لماذا وقعت رحلتي الإسراء والمعراج ليلا ؟
لماذا وقعت رحلتي الإسراء والمعراج ليلًا ؟، أسرار عظيمة كشفها الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر في مصر عن رحلة الإسراء والمعراج، نرصدها في التقرير التالي.
وأوضح الدكتور علي جمعة في بيان له لماذا حدثت رحلتي الإسراء والمعراج ليلا : قال ابن المنير: إنما كان الإسراء ليلا لأنه وقت الخلوة والاختصاص عرفًا، ولأن وقت الصلاة التي كانت مفروضة عليه في قوله تعالى : { قُمِ اللَّيْلَ}. وليكون أبلغ للمؤمن في الايمان بالغيب وفتنة للكافر ولأن الليل محل الاجتماع بالأحباب .
قال ابن دحية : ولإبطال قول الفلاسفة إن الظلمة من شأنها الإهانة والشر، وكيف يقولون ذلك مع أن الله تعالى أكرم أقواما في الليل بأنواع الكرامات كقوله في قصة إبراهيم عليه السلام: { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ} . وفي لوط : {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} . وفي موسى :{ وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً}. وناجاه ليلا وأمره بإخراج قومه ليلا في قوله : { فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا}. واستجاب دعاء يعقوب فيه وهو المراد في قوله : { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} .
وقال ابن أبي حمزة : الحكمة في كون آدم في -السماء- الأولى أنه أول الأنبياء وأول الآباء وهو أصل فكان أولا في الآباء؛ ولأجل تأنيس النبوة بالأبوة، وعيسى في الثانية لأنه أقرب الأنبياء عهدا من محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ويليه يوسف لأن أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدخلون الجنة على صورته، وإدريس قيل : لأنه أول من قاتل للدين فلعل المناسبة فيها الإذن للنبي عليه الصلاة والسلام بالمقاتلة ورفعه بالمعراج لقوله تعالى : {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}. والرابعة من السبع وسط معتدل، وهارون لقربه من أخيه موسى ؛ وموسى أرفع منه لفضل كلام الله. وإبراهيم لأنه الأب الأخير فناسب أن يتجدد للنبي بلقياه أنس لتوجهه بعده إلى عالم آخر، وأيضا فمنزلة الخليل تقتضي أن تكون أرفع المنازل ومنزلة الحبيب أرفع، فلذلك ارتفع عنه إلى قاب قوسين أو أدنى.
ما هي حكمة الإسراء والمعراج ؟
قال أبو الحسين النوري: "شاهد الحقُّ القلوبَ، فلم ير قلباً أشوق إليه من قلب محمد ﷺ ، فأكرمه بالمعراج، تعجيلاً للرؤية والمكالمة". [الرسالة القشيرية]، وقالوا : نظافة قلب النبي ﷺ . وبعضهم زاد : غسيل قلب النبي ﷺ كان من أجل هذه النظافة العليا وإعداداً له للمعراج ؛فعندما نزل سيدنا جبريل وهو في مضارب حليمة فشق صدره الشريف ،وشق صدره مرةً ثانية، ثم مرةً ثالثة كل هذا يملأ قلب النبي ﷺ بطستٍ من نور وأخذ منه حظ الشيطان من رحمة النبي ﷺ بالشيطان؛ فالنبي ﷺ أُرسل رحمةً للعالمين ؛فرفع المَلك من قلبه هذه الرحمة لإبليس المطرود من الرحمة بأمر الله تعالى حتى يكمل حال النبي ﷺ وهي أن يرضى بما رضي الله به ،فعندما نُزعت هذه من قلبه كان قلبه على التمام من رضا الله سبحانه وتعالى، فسيدنا رسول الله ﷺ أُعد بهذه الغسلات وبهذا الحال وبهذا القَدَر في الإرسال وأنه سيد الخلق وأنه شفيع البشرية عند ربها لأنه رحمة للعالمين يعني من لدن آدم ؛فالرحمة هذه ستظهر في يوم القيامة في الشفاعة الكبرى ،كل الناس واقفة يوم القيامة ألف سنة وهي يتم التحقق معها تعبت، فيذهبون كما في حديث البخاري إلى آدم فنوح فإبراهيم فموسى فعيسى وكلهم يحيل على أخيه حتى يأتوا إلى النبي ﷺ فيقول: «أنا لها أنا لها» فيذهب فيسجد تحت العرش إلى آخر الحديث في البخاري فهو رحمة للعالمين كل العالمين هيستفيدوا منه ﷺ ،فيخفف عنهم الألف سنة إلى نصف يوم وربنا يشفعه فيهم «يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ ، سَلْ تُعْطَهْ ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ»فيُظهر منّة سيدنا رسول الله ﷺ علي كل من خالفوه وسبوه واستهزأوا به وكذبوه.
وكشف عن صيغة عظيمة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلاَتَكَ الْقَدِيمَةَ الأَزَلِيَّةَ ، الدَّائِمَةَ الْبَاقِيَةَ الأَبَدِيَّةِ ، الَّتِي صَلَّيْتَهَا فِي حَضْرَةِ عِلْمِكَ الْقَدِيمِ ، الَّذِي أَنْزَلْتَهُ بِمَلاَئِكَتِكَ فِي حَضْرَةِ كَلاَمِكَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ ، فَقُلْتَ بِاللِّسَانِ الْمُحَمَّدِيِّ الرَّحِيمِ : {إِنَّ الله وَمَلاَئِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ } وَخَاطَبْتَنَا بِهَا مَعَ السَّلاَمِ تَتْمِيماً لِلإِكْرَامِ مِنْكَ لَنَا وَالإِنْعَامِ ، فَقُلْتَ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} فَقُلْتُ امْتِثَالاً لأَمْرِكَ وَرَغْبَةً فِيمَا عِنْدَكَ مِنْ أَجْرِكَ : اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، صَلاَةً دَائِمَةً بَاقِيَةً إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، حَتَّى نَجِدَهَا وِقَايَةً لَنَا مِنْ نَارِ الْجَحِيمِ ، وَمُوَصِّلَةً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى دَارِ النَّعِيمِ وَرُؤْيَةِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ يَا عَظِيمُ.