لا تقولوا "لن يتأثر" بل احترموا الناس وصارحوهم أكثر
الخميس-2018-09-13 10:58 am

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - ابراهيم عبدالمجيد القيسي
((قانون الضريبة اصبح مقبوﻻ والفضل لجماعة اعﻻم اﻻنفوجرافيك..
اصحاب نظرية (كله لن يتأثر) التي اقنعت الناس كما نرى.
اقول لكم ولكل جماعة (لن يتأثر):
قانون الضريبة ...ان تقرر.
فالحكومة...ستطير وتتغير.
ومجلس النواب.. يتبخر.
والبلد كله....سيتدمر.
حتى اتخن شنب.... سيتودر.
وانت يا غائب الفيلة..كله على راسك.
فلا تطبل وتزمر، ولا تهدد وتتوعد بالثورة الأخطر
إنك أنت على كل الأحوال من سيدفع الثمن أكثر)).
استغفال الناس؛ مدعاة لمزيد من استفزاز وغضب، وإصرار على اتباع نموذج فوقي من الإدارة، لا يأبه بالنتائج، رغم بيادر الكوارث الناجمة عن مثل هذه الإدارة، وهذا النمط من الإعلام الأبله المضلل..
قلناها؛ وسنقولها لكم ألف مرة، لا تستغفلوا الناس وتقللوا من شأن آرائهم أو ذكائهم، فالأردنيون محبون لوطنهم؛ مستعدون لتحمل كل شيء من أجله، واعون "أكثر مليون مرة من جماعة انفوجرافيك تبعكو"، يحترمون من يحترم هذه الصفات فيهم، وسوف يتفهمون حرج الموقف لو قدمتموه لهم صادقا واضحا، وتخليتم عن خطاب الفوقية والتعالي والاستغباء من نوع "لا يتأثر"..
قولوا لهم: وضحوا لهم بأن كل فرد سيتأثر، وحاله قد تسوء أكثر، وليفهموا أنهم في مواجهة والبديل أن اقتصاد بلدهم سيتدمر، وسوف يصبح فقراؤهم أكثر،لكن في النهاية إن وطنهم من قبضة المؤسسات المالية الدولية المانحة "ان هم صمدوا "، وصبروا أكثر .. سيتحرر.
قولوا عن خدمة الدين العام، وعن الانفاق خارج الموازنة على عهد حكومات سابقة، وبسبب هذا الانفاق وهذه السمعة عن حكوماتنا التي تقدم موازنات وتنفق خارجها بأنها أفقدت تلك المؤسسات الثقة بإدارتنا، وأعطت انطباعا سيئا عن مصداقيتنا، وأننا بسببها ومن أجل تجاوز أثرها فإننا ننتظر منحة او قرض مقداره (1.7 مليار دينار) بعد اقرار القانون للتخلص من أعبائها على خدمة الدين العام، وقولوا: إن الأردن في حال لم يقر قانون ضريبة يحظى بقبول الجهات "الدائنة"، سوف تتراجع قدرته الإئتمانية، وسوف تتأثر قيمة الدينار، وسيدخل أتون حرب قاسية مع الترشيد، كتلك التي عانى منها اليونانيون والقبارصة قبل أعوام، لكن الفرق أن الأردن ليست بلدا في أوروبا ولا هو عضو في الإتحاد الأوروبي، حتى تخشى جاراته الفوضى فيه وتدعمه من جديد، بل هو بلد يقع في عين العاصفة منذ تأسس، وتعاظمت العاصفة وأصبحت تهب عليه حتى من الداخل ، فكثر اللصوص والناهبون، والمتربصون بالدعم الخارجي وبالاستثمار العابر للحدود، وأن كثيرا من المنح والقروض التي "كانت" تأتي للبلاد، كانت تعود على هيئة أرصدة في البنوك الخارجية لكن بأسماء أشخاص !، وقولوا لهم بأن بلدكم مبتلى برهط من الكذابين، الذين يبرعون في التفلت من المسؤولية، ولا يتحدثون بشفافية، وكلما تعرضوا لضغوط استنطقوا خطاب الكراهية والتطرف والارهاب والاقليمية والجهوية، ليبتزونا جميعا كي نتركهم ينهبون ويسلبون ويستولوا على كل شيء..
