النسخة الكاملة

الشيشاني والترك .. و رسالة الشفافية والاستقواء

الأربعاء-2017-08-30
جفرا نيوز - جفرا نيوز - أ‌.د. سيف الدين الفقراء
أنهي مجلس الوزراء خدمة الموظفة الأردنية هدى الشيشاني من دائرة العطاءات في وزارة الأشغال لقيامها بكشف تلاعب في أحد العطاءات, وفّر على الدولة عشرات الملايين, الأمر الذي أثار حفيظة الفاسدين ومصاصي الدماء ليبثوا سمومهم في أرجاء الوطن, ويستقووا على موظف؛ فقط لأنّه نزيه ورغب في الوقوف في وجه الفساد, وتأوه له كأيّ مواطن لديه ذرة إنسانية وانتماء لوطن أنهكه الفساد, وتداعت الأصوات واختلطت, ارتفعت وتلاشت, ومضى الفساد والفاسدون في غيّهم حتى نهاية المطاف, والرسالة الأبرز في الحدث أنّ من يرفع صوته أو يحاول أن يصرخ في وجه فاسد سيكون الإقصاء مكانه, وتكميم الأفواه مصيره, وأنّ لا مكان للحمل أمام الذئاب المسعورة في وطن غابت عن أرضه شمس العدالة, وأفل نجم العدل عن سمائه. وفي مقابل هذه المسألة ينهض موظف اسمه أنس الترك كان يعمل مديرا لجهاز الرقابة في جامعة حكومية في جنوب الوطن بالمهام الرقابيّة المناطة به, فيعترض على قيام رئيس الجامعة بصرف سيارة من الجامعة لأفراد أسرته, ويكشف المخالفة القانونية بطريقة رسمية لا تشوبها أي شائبة, ويطلب الكشف عن التلاعب في الملف الأكاديمي والمالي للمجموعة العربية في الجامعة التي يملكها شقيق الرئيس, ويحاول تدقيق ملفات صندوق الادخار الذي حصل فيه تلاعب هزّ الجامعة ونال من سمعتها, فتثور ثائرة رئيس الجامعة ويستقوي عليه, وينتقم منه بإقصائه ونقله مكان قصيّا, وتعيين بديل له لا تنطبق عليه الشروط القانونية لإشغال منصب مدير جهاز الرقابة. ويسعى أنس للإنصاف لدى الأجهزة المعنية بالعدالة والشفافية, ولا يجد سوى الصدود من المسؤولين, وتمضي شكواه دون جدوى, وينتصر الفاسدون في طغيانهم, ويستمرون فيه يعمهون. بين الشيشاني والترك يقبع شعب كامل يعرف تفاصيل الفساد والفاسدين في هذا الوطن تاريخاً وشواهدَ, ويدرك حقائق آلت بالوضع إلى ما صرنا عليه, ويرى في قصة الثنائي رواية استقواء على العدالة , ويتجرع الرسالة التي تصرّ مؤسسات الدولة على إيصالها بأنّ تكميم الأفواه هو النهج, وانّ الإقصاء هو المنهج, وأنّ الانتصار للفاسدين هو طريق بلوغ المراتب والارتقاء, وأنّ الإصلاح المزعوم أصبح من التاريخ المأفون, وأنّ القادم أسوأ, والمستقبل أكثر قتامة وضبابية. فللشيشاني والترك ربّ ينصفهما, ومعهما شعب يرقبهما, وأيدي تضرع إلى الله لعل دعوة مستجابة تتسلل في جوف الليل إلى العادل العدل, ولهما منّا عبْرة تترقرق في القلب الذي يبكي وطنا يباع ويشترى.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير