السعودية و " جهد البلاء " !
السبت-2017-10-14

جفرا نيوز -
جفران يوز - شحاده أبو بقر
المملكة العربية السعودية هي أكبر دولة عربية من زاويتين , الأولى أنها حاضنة وحامية مكة المكرمة والمدينة المنورة حيث الكعبة المشرفة قبلة مليار ونصف المليار مسلم في شتى أرجاء الكوكب , وحيث قبر رسول البشرية كلها " محمد " صلى الله عليه وسلم , والثانية هي توفرها على أكبر إحتياطي من النفط في العالم , وهما خاصيتان روحانية ومادية تجعلانها أكبردولة عربية وإسلامية من حيث هذين الأمرين اللذين يجمعان دينيا ومصلحيا بين توق المؤمنين بالله سبحانه وغير المؤمنين معا وفي وقت واحد , وهما كذلك خاصيتان تفرضان على السعودية مسؤوليات محلية وإقليمية ودولية كبرى لا مناص من الوفاء بها .
عرفت السعودية في التاريخ المعاصر بأنها دولة ذات منهجية سياسية سلمية , وهي منهجية تمليها الخاصيتان المهمتان جدا آنفتا الذكر , فما الذي أخرجها عن هذا الطور وأجبرها على ألإنخراط سياسيا وعسكريا في حروب وصراعات خارج حدودها ! .
جوابا عن هذا التساؤل وبلا مقدمات مطولة وردا على سائر لائمي السعودية على هذا الإنخراط القسري وبعضهم ينطلق من قصر نظر وبعضهم من أحقاد دفينة وكره هكذا بلا مبرر منطقي , نقول , إنه " جهد البلاء " الذي يجسده المشروع الإيراني الساعي للهيمنة على الشرق العربي كله وعينه على مكة والمدينة والقدس , ووسيلته إذكاء نار الفتنة الطائفية بين العرب المسلمين سنة وشيعة مع ما يفرزه ذلك من صدام وأحقاد , ولا يخفى ذلك الماثل للعيان إلا على جاهل أو متعمد للتجاهل ! .
نعم , تدخلت السعودية وعن بعد في العراق صدا للهيمنة الإيرانية على هذا البلد العربي ما أمكنها ذلك , وتدخلت عن قرب وعن بعد في سورية دعما لثورة الشعب السوري السلمية ضد نظام ألقى بسورية كلها في أحضان إيران ومشروعها الطائفي الذي يمزق وحدة العرب والمسلمين روحانيا , وتدخلت في لبنان عن بعد صدا لهيمنة " حزب الله " وكيل إيران ذي النزعة الطائفية على هذا البلد العربي الذي يعاني مرارة هذه النزعة التي تفرق صف الشعب الواحد , وهبت السعودية لنجدة البحرين عندما تهدده الخطر ذاته , وأخيرا تخوض السعودية حربا في اليمن إنقاذا لهذا البلد العربي من هيمنة الحوثيين الموالين لإيران والمرتبطين بمشروعها الكبير !
بإختصار , السعودية هي من تقف برجالها ومالها وسلاحها في وجه ذلك المشروع الإيراني الذي لم تفلح كل سياساتها السلمية ومعها عرب آخرون ونحن في الأردن منهم في صده سلميا , فبرغم كل محاولات بناء علاقات مودة وحسن جوار بين إيران وجيرانها العرب , إلا أن هناك فئة متحكمة في إيران مصرة على المضي قدما في مشروعها للهيمنة , ولا يتردد عسكريون وساسة كبار فيها عن التصريح بين فينة وأخرى متباهين بأن إيران تهيمن اليوم على أربع عواصم عربية " بغداد , دمشق , بيروت , وصنعاء " !, والغريب المستهجن أنهم يجدون عربا يدافعون عنهم وعن مشروعهم ويهاجمون في المقابل السعودية وغيرها من العرب المتوجسين من مشروع إيران ونواياها ! .
السعودية إذن لا تدافع عن نظام حكمها وبلدها وحسب , وإنما هي تدافع وتخوض حربا ضد مشروع خطير يستهدف كل العرب بلا إستثناء , ومنهم من ما زال مخدوعا بالحديث الإيراني عن الموت لأميركا وإسرائيل , ظنا منه أن ذلك من أجل عيون العرب ! .
لا حاجة بنا لان نقسم بأننا نتمنى صادقين السلامة لإيران وشعبها , مثلما نتمنى علاقات إستراتيجية تعاونية أفضل بينها وبين جيرانها العرب لا بل وكل العرب , لكن حكامها لا يريدون , وهم ماضون في تنفيذ ما في صدورهم من نيات ليست في صالح شعبهم ولا في صالح شعوبنا العربية , وهم مصرون على جلب الأغراب من جديد لإشعال حرب ضروس جديدة ضدهم وضد بلادنا معهم , ومواجهة قوى عظمى لا قبل لهم ولا لنا بها لتمزيق المنطقة الممزقة أصلا من جديد , ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ختاما وفي السياق , نعتب نحن الأردنيين على أشقائنا السعوديين الذين نقدر الظروف التي وجدوا أنفسهم في مواجهتها رغما عن إرادتهم , ونحاول أحيانا أن نجد لهم العذر في النكوص عن دعم الأردن الذي يعاني جراء ذنوب غيره , وبسبب غيرته على العرب ورفضه كل المغريات إنسجاما مع تلك الغيرة ومن أجل مصالح العرب لا مصالحه , لكننا مؤمنون بأن مصيرنا واحد , خاصة ونحن نلمح نذر حرب كبرى جديدة تطل برأسها , ولهذا نرى أننا أجدر وأحق بالدعم من غيرنا , أو هكذا نحن مقتنعون ! , فمثل هذا الدعم لا يصب في مصلحتنا وحدنا , بل في صلحتنا نحن الطرفين معا بإعتبارنا في مركب واحد ! .
نتمنى السلامة للشقيقة السعودية مقدرين دورها العربي الكبير , ويقينا فإن الأردن بقيادته الكريمة لن يتخلى عنهم حتى لو لا قدر الله تخلوا عنا ! . نحن لا ندافع عنهم فهم على حق , فقط أردنا عرض الحقائق لمن يتعامى عنها في زمن عربي فوضوي مر ومرير , وعلى هؤلاء أن يتصوروا لو لم تتدخل السعودية في اليمن , إذن لكان الحرس الثوري وقاسم سليماني يتجول في شوارع صنعاء وميادينها اليوم على مقربة من مكة المكرمة والمدينة المنورة , والله أعلم أين لاحقا , وهو تجوال كنا وما زلنا نتمناه سلميا وأخويا ومرحبابه , إلا ان فئة حاكمة في طهران تريده نقيض ذلك تماما , لا حول ولا قوة إلا بالله , وهو من وراء القصد .

