"المخابرات العامة".. عيون يقظة تحرس مُنجزات الإستقلال

جفرا نيوز/ كتب: محمود كريشان

"لقد أنجزت دائرة المخابرات العامة، التي نعتز بها ونفخر، في الفترة الماضية عملية تطوير مؤسسي جادة لتستمر في أداء دورها الوطني المحوري والتاريخي الذي يشاطرني كل أردني في تثمينه والإشادة به في حماية الأمن الوطني للأردن بكفاءة وحيدة واحترافية عالية هي مصدر فخر لنا، وارتكزت هذه العملية التطويرية المستمرة على كوادر دائرة المخابرات العامة المميزة، وعلى كفاءة ومهنية منتسبيها الذين اغتنم هذه المناسبة لأحييهم وأشكرهم على عملهم الدؤوب والمخلص وتفانيهم اللامتناهي في خدمة الوطن والذود عنه، أسوة برفاقهم في القوات المسلحة الباسلة وسائر الأجهزة الأمنية في الأردن، ولأجدد التعبير عن ثقتي الكبيرة بهم جميعاً واعتزازي الصادق بهم، وإيماني بأنهم سيمضون بثبات وعزم وثقة على درب خدمة بلدنا وحماية أمنه وأمان مواطنيه".

*من رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني الى مدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني في 1 ايار 2019

*الصباح الجميل
لا شك ان شعبنا الأردني الأبي يستلهم يوم 25 ايار من كل عام المعاني الكثيرة ليوم الاستقلال التاريخي مؤكداً تصميمه على صون حريته واستقلاله ومواصلة مسيرة النهضة والبناء والنماء بكل معانيها الشامخة وأبعادها المشرقة.

وفي صباح يوم 25/4/1946م عقد المجلس التشريعي الأردني جلسة خاصة قدم خلالها قرار مجلس الوزراء، وقرارات المجالس البلدية المتضمنة رغبة البلاد بالاستقلال، كما أعلن قراراً بالإجماع يقضي بما يلي: إعلان استقلال البلاد الأردنية باسم: المملكة الأردنية الهاشمية، والبيعة لسيّد البلاد ومؤسسها عبد الله بن الحسين ملكاً دستورياً، وتعديل القانون الأساسي، وقد أعلن هذا القرار بعد توشيحه بالإرادة الملكيّة السامية على الشعب الأردني، والأمة العربية، ثم أجريت مراسم البيعة للملك عبدالله في قاعة العرش، وجرى استعراض حافل للجيش العربي، شهده الكثير من أبناء الأردن والأقطار العربية، وتقرر اعتبار يوم 25/5/1946م يوم عيد استقلال للمملكة الأردنية الهاشمية.

وبالطبع ان الهاشميين لقد حملوا آمالنا وطموحاتنا القومية منذ إعلان الثورة فأسسوا الأردن وحققوا له الاستقلال وبنوا له هذا الجيش العربي وريث الثورة العربية الكبرى الذي حمل منذ نشأته رسالة قومية لم تحدها حدود جغرافية؛ لأنها لكل العرب، وهكذا كانت بدايات هذا الجيش مع تأسيس الإمارة، واستمر يكبر وتكبر معه الطموحات والأماني ويزداد عدداً وعدة ويواجه كل التحديات ليبقى هذا البلد صامداً قوياً عصيّا على كل الحاقدين.

*قصة التأسيس
ومع وجود الجيش العربي المصطفوي القوي تأسست دائرة المخابرات العامة بموجب القانون رقم (24) لعام 1964، وحدد القانون واجبات ومهام المخابرات العامة ، بحماية الأمن الداخلي والخارجي للمملكة الأردنية الهاشمية من خلال القيام بالعمليات الاستخبارية اللازمة لذلك.

وتنطلق المخابرات العامة في عملها من إدراك عميق لمفهوم الأمن الوطني الشامل بأبعاده المختلفة، سياسيا، اقتصاديا، إداريا، اجتماعيا وثقافيا، وهدفها ووسيلتها المواطن الأردني، وبحيث تشمل منظومة الأمن الوطني الأردني كافة مؤسسات الدولة والمجتمع، في إطار تكاملي بين كافة المؤسسات، وتراعي الثوابت والمصالح الوطنية وتطلعاتنا واحتياجاتنا المستقبلية .

