شاعر يشغل الليبيين بقصيدة تنبأت بالفاجعة

"المطر.. يفضحُ الشوارع الرطبة.. والمقاول الغشاش.. والدولة الفاشلة.. يغسل كل شيء.. أجنحة العصافير.. ووبر القطط

يذكر الفقير بسقفه النحيل.. وردائه الهزيل"، هذه كانت آخر الأبيات التي كتبها الشاعر الليبي الشاب مصطفى الطرابلسي قبل أن تغرقه سيول مدينته درنة وتخمد صوته الصادح.

لترن أصوات قصيدته "المطر" لاحقا في درنة وفي كل أنحاء ليبيا.

فمنذ غرق مدن الشرق الليبي لاسيما درنة المنكوبة، يوم الأحد الماضي، وآلاف الليبيين يتداولون على مواقع التواصل تلك القصيدة التي نظمت وكأنها تتنبأ بالكارثة الآتية.

بل شكلت ما يشبه جرس إنذار للمسؤولين والسكان الذين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها بين أيدي الموت.

لاسيما أن الطرابلسي حضر في 6 سبتمبر الجاري، قبل أيام من كتابة تلك القصيدة، اجتماعًا في دار ثقافة درنة لمناقشة خطر حدوث فيضان في المدينة وحالة السدود المتهالكة فيها.

 

كما كتب في أحد منشوراته على صفحته في فيسبوك، قبل موته غرقاً "ليس لنا في هذه الشدة إلا بعض.. لنتساند حتى لا نغرق".

وها هي كلمات ابن درنة، الذي تخرج من جامعة عمر المختار، والذي كان ناشطاً ثقافيا في مدينته، تصدح مجددا بين الليبيين المصدومين من هول ما حل بهم

وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتّحدة أكدت في تصريحات أمس أنه "كان من الممكن تفادي سقوط معظم الضحايا" لو أنّ أنظمة التحذير المبكّر وإدارة الطوارئ كانت تعمل كما يجب في البلد الذي عانى سنوات من الحرب. وقال الأمين العام للمنظمة بيتيري تالاس إنه لو تمّ التنسيق بشكل أفضل "لكان بالإمكان إصدار إنذارات ولكانت هيئات إدارة الحالات الطارئة تمكّنت من إجلاء السكان، ولكنّا تفادينا معظم الخسائر البشرية".

كما طفت إلى السطح دراسة من العام الماضي، أعدها الخبير في علوم المياه من جامعة عمر المختار، عبد الونيس عاشور، أشارت إلى احتمال وقوع كارثة في درنة بسبب عدم صيانة السدود.

وأكد في في دراسته هذه أنه "إذا حدث فيضان ضخم، ستكون النتيجة كارثية على سكان وادي درنة والمدينة برمتها".

يشار إلى أن درنة من بين المدن الأكثر تضررا على الإطلاق في شرق البلاد، لاسيما بعد انهيار سدي وادي درنة الكبير و"أبو منصور" السفلي، ما فاقم أزمة الفيضانات التي حصدت أكثر من 11 ألف بأشواط، وسط توقعات بأن يصل عدد القتلى إلى نحو 20 ألفا لارتفاع عدد المفقودين.