النسخة الكاملة

أبو كريم

الثلاثاء-2017-06-27 01:59 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - عبدالهادي راجي المجالي كثيرا ما يتحدثون عن القطاع الخاص : دور القطاع الخاص , الشراكة مع القطاع الخاص , التنمية المجتمعية والقطاع الخاص , رسالة القطاع الخاص ...؟ في النهاية , كل ما نعرفه عن القطاع الخاص ..هومجموعة من الرجال يأتون ببدلات فارهة وسيجار كوبي ويلتهمون (الستيك) في مطاعم فاخرة ثم يمضون ..ويتركون بقايا أثر (الكاوتشوك) على الشارع ,حين ينطلقون ...بسرعة البرق في السيارات التي تحمل محركات ضحمة وقوية , ومع أثر الكاوتشوك يتركون لك بعض الأمنيات بأن يمر عليك يوم وتمتطي سيارة مثل سياراتهم .. شركة زين هي من أكبر الشركات في الأردن وقيمتها السوقية تعد بالمليارات , عبر عليها الكثير من المدراء ..والذين تركوا أثر الكاوتشوك على الشارع لحظة انطلاقهم وتركوا بعض الأمنيات ..ولكن هنالك شخص مختلف هو الهنانده ...أو كما ينادونه في الشركة (أبو كريم) ...فقبل فترة , شاهدته في حي معصوم بالزرقاء , ركن سيارته في زاوية بعيدة ..وانطلق يسأل أهل الحي عن (بيت عزاء) ...وأنا كنت في المنطقة ..الغريب أن صاحب بيت العزاء هو (مراسل) في مؤسسة حكومية خدمية وقد توفي والده ...وهذا المراسل يحب الهنانده ويعتبر نفسه صديقا له , للعلم راتب المراسل لا يتعدى أل(322) دينار ...وتحصيله العلمي توجيهي راسب , المهم في الأمر أن (أبو كريم) استدل على بيت العزاء , ودخل وشرب من قهوتهم ...وأخذ الغذاء في اليوم الثاني وجلس ما يقارب النصف ساعة ...وقبل جميع (المجبرين) ...ثم غادر . ذهب بدون موظف من العلاقات العامة , وبدون سائق ..وكان بإمكانه أن يتحدث بالهاتف وكان بإمكانه أن لايقدم واجب العزاء من الأصل , ولكنه دخل في الزقاق ومشى وجلس مع الناس ..ومن ثم عاد في اليوم الثاني لعمله ... لا أظن أن أحدا من عمالقة القطاع الخاص دخل الزرقاء ؟ أو قرر أن يخوض أزمة شارع السعادة ..أو حتى قبل أن يجلس في بيت عزاء بسيط بحي معصوم , مرتديا الجاكيت الفرنسي الفاخر ... المراسل اياه , كان يعمل في مركزالحسين الثقافي الذي أديره ...وأنا تركت (أبو كريم) وحده ولم أدعه يلحظ وجودي , لأني عرفت أنه يريد تقديم شيء ما للرجل ولا يحب أن يشاهده أحد .. حين تشاهد مدير عام مؤسسة في القطاع الخاص قيمتها السوقية تتعدى (2) مليار يمشي في أزقة حي معصوم بالزرقاء , كي يقدم واجب العزاء لمواطن بسيط فقد والده فاعرف أن ثمة خير كثير في هذا الوطن ...وحين تشاهد مدير عام بهذا الحجم ..يصر على أخذ الغذاء او ما نسميه (غدا المجبرين) فاعرف ..أن رأس المال ليس متوحشا دوما بل له جانب أخلاقي وإنساني ... هذا الرجل من أسرة بسيطة , تشبعت بالحنين , واستظلت بقمح الأرض المعطاءة ...وربما لحجم الحب , الذي يسكن قلبه ..كان (ظبي حوران) في قصائد حبيب الزيودي ..ملهما له لكي يتذكر دوما أنه من عمق الحياة لا من قشورها , وأنه مولود من الرضى الذي ..يغمر أهداب النساء في إربد ,حين يولد الصباح هنالك نديا .. شكرا لك يا أخي ورفيقي وصديقي ..فأنت تمنحنا عبرة في الحياة مفادها ..أن هذا البلد طيب , والخير فيه ..بحجم المدى وأكبر .
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير