النسخة الكاملة

السنيد : الوزير الذي ينتمي ذهنيا الى المرحلة العرفية

الثلاثاء-2016-02-23
جفرا نيوز - جفرا نيوز - كتب النائب علي السنيد:

وزير الداخلية الذي جاء ذات تعويج حكومي يعبر عن اكبر سقطات هذه الحكومة التي تبرهن في كل يوم انها تتبع مدرسة قديمة في الحكم، وقد اسفرعن وجهه غير الديموقراطي من خلال الكيفية التي تعامل بها مع حادث الاعتداء على الحريات الذي شهدناه على بوابة مجلس النواب، وجرى به التعدي على مكانة وقيمة النائب في هذه الديموقراطية العرجاء، وعلى ممثلي القوى السياسية، وبعض النخب الاردنية، واكمل المشهد برفضه تقديم الاعتذار على خلفية ما جرى، ومرد ذلك الى ان معاليه وكما اجزم لا ينتمي ذهنياً الى هذا الزمن الذي نعيش فيه، ولا يثير مفهوم الديموقراطية في وعيه أي شيء، وهو لا يدرك بظني قيمة النائب ومكانته في النظام الدستوري الاردني، وهذا ليس ذنبه فهو جاء من مخلفات مرحلة سابقة لم يكن فيها مجلس النواب يعترف به كممثل لشرعية الحكم، ولو كان هذا الوزير يدرك انه يعمل دستوريا بموجب الشرعية الممنوحة له في مجلس النواب لعلم مدى الخطأ الجسيم الذي وقع فيه بحكم مسؤوليته عن عمل الاجهزة الامنية، ومسؤوليته الاخلاقية عن هذا الاعتداء الذي وقع على بعض نواب الشعب لمجرد دفاعهم عن الحريات العامة اثناء مطاردة ممثلي الاحزاب، وتعريضهم للاعتقال امام بوابة مجلس الامة، وفي اكناف هذا المجلس وحرمته. ولا شك ان هذا الوزير هو الاكثر تعبيرا عن الزمن العرفي، ولا علاقة له بالمفهوم الديموقراطي لعملية الحكم.

ولعل من اكبر سقطات رئيس الحكومة ان استحضر الى هذا الزمن الذي نعيش فيه عقليات قديمة في الحكم، ولا تحسن فهم واقعنا السياسي المعاصر ، وما جرى عليه من تغييرات بحكم الزمن وتغييراته المستمرة، وتقدم المعرفة، وربما ان احداثا قادمة ستفضح توجهاتنا الديموقراطية اذا اديرت من خلال هذه العقليات المغرقة بالعرفية والتي ضاقت بمجرد اعتصام تعبيري صامت لنخبة قليلة من السياسيين امام مجلس النواب، وجاء ذلك في سياق مناسبة هامة تتعلق بتشريع قانون انتخابات نيابية للمملكة الاردنية الهاشمية ، وليجري في هذه الايام تحديدا اظهار مدى احترامنا لمكانة وقدر النائب، وكيفية تعاملنا مع حرية التعبير وما نكنه للاحزاب والقوى السياسية من عدائية مفرطة، وهي رسالة وصلت للعالم على صغر مساحة الاعتصام وكأنها فضيحة سياسية بامتياز حيث تضيق المملكة باعتصام صامت للاعتراض على بعض مواد قانون الانتخاب. ولم يسلم حتى النواب من المس بهم.

ولقد اديرت في المملكة عبر السنوات القليلة الماضية الاف الاعتصامات والمظاهرات و المسيرات، وتركت كل المحافظات والقرى تقول كلمتها، واتيح للناس التعبير ، ووصلت الشعارات الى حدها الاعلى وكانت طريقة ادارة المشهد السياسي هي التي انجحت الاردن وجنبته المزالق السياسية التي انزلقت لها دول نتشابه معها تماما في سوء اوضاعها الاقتصادية، وانما نختلف في كيفية التعامل مع الاحداث بروح التوازن والاعتدال. وعلينا ان لا نخسر سمة الاعتدال التي حافظت على امننا واستقرارنا في حين فشلت عنتريات وزراء داخلية كثير من الدول العربية في السيطرة على الفوضى والاضطرابات التي شاعت في هذه الدول وسلمتها الى المجهول.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير