عــائدون من غزة : شكرًا للملك وولي العهد
جفرا نيوز - نيفين عبدالهادي
بين قصة وأخرى حياة، وبين الكلمة والأخرى مرارة وخوف، وبين حديث والآخر تفاصيل أقرب للخيال، هم المواطنون العائدون من قطاع غزة، الذين يصفون ما عاشوه في فترات زمنية مختلفة في الوقت، لكنها متقاربة حدّ التشابك بالتفاصيل، فما عاشوه من تفاصيل هو الوقوف على حافة الموت يوميا، كل ساعة وكل دقيقة، حتى جاءهم طوق النجاة بالعودة إلى أرض الوطن، بحرص ملكي من جلالة الملك عبدالله الثاني وتوجيهات من جلالته أن يصل المواطنون سالمين آمنين إلى أرض الوطن.
عشرات القصص يحملها العائدون إلى أرض الوطن من غزة، لكن ما يحملون في قلوبهم وعلى ألسنتهم كلمات واحدة أن شكرا لجلالة الملك الذي أوجد لهم حياة جديدة، بعدما فقدوا الأمل بالعودة لها، أوجد لها درب سلامة قادتهم للوطن بكل سهولة ويسر ودون أي صعوبات، فهم اليوم في الأردن الوطن، بأمان وسلام تاركين تفاصيل أيام هي الأقسى والأصعب في حياتهم، ليس ما مضى منها فقط إنما ما هو آت، معتبرين جهود الملك وحرص جلالته لعودتهم انقاذا لحياتهم وحياة عائلاتهم، وفرحا يهديه جلالته لأبنائهم الذين انتظروهم في عمّان بخوف وقلق فقدانهم.
وفي متابعة مع عدد من العائدين للوطن من قطاع غزة، أكدوا أهمية ما قام به الأردن بقيادة جلالة الملك لتأمين عودتهم لأرض الوطن، واصفين التسهيلات التي قدمت لهم بأنها غاية في التنظيم والسهولة، ووجود موظف من السفارة الأردنية بانتظارهم في العريش، وتوفير كل ما يلزمهم لعودتهم للوطن سالمين، وتوفير الوثائق اللازمة للمواطنين ممن فقدوا وثائقهم، ما جعل من عودتهم آمنة ومنظمة وسهلة.
وأكد متحدثو أن الأوضاع في غزة أقل ما توصف به أنها صعبة، هي مجازر ترتكب كل لحظة في شوارع ومنازل الأهل في غزة، ولم يبق الاحتلال أي مكان آمنا في غزة، فقد دمرت بصورة شبه كاملة، تحديدا المستشفيات والمدارس، وكثير من البيوت، وعاد معظم المواطنين وقد شاهدوا منازلهم ومنازل أقاربهم تقصف وتتساوى بالأرض، تاركة شهداء، ودمارا، وجرحى، واصابات، والأهم تاركة وجعا لا علاج له، وذكريات في أذهانهم تحتاج دهورا لتتلاشى وتنتهي.
وزارة الخارجية وشؤون المغتربين أعلنت حتى الآن عن وصول (3) دفعات من المواطنين الذين تم اجلاؤهم من قطاع غزة، بتوجيهات من جلالة الملك عبد الله الثاني، ومتابعة من سمو الأمير الحسين ولي العهد، ليبقى عدد ليس كبيرا من المواطنين، حيث تعمل الوزارة ضمن خطة لهذه الغاية لإجلاء كافة المواطنين وعودتهم آمنين سالمين لأرض الوطن، وتوفير كافة التسهيلات لهم، والوثائق التي افتقدوها خلال الحرب، في حال فقدانها بطبيعة الحال، ليكون الأردن كعادته نموذجيا في إجراءاته حدّ الإيجابية المطلقة.
وفي لقاءات صحافية مع عدد من العائدين أكدوا أنه على اختلاف وتعدد الجنسيات التي وصلت لمعبر رفح لمغادرة غزة، إلاّ أن الأردنيين هم أول من غادر بكل سهولة، واحترام، وبحضور كادر من السفارة الأردنية في القاهرة، فكانوا أول من غادر القطاع ولهم الأولوية فهو الاحترام والتقدير للأردن دوما.
وليد أبو دقة
العائد من غزة وليد أبو دقة قال إنه كان يزور والدته المسنّة، في خان يونس، وفوجئ بالحرب التي شنّت على القطاع، واصفا الأيام التي قضاها في غزة بأنها سيئة جدا، بل هي الأسوأ في حياته بكل شيء، قرابة الشهر وأنا أعيش تحت القصف، وكل ما نراه عبر شاشات التلفزيون والهواتف جزء بسيط من الحقيقة، فهناك مناطق تم قصفها لا يدخلها إعلام ولا دفاع مدني ولا كوادر الصحة، فقد دمرت بالكامل فوق ساكنيها، ممن بقوا تحت الأنقاض لا يعرف اكد من هم ومصيرهم، فقد انتهت عائلات بالكامل ولم يبق منها أي فرد.
كنا كل ليلة نودع بعضنا البعض، ونودع الحياة، وفق أبو دقة، وبالطبع لم نكن ننام، لكن القصف كان يشتد ليلا، وكثيرا ما قصفت منازل من حولنا، وكثيرا ما كنت أسير في الشارع وتسقط قذيفة في طريقي، أو قذائف من حولي، وكثيرا ما وصلت لمرحلة وداع الحياة، وأن الموت أقرب مني من الحياة، حتى جاء الفرج.
هكذا قالها وليد، نعم جاء الفرج باتصال وزارة الخارجية معي لترتيب عودتي للوطن، فبدأت بالاستعداد منذ وصول الهاتف، على الرغم من أنني ذهبت وزوجتي التي كانت ترافقني في غزة، لأكثر من مرة للمعبر لكن لم نتمكن من الخروج لإغلاقه من الاحتلال، لكني ذهبت مرارا سعيا لإنهاء المعاناة التي اعيشها، إلى أن جاء يوم الحسم وطلبت منا الخارجية ان نكون في المعبر الساعة التاسعة صباحا، فكنت الساعة السابعة، تتسارع خطواتي نحو الوطن الذي إن بقيت أيام حياتي القادمة أشكر جلالة الملك وولي العهد على مساعيهما لتحقيق الأمن لنا لن أكتفي، فنحن حقا نتباهي بأننا أردنيون أمام العالم.
وأضاف أبو دقة، ذهبت للمعبر وما ان سمح لنا بمغادرة غزة، حتى استقبلنا موظف من السفارة الأردنية في القاهرة، يتمتع بكل معاني الأدب والأخلاق الرفيعة، وسرعة تقديم كل ما يلزمنا من تسهيلات، وترتيبات لنغادر ونصل الوطن بأمن وسلامة، وعمل الموظف الذي حقيقة لا أعرف أسمه لكنه أشعرنا بأننا حقيقة أسرة واحدة، لإتمام إجراءات سفرنا، وتوجهنا للقاهرة أنا وزوجتي ومنها لعمان.
وقال أبو دقة الحمد لله أننا أردنيون هذه نعمة حقيقية، وشكرا لجلالة الملك عبد الله الثاني الذي يقف دوما مع المواطنين، موجّها بكل ما من شأنه أن يحميهم ويجعلهم في مقدمة الصف، فعندما وقفنا في المعبر للمغادرة كانت عشرات الجنسيات لكن أول المغادرين كانوا من الأردن، فمجرد ما بدأت الحافلات تتحرك للمغادرة صدحت الأصوات بأن الأولوية للأردنيين، فكم هو شعور بالفخر وبالثناء لجلالة الملك، فالأردن حقيقة له الأولوية دوما بقيادة جلالة الملك.
أم محمد
وفي ذات الإطار أكدت أم محمد على شكرها لجلالة الملك الذي وجّه وحرص على أن يخرج الأردنيون من غزة بسلام وأمن، وتوفير كل التسهيلات اللازمة لهم، بتقدير كبير بأننا كنا نعيش ظروفا قاسية جدا، وكل منا خرج وقد فقد جزءا من أفراد عائلته في غزة، ارتقوا شهداء في هذه الحرب المدمّرة، فكانت السفارة تنتظرنا لتوفر التسهيلات اللازمة والوثائق لمن فقدها وأنا كنت ممن فقدوا وثائقي نتيجة للحرب، فكان أن تم توفير ما يلزمني للسفر والعودة لأرض الوطن.
وأضافت أم محمد الأيام التي عشتها في غزة قاسية وصعبة، سيما وأن أبنائي وأحفادي في عمّان، وكل يوم كنت أفقد الأمل أكثر فأكثر من رؤيتهم، ويقترب شبح الموت مني أكثر وأكثر، حتى جاءت تباشير العودة للوطن، وكانت بمثابة حياة جديدة لي ولأسرتي أبنائي وأحفادي، وسارعت للتوجه مع زوجي للمعبر حتى أغادر مدينة باتت رائحة الموت تتخلل تفاصيل الحياة بها، وأصل لأرض الأمن والأمان والسلام، وطني الذي لا يشبه أي وطن في هذه المعمورة بقيادة جلالة الملك قائدنا وأخونا وسندنا جميعا.
وأشارت أم محمد إلى أنها لم تواجه أي صعوبة في عودتها، بل على العكس طريق العودة كانت سهلة ولا يوجد أي عقبات او مشاكل، ولا أخفيكم أني كنت انتفض بين الحين والآخر لأذكّر نفسي بأني عائدة لوطني، وأن صوت الصواريخ والقذائف بات ماضيا قاسيا يحمل بين تفاصيله شهداء لأبناء عمي وأقاربي، وتدمير لمنازل أقاربي، «الله يعين أهل غزة» الحرب دمرت كل شيء، لم تبق من مقومات الحياة شيئا.
وشكرت أم محمد جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي وجّه وزارة الخارجية وشؤون المغتربين والسفارة الأردنية في القاهرة لتقديم كل ما من شأنه تسهيل عودتنا، أشكر جلالة الملك الذي أعادني لأبنائي، وأحفادي.