النسخة الكاملة

"الوطن ليس حكومات" .. ارواح الاطفال ستطاردكم والتربية تتحمل ومعيب التنصل

السبت-2018-10-27 01:34 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز ـ شادي الزيناتي
بعد غوصي في كل ما نشر حول كارثة البحر الميت وكل ما صاحبها من احداث وتراشق الاتهامات هنا وهناك ومايحدث من تصفية حسابات بين عدة جهات ، ساسجل وجهة نظري التي توصلت اليها بقناعتي التامة "وتحتمل الصواب والخطأ " ومن كل بد بعد الايمان بالقضاء والقدر اقول :
 ان المسؤول الاول والاخير عن الكارثة هي وزارة التربية والتعليم كمظلة جامعة وشاملة دون الدخول بالتفاصيل لالقي اللوم على موظف اخطأ مطبعيا او حتى رئيس قسم ، واناصف المسؤولية ايضا مع ادارة المدرسة قولا واحدا ..
القصة باختصار هي ان الرحلة اتت " بوقت غير مناسب في المكان غير المناسب " ، وكان الاصل من وزارة التربية عبر اقسامها ومسؤوليها ومديرياتها اخطار كافة المدارس التي تنوي تسيير رحلات رحلاتها بالغاء تلك النشاطات بناء على تقارير وتحذيرات الارصاد الجوية والدفاع المدني وفي اي موقع كانت تلك الرحلة سواء كانت في البحر الميت او الازرق او المفرق او الزرقاء او العقبة ..
وبذات الوقت ومناصفة كان على المدرسة ونظيراتها ايضا تحمل مسؤولياتهم والحرص اكثر من خلال الغاء كل الرحلات بذلك اليوم ولذات الاسباب ، ونتسائل عن دور اولياء الامور في الموافقة على تلك الرحلة وارسال ابنائهم رغم كل التحذيرات من الحالة الجوية ..
الى هنا يجب تحديد الامر المتعلق بالكارثة فالسيول لمن يعرفها او شاهدها او مر بتجاربها، وازعم اني اعلم الكثير عنها بحكم ان طفولتي كانت في الجزيرة العربية وبمنطقة كانت تشهد مثل تلك السيول وتتشكل بلمح البصر حينما كانت السماء تمطر فان مجرى السيل يتحول لبركان "مياه وطمي وحجار" ثائر لا يرحم ولا يرى ، وكم من ارواح وعائلات فقدت فيها، ولعل كل من عاش في مناطق الجزيرة العربية الجبلية واليمن الشقيق تحديدا يعلم هذا الامر ويعلم ان السيل غول لا يمكن التنبؤ به ولا بوقته ولا بقوته ، وبامكانكم تصفح موقع اليوتيوب لالقاء نظرة ، فما بالكم بالتقاء المياه من شقي الجبال في مسرب واحد وبقوة دفع وجاذبية كبيرة ومحملة بالحجارة والطمي ومالى ذلك ..
ناهيك على ان الضحايا رحمهم الله كانوا في وسط مجرى السيل يمشون ويعيشون المغامرة اي انهم كانوا في قلب الخطر ولو سمعتم رواية المعلمة الناجية مع طلابها لعلمتم ذلك ولعرفتم ان السيل الغول يلتهم كل شيء بلحظات ولا يرحم ..
هذه الحادثة فتحت الباب على مصراعيه للتحليل المنطقي وغير ذلك والقاء التهم هنا وهناك واغتيال الوطن وتصفية الحسابات، وكأن الاردن دولة لا مقومات لها ، وتناسينا ان الوطن ليس حكومة فقط ، وان دولا مثل امريكا واليابان والصين وغيرها قد اختفت فيها مدن وغرقت احياء بسبب عاصفة او موجة عاتية او اعصار رغم فرق الامكانات بينها وبيننا ، ولا ابرر هنا اي تجاوز او تقصير لاني ساتي لذلك تباعا، لكن احكّم عقلي في قراءة الاحداث ..
فليس معقولا ان ان نضع اللوم على جسر ليس له شأن او على وزير صحة او غير ذلك من الاشاعات كفتح باب السد او غيره ، وحتى ان فُتح باب السد فطبيعي ذلك ، لكن اعيد وازيد ان الضحايا كانوا في الزمان والمكان غير المناسبين لتنفذ مشيئة الله ..
هنا يجب ان ندق ناقوس الخطر للمستقبل ، بحيث نتعامل بكل جدية مع كل الملاحظات والاخطاء التي وقعت سواء كانت من جاهزية الكوادر الصحية والدفاع المدني وسبل الانقاذ واعمال البنى التحتية والطب الشرعي وكل ما صاحب تلك الكارثة من ملاحظات وهو امر طبيعي ولا نبرره ، مع وجوب ان نعمل كل ماهو مناسب بمخافة الله وبالشكل الاصوب والامثل "اعقلها وتوكل" وبعد ذلك نترك مشيئة الله ونتقبل القدر خيره وشره ..
