هبوب الجنوب يكتب: يا كرك..
الثلاثاء-2018-09-25

جفرا نيوز -
جفرا نيوز- كتب – هبوب الجنوب ..
حين اكتب للكرك يقودني قلبي ..قلبي فقط , وهذا ليس مقالا عابرا ولكنه الدم المراق على أثير الحزن ...وتلك لحظة تحتم علي أن أجود بما في الداخل من غضب, دون خجل أو تردد أو مجاملة .
الخبز يصبح أمرا ثانويا ..حين يعتدى على هويتك , والدينار يصبح أمرا عابرا حين تضرب في وجودك وتاريخك ...حتى رغد الحياة يصبح نقمة حين يسرق تاريخك ..
والكرك – حماها الله – تلك السيدة القابعة في سدرة التاريخ تشرفت بأن تحتضن في ترابها زيد وعبدالله وجعفر ..تشرفت بأن يسجى جسد حابس وقبله هزاع , في بطن التراب الأغر ..ومنها حسين الطراونه , وابراهيم الحباشنه ...ومنها صعد اسماعيل الشوفي مؤسس أول ثورة حقيقية على تركيا إلى خالقه , ومنها ابراهيم الحباشنه القومي العتيق ...وقدر الثائر ..منها حسين الطراونة الذي فاوضوه على مال الدنيا , وقرر أن يحترف الرفض ...
من يمس هويتنا هو ذاته من يمس الكرامة , وتلك حكومة في تركيبتها وشكلها اعتداء على الهوية ...أنا أجزم أنها كذلك , فهي منذ تأسيسها لم تتطرق للهوية الوطنية الجامعة ..لم تتطرق لتاريخ الأردني , ونضال الفلسطيني لم تنطق ..ولو جملة متعلقة بتاريخ العشائر والنضال والدم في فلسطين .
يا كرك يا أم الدم وأم الفداء وأم العشق ..أيحق لي أن أخاطب في هذه اللحظة شبابك , وترابك , وتاريخك ..وأسأل بما في السؤال من قلق ...
كيف ..ينطلق رئيس إلى منزل محام صديق له , وهناك يلتقي بمجموعة من الحراكيين , ويتودد لهم ...وينسى في لحظة أن قلعة الكرك , وقبل عامين قاتلت أعتى إرهاب وقدمت (16) شهيدا في يوم واحد ..حينها صعد (عيالنا) بسلاحهم ..وغضبهم , وأولهم سائد المعايطة الشهيد النبيل الطيب ...وقال: لك الدم يا كرك .
ثم صعد إلى العلياء مطهرا نقيا ...هل قلعة الكرك وأهلها , أقل وعيا أم أقل ليبرالية ..أم أقل تقدمية من حضورك البهي؟ ...كيف ترهن قرار دولة في منزل صديق لك وتتباكى أمام مجموعة من الحراكيين ..ونحن الذين حرمنا الدمع على عيون النساء في الكرك ...ومنعناهن من البكاء على سائد وقلنا دم (عيالنا) مهرا للبلد ...لكنك للأسف أنت لا تختار التاريخ بل تختارو تحب الإكسسوار .
هل هذا رئيس ؟ ...من يتلكأ في اللغة ويتردد ألف مرة , وهو يعرف أن معاذ الكساسبه , حين سدد القذيفة الأولى لم يتلكأ..وحين أحضر إلى المحرقة , رفع رأسه للسماء ..وقال اشهدي يا كرك أني من فتيتك الذين اختاروا الفداء ...وكان بإمكانه أن يكون من تيار مدني ...يحب المسيرات وتأليف الأغاني , كان بإمكانه يا دولة الرئيس أن يكون من فتيتك , الذين يحبون الأنترنت ..ويتبادلون الرأي مع الأصدقاء في جلسات السمر , حول دراسات أنتجتها سفارات العهر الغربي في بلادنا والتي تتحدث عن حقوق المرأة والإستشراق التافه ..الذي عراه إدوارد سعيد فيما بعد .
يا كرك يا أم الحب وأم العهد وأم التاريخ ..وأم الدم الذي سرى نديا طاهرا لأجل فلسطين , أي رئيس هذا الذي لاينام على سريره دون أن يحادث صديقا له هو يدير له كل شيء , تعرضه الفضائيات على أنه خبير في الحركات الإسلامية ..ورسالة الدكتوراه التي قدمها لجامعة مصرية غير معترف بها لا تساوي دينارا ..ثم يقنعه هذا الصديق حماه الله ..بضرورة أن يقيم محاضرة في الجامعة الأردنية , عن رؤى المستقبل ..وأي مستقبل أغبر هذا الذي ينتظرنا ؟ ...وأغرب ملامحه .. أن يذهب طلاب المدارس لقطف الزيتون ...أهو استخفاف بنا ؟ أم هبل رسمي مبرمج .
ياكرك ..هذا ليس زمان الخبز والدينار , هذا زمان استرداد الهوية الوطنية , التي تحاول هذه الحكومة مسخها أو طمسها ..وأحذروا يا سادة التراب والتاريخ ..إحذروا ..الإنغماس في الخبز مطولا فهي وسيلة ماكرة هدفها فيما بعد , الإلتفاف على التاريخ والجغرافيا والدين والقومية ..ومسح المباديء تماما .
مايسمى بالدولة المدنية , مايسمى بالتكنوقراط ..مايسمى بالليبرالية كلهم ..مجرد عصابات , هدفها الإلتفاف على التاريخ ومسخه , هدفها طمس المجتمع العشائري ...هدفها سلخنا عن قرانا وتاريخنا ومحافظاتنا ..هدفها أن تعيب علينا ارتداء الشماغ والدشداشة , وفيما بعد إذا استمر الوضع كما هو ..سيجعلونك تدفع ضريبة إن اعتمرت العقال ...صدقيني يا كرك وأنا حين أخاطبك يخاطبك القلب ودمي ووريدي , وكل شهقة في جسدي وكل رجفة وكل دمعة ..صدقيني يا كرك أنهم يعتدون على هويتنا ...وأنت الهوية , وأنت الزمان والمكان وجذوة التاريخ ....وأظن أنك ستنتصرين لنا وللوطن , وهم سيهزمون ...فطريقهم هزيمة ومخططهم هزيمة, ومسارهم هزيمة , وكل شبر في حياتهم هزيمة ..وتبقين أنت الكرك .

