النسخة الكاملة

قصص المونديال.. "بيكيلز" الكلب الذي رفع كأس العالم رفقة الأسود الثلاثة!!

الإثنين-2018-03-12 06:13 pm
جفرا نيوز -
كان ديف كوربيت وعائلته ككل الإنجليز، يترقبون بشغف، استضافة بلادهم لبطولة كأس العالم في عام 1966، ويتتبعون كل الأخبار المتعلقة بهذا الحدث الرياضي الجلل، فكانوا حريصين على مطالعة الصحف، التي تتحدث عن المونديال، قبل انطلاق البطولة بعدة أشهر.
حُبُّ عائلة كوربيت الشديد لكرة القدم، جعلها ضيفة دائمة في جلساتهم، واجتماعاتهم الأسرية، فعادة ما كانوا يتبادلون أطراف الحديث، عن تلك اللعبة الساحرة الممتعة، وعما يمكن أن يفعله منتخب الأسود الثلاثة في مونديال يُقام على أرضهم، ووسط جماهيرهم.

وبينما كانوا يترقَّبون استضافتهم للبطولة الأهم في عالم الساحرة المستديرة، كان كلبهم "بيكيلز" يتابع أحاديثهم عنها باهتمام بالغ، فكان يجلس دائمًا إلى جوار صاحبه كوربيت، ينصت إلى ما يقول، ويتفاعل معه بين الحين والآخر، تارة بالإنصات التام والإيماء برأسه، ومرة أخرى بالنباح.
 
كان قرار الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، بعرض كأس العالم الذهبية "كأس جول ريميه"، بمسماه القديم، قبل بداية البطولة بـ 4 أشهر، بأحد المعارض الخاصة بالطوابع البريدية بمنطقة ويستمنستر، بالقرب من البرلمان الإنجليزي، ضمن الأخبار التي حازت على اهتمام كوربيت.

أبهجه هذا الخبر كثيرًا، فأخذ يقول، وهو يمرر يديه على رأس (بيكيلز) وظهره: "يا له من أمر مذهل، سيكون بإمكاننا مشاهدة الكأس من على بعد خطوات فقط. سيكون ذلك مُفرحًا لكل إنجلترا، لكن يا تُرى هل يُسمح لك يا بيكيلز بزيارته معنا، ورؤيته؟".

وبدأ يقُصُّ على عائلته باقي تفاصيل الخبر، بأنَّ ستانلي راوس، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، وافق على هذا القرار، بعد أن اشترط أن يتم وضع الكأس في صندوق زجاجي محكم الإقفال، ويتم التأمين على الكأس بمبلغ 30 ألف جنيه إسترليني.

وبعد أيام من وضع الكأس في معرض الطوابع البريدية، وقبل أن يذهب كروبيت لزيارته، وتحديدًا في 20 مارس/آذار 1966، حدث ما لم يكن في الحسبان، فالاتحاد الإنجليزي أصبح في ورطة كبيرة لا يُحسد عليها، عندما نجح أحد الأشخاص في سرقة الكأس، وأُعلنت حالة الطوارئ في البلاد للبحث عن الكأس المفقود.

وقتها كان كروبيت، أخذ كلبه بيكيلز لتمشيته بإحدى الحدائق وعندما علم بما حدث، بات يحدثه كما لو أنَّه شخص مثله يفهم ما يقوله، وانهال عليه بالكثير من الأسئلة: "الأمر غريب ومُريب أليس كذلك؟.


وواصل "برأيك من فعل هذا؟ ولماذا؟، وهل يؤثر ذلك على مصير البطولة؟.. أتعتقد أنَّ هذه مُزحة، وسيظهر الكأس؟، هل يبدو لك الأمر دراميًا أكثر منه واقعيًا، كما يبدو لي؟".

لم يكن أمام "بيكيلز" إلا أن يستمع لكل ما قاله صاحبه، لكنه بالتأكيد لم يرد على أي من أسئلته، ولم يفعل أي شيء سوى أنَّه كان ينظر إليه باستكانة.. بالأساس لم يكن بمقدوره أن يفعل أكثر من ذلك.