اليوم ارى .. ان على وزير التربية الاستقالة كواجب ادبي واخلاقي وكمسؤول ينطبق عليه "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" ، واقول له ليتك لم تنطق بانك لا تعلم عن الاحوال الجوية فلقد اشعرتنا انك تعيش في جزر القمر وليس في قصور عمان وربوع الاردن وهذه لوحدها تكفي لاسقاطك وليس لاقالتك فقط .
 اضافة لذلك يجب محاسبة كل مسؤول في وزارته كان شريكا او مقصرا بما فيهم الامين العام المسؤول فنيا او حتى موظفا صغيرا ، وبالتوازي مع ذلك يجب محاسبة ادارة المدرسة وكل من شارك بمنح موافقات على تلك الرحلات بذلك اليوم ولا داعي لفتح ابواب تضر ولا تنفع وتوجيه بوصلة الراي العام هنا وهناك لاجندات واهداف مكشوفة ..
كما واجدد دق الجرس للحكومة بان تحاول كسب ثقة المواطن اكثر وان تتنصل من اذرعها الاعلامية المهترئة التي اضرت بها كثيرا واتضح ذلك مع كل حدث يصيب هذا الوطن ، فساهمت الحكومات بزرع خناجر في خاصرة الوطن اكثر من علاج الجراح من خلال كمّ الاشاعات الرهيب الذي فشلت كل ادوات الحكومة الاعلامية وقفها او تحجيمها او حتى الرد عليها ، حتى وان كان الرد حقيقيا فلا ثقة ومصداقية ستجدها من المتلقي ..
كما اوجه رسالة لحكومة الرزاز العاشقة لتويتر .. 
 ان احترمي عقول ومشاعر المواطنين ولاداعي لتقاذف الاتهامات وتقاذف المسؤوليات والتهرب منها ، فحكومة الرزاز جُلها تتحمل نتائج ماحصل اخلاقيا سواء بشكل مباشر او غر مباشر ..
فمن المعيب التنصل ومحاولة التضليل وكأن شيئا لم يكن او محاولة الصاق الامر كله بادارة المدرسة متناسية تقصيرها وواجباتها الاخلاقية على الاقل تجاه هكذا حدث لو وقع في دولة تحترم شعبها لاستقالت خجلا ووجلا او اقيلت فاي مصيبة بعد هذه يمكنها ان تضع رأس الحكومة كالنعام في التراب ..
وكلنا يذكر يوم اقيلت حكومة عبدالكريم الكباريتي عام 1996 بأمر من الملك الراحل الحسين بن طلال بسبب معاناة اطفال ايتام في احدى المبرات ، فلم يمت احد يومها، لكن سوء معاملة واهمال ادى الى سقوط حكومة بقرار ملكي حازم وقتئذ .
مجلس الامة "ممثل الشعب" كما يدّعون ، فالحمد لله انكم "صم بكم عمي" فبياناتكم لا تسمن ولا تغني من جوع وتعازيكم لاتخرجكم من ضوء المسؤولية والمسائلة ، كيف لا وانتم الجهة الرقابية الاولى على الحكومة وادائها ولو انكم قمت بتلك الرقابة حق قيام وابتعدتم عن مصالح العطاءات والتعيينات والصفقات لربما تغير الكثير في هذا الوطن ، واجتماعكم الاحد "لا نراهن عليه" ..
واقول للاخوة المواطنين : حكّموا عقولكم ولا تكونوا معاول هدم للوطن كما يريد البعض من الفاسدين واصحاب الاجندات ولا تخدموهم من غير لا تعلمون ، فاعيد وازيد واشدد بان الوطن ليس حكومة ، فالحكومات تذهب لغياهب الجب وربما منهم لمزابل التاريخ لكن البلد والوطن يبقى ببقاء شعبه ..
نترحم اخيرا على ابنائنا واخوتنا الشهداء وندعو الله لهم بالقبول وان يسكنهم فسيح جناته طيورا، وان يكونوا شفعاء لذويهم وان يربط على قلوب اهليهم ويعظم اجرهم ويبدلهم خيرا في مصيبتهم ..
واقول لهم ان ارواحكم ستظل تطارد كل فاسد كان سببا في مغادرتكم هذه الحياه وستبقى نبراسا يضيء مستقبل الاف الاطفال من بعدكم فلربما كنتم السبب الا يلقى غيركم ذات المصير وستبقون يا طيور الجنة تحلقون في الجنان وارواحكم ترفرف فوق رؤوس اهليكم وفي سماء الوطن لتذكرونا بمقدار الفساد واللامسؤولية الكبيرة وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب  .. 
فسامحونا لقصورنا معكم ولاننا خذلنا طفولتكم البريئة وتحولت رحلتكم السعيدة الى حزن والم وكارثة وطامة كبرى حلّت بنا وبالوطن وهزت عواطفنا وعقولنا الا انها للان لم تقضّ مضاجع الفساد والمفسدين ..
رحمكم الله فلقد اوجعتمونا ، وادعو ان يكون هذا اليوم الاسود بداية لثورة بيضاء تصحيحية ونقطة تحول في تاريخ هذا البلد تدفع باشهار السيوف على رقاب المقصرين وعدم التهاون معهم ..
والله من وراء القصد 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير