البرلمان الجديد: نفوذ محدود لجناح الدولة المدنية وتحشد منفلت في الثقل العشائري
الأحد-2016-10-02 02:00 am

جفرا نيوز -
جفرا نيوز - نظرة متفحصة لكن أولية لموازين القوى داخل مجلس النواب الأردني الجديد تثبت مجدداً أن تغييرات هيكلية في نمط الاصطفاف والتحالف قد تعيد إنتاج ما علق بالذاكرة عن الإطار الكتلوي السابق الذي لم يكن منتجاً.
يمكن القول استباقاً أن احتجاب المبادرة البرلمانية التي خطفت الأضواء تماماً في عهد البرلمان السابق وبسبب نتائج صناديق الانتخاب يرجح ولادة مشروع كتلوي أصغر وأقل تأثيراً باسم الدولة المدنية.
الهدف سيكون على الأرجح إظهار مستوى التنوع والتعدد داخل قوى البرلمان وهي مسالة تنتج عنها عوائد ومكاسب عندما يتعلق الامر بتقييم السفارات الغربية والمنظمات الاجنبية لمستويات الاداء في تركيبة البرلمان الاردني الجديد الذي لم تقدم فيه اي من المؤسسات المعنية اي شهادة تفيد بأنه نتج عن التزوير او التدخل الرسمي. مسبقاً يمكن توقع أن يتولى قيادة تيار الدولة المدنية على محدودية تأثيره النائب الجديد والناشط جداً خالد رمضان وهو برلماني عمل لأكثر من ربع قرن قبل النيابة في سياق التيارات القومية والاصلاحية ودعوات الدولة المدنية ودولة المواطنة.
وسيكون حفيد مؤسس الحزب الشيوعي والنائب الحالي قيس زيادين، هو الرافد الثاني لهذا التيار الذي يمكنه النجاح في استقطاب بعض دعاة المواطنة من الشخصيات القليلة التي نجحت في الانتخابات.
فرصة جناح الدولة المدنية البرلماني في تشكيل كتلة فاعلة مستقلة قد تكون ضعيفة من حيث العدد لكن القدرة متوفرة على اجتذاب وسائل الاعلام ومغازلتها خصوصاً أن غياب المبادرة البرلمانية عن الاجواء تماماً قد يؤدي لفتح قنوات خلفية مع نواب الدولة المدنية بالنسبة للسلطة والحكومة.
خصوم المبادرة وتحديداً العائدون منهم الى البرلمان سيواصلون لعبة التخاصم مع تيار الدولة المدنية وهو امر قد يظهره او يقوده أهم وأكبر مشرع حالياً في البرلمان المخضرم عبد الكريم الدغمي المحاط بطبيعة الحال بـ 9 من نواب قبيلته بني حسن وبآخرين من ممثلي المركز العشائري والاجتماعي المحافظ وبالتالي نتحدث هنا عن فرصة تشكيل إطار في مسافة متخاصمة مع مجموعة الدولة المدنية بالقدر نفسه الذي ستكون فيه متخاصمة مع المجموعة التي يقودها مطبخ الإخوان المسلمين. ويعتقد الخبراء مبكراً أن ما يسميه النائب رمضان مركز الثقل العشائري قد يضم على الاقل نحو 30 نائباً جديداً لن تعجبهم افكار ومقترحات الدولة المدنية وسيجدون انفسهم في مواجهة المهمة الابرز وهي التصدي للإخوان المسلمين.
مشكلة نواب الثقل العشائري هنا تكمن في مسألتين: الأولى ان التجارب السابقة تظهر ميلهم للغياب عن الجلسات وتجنب المشاركة الفاعلة في التشريع والرقابة وهي ميزة يستفيد منها التيار الإسلامي عادةً.
المشكلة الثانية ان شخصيات برلمانية وسياسية عدة متوسطة المزاج وتحظى بحضور عشائري قد تتنازع فيما بينها على قيادة مركز الثقل العشائري نفسه حيث طموحات التزعم هذا التيار المهم والعريق الخالي من الاجندات السياسية والمؤمن بمركزية الدولة يتقاسمها كل من الدغمي ورئيس مجلس النواب الاسبق المهندس عاطف الطراونة.
قد ينضم الى نادي الفاعلين الاساسيين لكن بصورة عصرية مسيسة وبجرعة وطنية نشطة اكثر الجنرال مازن القاضي وهو وزير سابق للداخلية وبرلماني لدورات عدة وسبق ان تحدث عن رؤية انفتاح في التواصل والاتصال مع جميع ممثلي مكونات المجتمع الأردني.
معنى الكلام ان ممثلي التيار المحافظ اذا جازت التسمية ليسوا موحدين او قد لا يكونون كذلك لا على صعيد المرجعيات ولا على صعيد البرامج وحتى على صعيد الاداء الفردي، الامر الذي قد يرهق الحكومة اذا ما حاولت من جانبها احتواء جناح الدولة المدنية والتصدي لأجندة المعارضة الإخوانية.
وسط هذا الزحام الكتلوي والتحالفي يبرز الإخوان المسلمون وحدهم حتى اللحظة على الاقل في مشهد كتلة قليلة العدد قوامها 15 نائباً لكنها برامجية وصلبة ومتماسكة ويقودها مشرع خبير من الطراز الرفيع وهو الدكتور عبد الله العكايلة الذي يتمتع بقدرات كبيرة في مجال المناورة عندما يتعلق الامر بالتشريع والرقابة.
في المسألة التشريعية ايضاً يرافق العكايلة لاعب لا يمكن الاستهانة به في مجال الصخب السياسي والاعلامي ولا في مجال التدقيق في نصوص القوانين والتشريعات وهو القطب الجديد ونقيب المحامين الاسبق لدورات عدة صالح العرموطي. يعمل مع العكايلة والعرموطي 13 نائباً برامجياً منضبطاً بينهم خبراء بشخصيات شرسة في مجال الموقف الوطني والسياسي مثل ثامر بينو وإعلاميون بمهارات متقدمة مثل ديما طهبوب وخبراء تكنوقراط متخصصون في الرقابة وقادرون على التجلي في ممارستها مثل هدى العتوم برفقة شخصيات نافذة في التيار الإسلامي وصلبة جداً مثل الشيخ سعود ابو محفوظ.
المناكفون للسلطة وللخيارات الرسمية من أبناء العشائر ومن الشخصيات المستقلة سيتقاطعون بين الحين والآخر مع الاتجاه الاسلامي او مع تيار الدولة المدنية وهي مسألة تنطوي على أفضلية للإسلاميين ولليبراليين المسيسين وان كانت الكثافة العددية ستبقى لصالح مركز الثقل العشائري الوسطي المتميز أيضاً بخبرات لا يمكن الاستهانة بها.
لذلك يمكن الاستخلاص بأن خيارات التكتل في برلمان الاردن الجديد مفتوحة على كل الاحتمالات خصوصاً مع وجود تأثير ملموس لنواب رأس المال والبزنس، الامر الذي يعني بأن المواجهات اليومية ستكون شرسة وعميقة وان فكرة التكتل ستعاني مرة اخرى من ظاهرتين سلبيتين هما تسرب الأصوات بعيداً عن الإجماع والحرد الفردي الشخصي.
السلطة ينبغي ان تبذل جهداً خارقاً لتوحيد وجمع ممثلي الثقل المحافظ في البرلمان أما مهمة الإخوان المسلمين فستكون حصرياً السهر على إفشال أي خطة حكومية في هذا الاتجاه وهي المهارة التي يجيدها بلا شك الدكتور العكايلة.بسام بدارين - القدس العربي

