هبوب الجنوب يكتب : ما بين الملكي والأمني
الخميس-2019-03-28 11:11 am

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - خاص - كتب- هبوب الجنوب
...كانت دائما تقابل وجبات (الترميجات) في الأجهزة الأمنية بنوع من الإمتعاض , لكنها المرة الأولى التي تقابل فيها وجبة ترميجات أمنية بنوع من الرضى التام , والإرتياح التام ...ذلك أنها لم تقم على رغبات شخصية , بقدر ما قامت على ضرورات مؤسسية هدفها تحصين الجهاز , وحماية مساره ...وديمومة قوته وفعاليته .
ثمة أمر لابد من قوله عن المخابرات ,بالتحديد عن إدارة هذا الجهاز وهو :أن الإدارة الحالية التزمت بالجانب المهني تماما , دون أدوار سياسية , مارسها البعض من السابقين ...والذين أعطوا للمزاج الشخصي والتحالفات , بعدا مهما في إدارتهم ..بحيث أقصوا فلانا , وامتهنوا سجن الصحفيين على أسباب لا نفهمها , وتدخلوا في البرلمان وفي مؤسسات الدولة ...وأسقطوا بعضا من الجهوية على سلوكهم , وبعضا من المزاج والإنفعالات الغريبة .
نحن في الأردن نتلف الملفات , وبالتحديد زمن الجنرالات ..ولا نجري مراجعات لبعضهم , علما بأن جلالة الملك قال في اجتماع مع مجموعة من الكتاب والإعلاميين قبل أشهر : (جديتنا في مكافحة الفساد واضحة , فقد أحالت الدولة إثنين من مدراء المخابرات للقضاء) ...وكان الأصل أن نجري جردة حساب لمرحلة , كان ناشر هذا الموقع فيها ضحية ..مزاج الجنرالات , وكنت أنا كاتب هذا المقال أيضا ..مثار سخط لهم وضحية أيضا, والساحة كلها كانت تخضع للتوتر إذا غضبوا ..وتخضع للراحة إذا ناموا مبكرا .
الإدارة الحالية للمخابرات , المتمثلة بالجنرال الجندي , لم تخلع العباءة الإنسانية عن أكتافها , فقد مارست سياسة استيعاب مهمة في التعاطي مع الحراكات , والإضرابات الشعبية , وحاورت الناس والتقت معهم , لم تصنع من بعض جنرالات الجهاز ..مراكز قوى يبحث بعض السياسين عن رضاها ...ذاك أن مركز القوة الوحيد هو أداء المؤسسة ونجاحاتها , وربما عملية (الترميجات) الأخيرة كانت رسالة داخلية , وخارجية لمؤسسات المجتمع.. داخلية للجهاز نفسه , فحواها :أن الملفات الخطرة حين تسلم للبعض فعليهم أن يتعاملوا معها في إطار المهام المحددة , دون إيغال أو مزاجية ...وخارجية مفادها : أن وظيفة هذا الجهاز حماية المجتمع وحماية مؤسساته , وضمان سريان القرارات فيه .
وتلك المرة الأولى , التي يعود فيها الجهاز لفعاليته الأمنية الخارجية , حين يعلن وبصراحة عن إحباط , عمليات خارجية وأخرى داخلية ..والأهم من كل ذلك , أنه مرر مرحلة ...الحراكات , واحتقان المحافظات ..بالمواءمة ما بين ما هو أمني وماهو إنساني , بحيث تفهم غضب الناس وجوعهم ...ولم يقم بالعقاب مباشرة , بقدر ما قام بعمليات إعادة التأهيل ..وتحقيق المطالب لبعض من ظلموا , أو تم إجبارهم على الصمت .
في زمن الجندي ...هنالك جنود فقط , ولا يوجد مركز قوى في قلب الجهاز , يرسل عبر الواتساب أب تعليماته للبعض ...لا يوجد جنرال متعال وظيفته , حشر أنفه في عمل الحكومة , أو التباهي بدعم رفاقه أيام الجامعة , وجعلهم يقفزون درجات في الوظيفة العامة ...لايوجد من يعتقد أن قراره خارج الجهاز وليس داخله , ولا يوجد زمن للتباهي أو الإنتقام ..
تلك المرة الأولى منذ سنين طويلة , والتي نحصل فيها ..على جسم رشيق متناسق , في مؤسسة الديوان الملكي ...لايمارس التحالفات الغريبة , بل يمارس الوظيفة العامة بكل جدية ومسؤولية , ونحصل أيضا على أداء مؤسسي وأمني مريح جدا في دائرة المخابرات , بحيث تكتب ما تشاء دون أن تفكر بانتقام جنرال عبر وولت أيامه.. , وأيضا نحصل على حكومة مهما اختلفت معها تبقى مؤمنا أن شخصية الرزاز لا تمارس الضرب من تحت الحزام , ولا تهديد الناس بالسجون ...أو الإنتقام منهم .
الجندي ..هو من عائلة الجندي , وفي قلبه جندي محب للناس والوطن ...على الأقل تستطيع أن تكتب له وعنه , ومن الممكن في لحظة ما أن تمارس النقد ..والغضب , ولكنك في النهاية تبقى مطمئنا ..فقلب هذا الرجل لايوجد فيه ذرة من حقد , وسيقوم باستيعابك فورا ...وإعادة تأهيل القلب بما يضمن أن يعمره الرضى بدلا من الغضب .
تحية للمخابرات ...