ومن هذا المنطلق تأسست المخابرات كراعية وحامية للأمن الوطني الذي يعتمد على منعة المجتمع وتعزيز عوامل قوته الذاتية وحماية الوطن وضمان أمن الشعب الأردني، وحريته، وتوفير مقومات الحياة الكريمة للمواطن، بالاضافة الى الاستناد إلى ارث وطني عريق ترسخ في النهج والتقاليد التي كرستها القيادة الهاشمية من قيم العدالة والتسامح السياسي والوسطية، منطلقة من القيم المجتمعية الأردنية النبيلة، الثوابت العربية والإسلامية، والمواثيق الدولية ذات الصلة.

ونظرا لكون الأمن والاستقرار حاضنة التنمية الشاملة، والضمانة الأكيدة لتعزيز الحرية والنماء والحياة الكريمة للمواطن الأردني في ظل مبدأ سيادة القانون والاحتكام إليه، وترسيخ قواعد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وصولا إلى تجسيد مفاهيم المواطنة الصالحة على قاعدة متوازنة من الحقوق والواجبات، وبما يكفل تعزيز منعة المجتمع الأردني وتحصينه وتعميق الانتماء الوطني والاعتزاز به، كانت دائرة المخابرات ولا تزال تحرس وتحمي منجزات الاستقلال.

*مكافحة الإرهاب
ولأن الأردن، ومنذ وقت مبكر، تعرض لمحاولات المساس بأمنه الوطني، ارتباطاً بمواقفه السياسية التي اتسمت بالحكمة والتعقل وبعد النظر والوسطية والاعتدال، بالاضافة لكون أجهزته الأمنية قد أثبتت نجاحا باهرا في محاربة الارهاب وتجفيف منابعه أينما تواجدت خفافيش الظلام في هذا الكون الواسع.

وقد عانى الاردن كثيرا من الارهاب وقدم تضحيات جساما جراء الارهاب الآثم الذي استهدف وطننا وسفاراتنا وبعثاتنا في الخارج، ومن ضمن ذلك الاستهدافات الاجرامية التي كان يتعرض لها الاردن ولكن دوما تكون سواعد رجال المخابرات القوية بالمرصاد لكل من يضمر السوء لهذا البلد الآمن الآمين.

ولا شك ان عزيمة رجال المخابرات العامة تزداد دوما في محاربة المخططات المتواصلة تجاه أمننا الوطني، والتي يتم تقويض معظمها في مهدها، ولن يثنيهم عن مواصلة جهودهم لملاحقة كل من تسول له نفسه العبث بأمن ومقدرات الوطن والعمل بجهد متواصل لتجنيب وطننا أخطار الارهاب وأضراره وتعريض أمنه للخطر.

وقد نجحت دائرة المخابرات في إطار جهودها الجبارة في مكافحة الارهاب ودرء المخاطر عن الوطن والانسانية في إحباط وضرب العديد من الخلايا الارهابية، التي خطط بعضها لتنفيذ عمليات في الاردن، والبعض الاخر عبر الاردن، كما تم احباط معظم العمليات العسكرية التي خططت لها هذه الخلايا في مراحلها الاولية، ومن ابرزها (جيش محمد / 1989، تنظيم بيعة الامام / 1994، خلية خضر ابو هوشر / 1999، جند الشام / 2000، الافغان الاردنيون / 2001، حركة الاصلاح والتحدي / 1998، الشاحنات المفخخة مجموعة الجيوسي / 2004، مطار الملكة علياء الدولي / 2006).

كما تمكنت دائرة المخابرات العامة يوم التاسع من تشرين الثاني عام 2005 على الفور من القبض على احد عناصر العمل الاجرامي الارهابية عندما حدثت تفجيرات إرهابية في ثلاثة فنادق في عمان هي (حياة عمان وراديسون ساس وديز إن)، المدعوة (ساجدة عتروس الريشاوي) زوجة المجرم (علي حسين علي الشمري) الذي نفذ التفجير الارهابي في فندق راديسون ساس، فيما فشلت ساجدة في تفجير الحزام الناسف الملتف حول جسدها، وقد تم تنفيذ حكم الإعدام بحق المجرمة الريشاوي في مطلع عام 2015 لتنال قصاصها على فعلها الاجرامي.

