلام فيها كرأس حربة، وأتمنى أن يكون الإعلام النظيف هو من يقود هذه المعركة، لكن للأسف. مما يجعل المرء يقف أحيانا أمام المشهد السيئ منذهلا من حدة الخطاب الإعلامي الرخيص الذي أصبح يطال الناس في بيوتهم.
لعلي انحاز هنا إلى د.خالد الكركي، ليس بصفته رئيسا للديوان فهو بهذه الصفة لديه فريقه الإعلامي الذي يدافع عن سياساته، نجاحا أو إخفاقا، وإنما خالد المثقف، وصاحب الخطاب العروبي، الرجل الذي ترك بصمته في كل مكان نزل فيه ولم يأت كغيره بالتوريث، أو بوصفه محسوبا على جهة ما، وهذا ما جعل النيل منه متاحا لكل من يمتلك حفنة دنانير ويعمل موقعا الكترونيا "ليبتز الناس به".
كان خالد صاحب رأي واضح تجاه "المواقع المبتزة" ويعرف أهلها جيداً، والجحور المظلمة التي ينبحون منها، مما جعلهم يشكلون "لوبي" ضده أينما حل أو ارتحل.
وسأتطرق هنا لعدد من الحقائق المهمة، وهي أن خالداً لم يكن يوما من أصحاب الأجندات، وبالتالي لم يكن ممن يحسبون على المرتزقة للدفاع عنهم أو ممن يقفون على رؤوس اصابعهم رهن شارته للانقضاض على أي شخصية يراد اغتيالها، - أو لاسمح الله - الاندلاق بصورة مريبة لتبييض صفحة شخص ما، نائيا عن كل ما يترك السيل من زبد، وهذا الذي يدور الآن في الأردن، فبعض من يمتلك المال والسلطة يعتقد انه يملك الحق في رمي بيوت الناس بحجارة الجهل والغباء، والحقد المدفون في نفسه المريضة، ويعتقد واهما بما زين له بأمتلاك منابر اعلامية لسلطة يشهرها في وجه من يريد في أية لحظة.
إن غياب الأدلة والوثائق وغياب الاسم الصريح على المادة المنشورة أحيانا يجعل الاتهام رجما بالغيب وهو الظلم بعينه، وهو نقيض المهنية الصحفية الرفيعة، فأينما وجدت خبراً لا يقدم أدلة على صحته فهو يأتي في سياق واحد فقط وهو الاغتيال، وتجريم الشرفاء، والمهنية تقتضي تقديم الأدلة على الفعل بعيداً عن الابتزاز وتلفيق الحجج الطائشة والعمياء التي تعمل قتلاً في الخلق.
الوطنية والخوف على البلد التي يدعيها البعض تقتضي مخافة الله في الناس، كما تقتضي المهنية، وخلاف ذلك فهي إساءة للوطن ورجاله الخلّص، وتجيء في سياق لاينفصل عن عقلية "المؤامرة" التي تقسم الوطن إلى موارس إعلامية أو كتائب إعلامية، كل فصيل له من يموله او يقف خلفه.
وهنا نتساءل وانا واحد منهم عمن لا ينتمون إلى أي قطيع والذي يريد مثل هؤلاء تنظيمه، كيف سيسيرون في وطنهم دون تشويه؟!
هذه دعوة لكل مسؤول أو متوقع أن يتسلم منصبا ما، أن يفكر في أن ينتمي إلى "فصيل إعلامي" كي يُزمر ويطبل له وتلمع صورته، وإلا سيقع في فخ الابتزاز ولن ينحاز له حينها أي شريف في ظل الصمت القاتل.
عندما كان خالد يقود معركته مع الباشوات الذين نزلوا على الأردن (بالبارشوتات) دونما سابق إنذار لم ننحاز إليه لأنه لم يكن من أصحاب النفوذ حينها، ولم يكن من أصحاب الأجندات الخاصة، والأهم انه لم يكن من جماعة (أعطه يا غلام).
عندما قاد خالد معركته مع من يتاجرون بالوحدة الوطنية أيضا لم ينحاز إليه أحد لأنه لم يكن باشا ولم يكن لديه منجنيق إعلامي ممن يلهثون وراء الأعطيات، وعندما أصر خالد على أن يكون اتحاد الطلبة في الجامعة الأردنية حراً مستقلاً ، وضمن انتخابات نزيهة، وينتخب بكامل أعضائه وقفت المواقع نفسها، والأشخاص ذاتهم منه موقف العداء، والتشفي، وراهنوا على فشله.
وعندما صاغ خالد خطاب الغضب الأردني لحظة جوعنا وألمنا على العراق صفقنا له لان إعلامنا الرسمي حينها كان يقود معاركنا الإعلامية ولم ينبت بعد هذا الفطر الإعلامي العفن والمريب.
عندما دعا خالد مقاطعة العدو اليهودي سياسياً وأكاديمياً لم نجد من يصفق له إلا الشرفاء لان الآخرين كانوا في "موارس الباشوات" ودكاكين من يدفع أكثر.
لعل من يملك الحس الوطني والموضوعية والانصاف، يدرك ان هذه المواقع نفسها، والمرتبطة بأجندات خاصة هي من جعل من الشعب الأردني ستة ملايين مثقف، ولابد أن يدعى الشعب الأردني كاملا لحظة لقاء جلالة الملك بالمثقفين الأردنيين وكأننا أصابنا العمى في التميز بين النخبة الحقيقية وبين النخبة التي تصنع موقعها بالصوت العالي أو مال السحت.
كان خالد وما يزال شخصية أكاديمية يشهد لها القاصي والداني بالنزاهة وعلو الأخلاق، سياسي من الطراز الرفيع، ومن القلة الذين وظفوا خبراتهم الثقافية في جل رسائله السياسية .
فهل نترك المركب يسير بعيداً عن المناكفات واغتيال الشخصيات.