قولوا لهم شيئا عن واقع الحال وقلة المال، وأننا بحاجة لشهادة تشبه شهادة حسن السلوك أو خلو الأمراض، لنحصل على "فيزا" مالية، تؤهلنا لحالة مؤقتة من استقرار مالي، تسمح لنا بالمضي قدما في مزيد من إصلاح جاد ومقتلنا سيكون في التخلي عنه، لأنها "آخر فرصة ممكنة".
قولوا للناس بأن 80% من خطاب رفض الضريبة يأتي من أصحاب المال والثروات، وأنكم بهذا الرفض تتعهدون بحمايتهم، علما أنهم في كل الأحوال سوف يستردون ما يدفعونه من جيوبكم، لكنهم لا يغامرون بما يملكون الآن حتى وإن كانوا على قناعة بأنهم سيستردونه..
قولوا للناس بأننا نحتاج الى يوم استقلال آخر، هو يوم الاستقلال المالي عن تلك الجهات التي تطبق بأيديها على رقبة البلاد، فهذا لا يريد إقراضنا قبل أن نحصل على شهادة السلوك من البنك الدولي، وذاك حتى "الشقيق" أصبح يتذرع بالشهادة نفسها كي يدعمك أو يقف معك، والأزمات تتربص بنا كضحية سقطت في وكر"الأفاعي" أو جمل سقط فكثرت عليه السكاكين..
قولوا للمنظرين وللمترجمين وللرسامين والمخططين كفى تضليلا، وإن الجميع "يتأثر"، فكلهم سيستغلون القانون كعادتهم ويرفعوا السعر وقيمة الفاتورة، حتى اللص الذي يقطع الأشجار سوف يرفع قيمة الحطب، والمبتزّ الذي يؤاجر ويتاجر بالضمير والحقيقة سيرفع من قيمة فاتورته بدعوى "الضريبة"..
تحدثوا بفصاحة، لعلها تبقيكم هنا قليلا، لأنكم في كل الأحوال ستتركون هذه المواقع الفضفاضة على أبدانكم وعقولكم وضمائركم وولائكم لهذه البلاد، وعدم شعوركم بأنين أهلها تحت سياط البلاهة والغباء والفساد واللصوصية وغياب القانون.
دعوا الناس يفهموا أن لهذه المؤسسات المالية الدولية سلطة أقوى من سلطة الجيوش، وأنها دمرت بلدانا أغنى من بلدنا، ولا تعاني من أجندات خارجية كما نعاني، ولم تصمد في وجه هذه المؤسسات المالية، وقولوا لهم بأنه ليس الآن وقت الحديث عمن أدخلنا في هذه الوصاية المالية، ولا وقت الحديث عن استرداد المال الذي سرقه اللصوص، وأن التمترس الآن تحديدا خلف هذا المطلب هو تسليم للبلاد للصوص آخرين متعددي الجنسيات.
لا وقت لمنظري الاقتصاد وأرقامهم الجوفاء؛ ولا لإعلام مصممي "الانفوجرافيك" ورسومهم البلهاء، بل هو وقت اختبار الصبر والصمت والوفاء، اكظموا الغيظ قليلا، ومن أجل مستقبل آمن لأبنائكم تحملوا أكثر، فهم يحملون الوطن في حقائبهم بينما أنتم قلوبكم ووجوه أطفالكم وأسمالهم وحقائب مدارسهم وكسيرات خبز في بيوتكم هي الوطن.. فتحملوا أكثر، وتقبلوا المرّ في مائكم وهوائكم، لأن الدواء بحوزتكم في أي وقت شئتم..
قاون الضريبة ومهما بلغت قسوته على حياتكم، فهو لن يكبلكم عن القيام بما تريدون في أي وقت تشاؤون، لكن العاصفة ومردة شياطينها لا ينتظرون منكم الا حالة ضعف واستسلام واحدة..فلا تمنحوها لهم..فاحموا وطنكم أولا ثم يأتي وقت المساءلة الحاسم والحساب، فلا تراجع عنه، لأن التراجع عندئذ خيانة لن ننتظر طويلا لنعيش عواقبها الأكثر سوءا وتدميرا.
كلنا سنتأثر لكننا لن نتغير وسوف نصبر أكثر، ولن يجبرك على "المرّ إلا الأخطر الأمَرّ"... وانسوا استفزازات بلهاء نظرية "لن يتأثر".
صارحوا الناس وكونوا أكثر شجاعة واحتراما لهم، فهم وكعادتهم سيتفهموا ويصبروا ويحافظوا على استقرارهم المكلف.
ibqaisi@gmail.com