ايضا تمكنت المخابرات العامة من القبض على اعضاء تنظيم ارهابي مؤلف من عشرة متهمين اسندت اليهم تهمة القيام بأعمال إرهابية لهذه المجموعة التي خططت لتنفيذ اعتداء على الصهاريج والشاحنات العاملة على خط العراق والتخطيط لخطف ابناء ضباط في دائرة المخابرات العامة والمساومة عليهم لاطلاق سراح المتهمة الارهابية ساجدة الريشاوي.

وتمكنت دائرة المخابرات العامة من احباط مخطط ارهابي استهدف الامن الوطني الاردني خططت له مجموعة ارهابية مرتبطة بفكر تنظيم القاعدة ضمت 11 عنصرا تحت مسمى عملية (9-11 الثانية) نسبة الى تفجيرات فنادق عمان عام 2005.

كذلك تم القبض على المجرم الذي استهدف مكتب مخابرات البقعة ومن شاركه وبزمن قياسي جدا، حيث تم محاكمتهم على افعالهم الاجرامية الكافرة ، كذلك تمكنت المخابرات العامة من احباط مخطط ارهابي استهدف امن المملكة الاردنية الهاشمية المتمثل بعملية اربد والمعروفة باسم «عملية اربد» والتي أسفرت عن مقتل 7 إرهابيين قبل تنفيذ مخططاتهم الإجرامية الضالة، وبعدها النجاح اللافت والحاسم مع مجرمي خلية قلعة الكرك وحادثة السلط.

بالاضافة الى الاف العمليات الاستخبارية الناجحة و»غير المعلنة» والتي اسفرت عن تفكيك مئات الخلايا الارهابية والقبض على خفافيش الظلام قبل ان ينفذوا مخططاتهم الاجرامية.

كما تتعامل مع محاولات لتهريب العناصر الارهابية والاسلحة باتجاه الاردن من مناطق مجاورة حيث تمكنت الدائرة من ضبط العديد من الخلايا الارهابية القادمة من سوريا، ويتم تحويل جميع المتورطين فيها للقضاء، هذا مع التأكيد الدائم بموقف الاردن الملتزم بمكافحة الارهاب، وعدم السماح او التغاضي عن استخدام أراضيه منطلقا لأي نشاطات إرهابية.

*مجمل القول
في عهد المخابرات العامة توصل الوطن لقناعة خالدة انه وربما تتمكن خفافيش الظلام وقطعان الارهاب من الاختباء في جحورهم لفترات من الزمن وربما يساهمون في الفوضى والأزمات الأمنية والسياسية في دول المنطقة، ولكن لا مهرب للمجرمين في تلك التنظيمات الاجرامية وغيرها من التنظيمات الإرهابية من يد العدالة الأردنية والتي ستجلب جميع هؤلاء المجرمين والقتلة إلى مصيرهم المحتوم وهو السجن والبقاء بعيدا عن المجتمع الأردني ليأمن شرهم، ذلك نظرا لكون الأردن لا يسكت وسيبقى نشامى المخابرات العامة يطاردون كل من تسبب بآلام ووجع الأردنيين، كي يدفعوا ثمن جرائمهم الوحشية.

روح المواطنة
وهنا.. فإن استهداف الاردن من قبل الحاقدين المتربصين بهذا البلد المين، يدعونا لاستلهام غايات نبيلة لإذكاء التعبئة الشاملة وزرع روح المواطنة ومد يد التعاون مع اجهزتنا الامنية وعلى رأسها ابناء جهاز المخابرات العامة الاشاوس وان نمضي نحو آفاق أرحب ومستقبل أرغد خدمة لقضايا الأمة والوطن وإعلاء صروحه وصيانة وحدته والحفاظ على هويته ومقوماته وحماية أمن مواطنيه وتعزيز نهضته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ظل قائد المسيرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حماه الله.

Kreshan35@yahoo.com