وتطورت الأحداث سريعًا، فالسارق ويُدعى إدوارد بيتشيلي، كان قد بعث برسالة لرئيس الاتحاد الإنجليزي، جو ميرز، يُطالبه بفدية قدرها 30 ألف جنيه إسترليني، وقال له فيها "لا أعلم إن كنت قلقًا فيما يخص كأس العالم، أم لا. بالنسبة لي فهي مجرد قطعة من الذهب لا قيمة لها.. إذا لم أتلق ردًا سريعًا منك، سأقوم بإذابة الكأس".

وطلب بيتشيلي من ميرز، إعطائه الأموال يوم الجمعة، وستعود الكأس في اليوم التالي، السبت، فنشر ميرز، بناء على طلب بيتشيلي، رسالة في صحيفة "لندن إيفننج نيوز" تقول: "على استعداد لعقد الصفقة معكم"، لكنَّه تجاهل التحذير الوارد في الرسالة بعدم إخطار الشرطة.

وبعد تردد، وافق بيتشيلي على عقد لقاء في حديقة "باترسي"، لكن العملية فشلت، بعدما شك بيتشيلي في وجود سيارة، بأنَّها لعناصر الشرطة، فحاول الفرار، لكنه اُعتقل، دون أن يجدوا الكأس.

وقتها كان اليأس قد تمكَّن من الاتحاد الانجليزي، والشرطة، فأعلنوا عن تقديم جائزة نقدية تصل إلى 10 آلاف جنيه إسترليني، لمن يُدلي بمعلومات عن الكأس، لكن لا جديد في الأمر، فأدركوا أنَّ مهمة استعادته شبه مستحيلة، فبدأت محادثاتهم السرية حول إمكانية صنع نسخة ثانية منه.


وبعد 7 أيام، في 27 مارس/آذار، خرج كروبيت ومعه "بيكيلز"، لكن هذه المرة ليس من أجل النزهة، بل لإجراء مكالمة هاتفية للاطمئنان على زوجة شقيقه التي رُزقت بمولود جديد، وراح الكلب يركض في المكان خلف السيارات، وتوقَّف عند إحدى السيارات يُفتش فيما وجده حولها، كان شيئًا أشبه بتمثال.

كان كروبيت انتهى من مكالمته، فنظر لـ"بيكيلز" يخاطبه: "فيما تعبث أنت؟. هيا كي نعود للمنزل".

في تلك الأثناء، لفت انتباهه الشيء الذي يفتش فيه الكلب؛ حيث كان كبيرًا للغاية ومُغطى بورق الجرائد وملفوف بإحكام شديد.

أثار هذا فضول كروبيت، ومزق جزءًا من الغطاء فرأى قرصًا، فمزق جزءًا أكبر فقرأ البرازيل، وألمانيا، وأوروجواي. انتابه الذهول آنذاك وهو يتمتم بكلمات متقطعة: "إنه هو.. أيعقل؟.. الكأس المفقود.. وجدته يا بيكيلز!.. الكأس الذهبية لم تعد مفقودة"!

وتوجَّه بكلماته كعادته إلى كلبه: "لقد عثرت أنت على كأس العالم الذهبية، ومنحتني فرصة أن ألمسه بيدي، وجعلتني أحمل الكأس الأصلية، بعد أن كانت أقصى آمالى، أن آراه من على بعد خطوات.. أأنت الذي ستنقذ إنجلترا من هذه الورطة؟.. حقًا أنت كلب جميل، وعظيم يا (بيكيلز)".


على الفور، توجَّه كوربيت إلى مركز الشرطة لتسليم الكأس، وبعد أن ثبُت أنَّه ليس له علاقة بسرقته، تمَّت مكافأته هو وبيكيلز، فحصل الأول على الجائزة النقدية.

أما الكلب فبات أحد مشاهير المجتمع للدرجة التي قام فيها بدور البطولة في فيلم بعنوان "الجاسوس ذو الأنف البارد"، وشارك في عدد من البرامج التلفزيونية الرائعة.

وتمت دعوتهما من قبل المنتخب الإنجليزي، خلال فعاليات المونديال، الذي كان من نصيبه، وفاز به، ليرفع الكلب "بيكليز" كأس العالم مع منتخب الأسود الثلاثة.

وحصل بيكلز على جائزته المادية، فاشترى بها كوربيت، منزلًا في حي لينجفيلد، لتدور الأيام ويُدفن في حديقته بعد وفاته، أثناء مطاردته لقطة انتهت بالعثور عليه معلقًا من سلسلته فوق شجرة، لتنهي حياته، وتبقي قصته خالدة تتوارثها الأجيال.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير