ما الاعتبارات التي تحكم تعيينات الصف الاول في مؤسسات الاعلام
الخميس-2011-08-03

جفرا نيوز - جفرا نيوز - لا تصلح كل النظريات الذكية لتفسير ظاهرة 'اللون الواحد' في قيادة مؤسسات الاعلام الاردنية وتحديدا الرسمية او شبه الرسمية، فالمشهد الحالي للواجهة الاعلامية للمملكة في زمن الربيع العربي يقول بوضوح بأن حكومة الرئيس معروف البخيت ادخلت سياسة الاسترضاء ومعايير الولاء الشخصي للتعيينات في مواقع الصف الاول اعلاميا بهدف ضمان تمرير خطوات الحكومة اللاحقة في كل الاتجاهات.
ومن الواضح ان هذه الاعتبارات حكمت سلسلة التعيينات الاخيرة في مؤسسات الاعلام الوطنية بحيث يحكم الاعلام حاليا نخبة من رموز اللون الواحد بكل معنى الكلمة سياسيا وادائيا ومهنيا وحتى جغرافيا، وفي بعض الاحيان جهويا، مما دفع بنخبة من كبار المبدعين والكتاب والصحافيين الى الاستمرار في الاستمتاع بالشمس خارج حدود مطبخ الدولة وقنواتها الاعلامية بحيث بقي المطبخ الاعلامي الرسمي مقتصرا على الوجوه نفسها التي استنسخت من نفس العلبة البيروقراطية.
وعلى معيار اللون الواحد تقررت سلسلة التعيينات الاخيرة في مؤسسة صحيفة 'الرأي' التي تعتبر بمثابة اهرام الاردن فخرج رئيس التحرير السابق عبد الوهاب الزغيلات وحل مكانه سميح المعايطة وكلاهما اقرب لصيغة الموظفين، كما خرج الكاتب الاول في البلاد فهد الفانك من موقع رئيس مجلس الادارة ليجلس مكانه الصحافي سمير الحياري احد ابناء المؤسسة القدماء.
وفي الواقع لا يختلف الفريق الجديد في قيادة 'الرأي' عن القديم من حيث اللون والنكهة رغم ان الحياري تقدم قبل ايام بكلمة افتتاحية وعد بها الجمهور بتغيير كبير في الرأي وهي كلمة مطابقة تماما لوعود حكام 'لرأي' الاخرين عندما تسلموا الدفة مثل جورج حواتمة والزغيلات وحتى خالد الكركي.. السؤال اذا لماذا لا تتغير 'الرأي' كمؤسسة قائدة رغم المجموعات المتعددة التي حكمتها باسم النظام والدولة والشعب؟.
ويطرح السؤال في الرأي نخبة من الصحافيين الشبان الذين يهتمون برفع سقف النشر وقيمة حريات الصحافة حيث يستمر الاحتقان ومؤشرات التخندق في المؤسسة رغم التغيير الاخير فيها، فيما انتهت وجبة مدروسة من الاعتصامات في صحيفة 'الدستور' بابعاد عائلة الشريف العريقة اكثر عن مواقع القرار والادارة في صحيفتهم قبل ان يعود وزير الاتصال المستقيل طاهر العدوان لفريق صحيفة 'العرب اليوم' في موقع استشاري.
وقبل 'الرأي' حصل تغيير بنفس المعايير في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون، فيما اصبح مراقب المطبوعات السابق عبد الله ابو رمان وزيرا لشؤون الاتصال لينتمي لنفس اللون والنكهة السياسية التي يفضلها الرئيس البخيت ليستقر الامر في غالبية مؤسسات القطاع العام والصحافة بوجود قيادات تشبه بعضها البعض في كل شيء تقريبا بما في ذلك وكالة الانباء 'بترا' وصحيفة 'الدستور' والدوائر الاقل اهمية بين مؤسسات الاعلام.
ولا يمكن تلمس او رصد اي اعتبارات سياسية او حتى مهنية وراء سلسلة التعيينات التي قررتها الحكومة في مجال الاعلام الا عندما يتعلق الامر بالقناعة بأن شخصيات من لون واحد ومحدد هي المطلوبة لتمرير تشريعات قاسية ضد حريات الصحافة قريبا.
لكن بالمقابل يمكن بوضوح ملاحظة بان بعض مواقع الصف الاول الاعلامية استقرت بين احضان من رفعوا سقف النقد عاليا جدا في الاشهر الاخيرة او حتى من خرقوا بعض الخطوط الحمراء على مستوى النظام في عهد حكومات سابقة وتمثل ذلك في مقالات حساسة جدا او اعتصامات نظمت في الشوارع او حتى تهديدات للدولة دخل اصحابها لمواقع القرار اما تحت بند الاسترضاء والتسكيت او تحت بند اظهار حقائق وخلفيات المعارضة عند البعض.
ومهما كانت مبررات ومسوغات لعبة التعيينات هذه فالنتائج واضحة وواحدة.. الاعلام الاردني لا يتطور والنص الوطني متعدد والاقوياء خارج اللعبة واصحاب اللون الواحد يقدمون المواقع لبعضهم البعض على اسس وراثية وليست مهنية

