الذكاء الاصطناعي تستعر بين "غوغل" و"مايكروسوفت
جفرا نيوز - بعد سنوات من هيمنة "غوغل" في مجال التكنولوجيا المعلوماتية الطليعية، نجحت منافستها "مايكروسوفت"، التي تتقدم عليها أصلاً في التقنية السحابية، في أن تطغى عليها من خلال ترسيخ نفسها كشركة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وأعلنت مجموعتا التكنولوجيا الأميركيتان العملاقتان، أمس الثلاثاء، حصيلة إيراداتهما وأرباحهما التي فاقت المتوقع في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، وبلغ حجم مبيعات مجموعة "ألفابت" المالكة لـ"غوغل" في الربع الأول من 2023 نحو 70 مليار دولار، بينها 15 مليار ربحاً صافياً.
إلا أنّ المحلل في "إنسايدر إنتليجنس" ماكس ويلينز لاحظ أنّه "ما مِن أسباب كافية تدعو المستثمرين إلى التفاؤل"، على الرغم من تجاوز هاتين النتيجتين توقعات السوق، مذكّراً بأن النشاط الإعلاني للشركة "معرّض للخطر".
وأوضح ويلينز أنّ "انخفاض إيرادات "يوتيوب" مجدداً، وعدم نمو عائدات محرّك البحث والقطاعات الأخرى إلا بنسبة 2 %، يبيّن أنّ جوهر عمل "غوغل" يواجه صعوبات لم يشهدها منذ مدة طويلة"، إذ تشهد منصة "يوتيوب" التابعة لـ"غوغل" منافسة شرسة من منصة "تيك توك" واسعة الشعبية.
وسعت "يوتيوب"، على غرار "إنستغرام" (التابعة لـ"ميتا") و"سنابتشات"، إلى استنساخ خدمة مقاطع الفيديو القصيرة التي صنعت شعبية "تيك توك"، فأطلقت "شورتس".
وقالت إيفلين ميتشل من "إنسايدر إنتليجنس" إنّ "البيانات الأولية في شأن البدلات المالية (...) لمصممي مقاطع الفيديو "شورتس" مخيّبة".
دمج الذكاء الاصطناعي في عملية التحول
وينبغي على "غوغل" التي استغنت عن نحو 12 ألف موظف في كانون الثاني/يناير، ما يعادل 6 % من قوتها العاملة، وقلّصت مشاريعها العقارية، أن تسعى في الوقت نفسه إلى الدفاع عن مكانتها في مجال الذكاء الاصطناعي.
وجمعت "ألفابت" الأسبوع الفائت فرق "برين" و"ديب مايند" لتسريع البحث في مجال الذكاء الاصطناعي.
وقال المدير التنفيذي ل"غوغل" سوندار بيتشاي في حوار هاتفي مع المحللين عبر الهاتف، أمس الثلاثاء، إنّ "معظم المؤسسات تفكر في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في عملية تحولها".
ونشر رئيس وحدة "غوغل ديب مايند" الجديدة ديميس هاسابيس تغريدة كتب فيها: ""لدينا بالتالي فرصة لبناء الذكاء الاصطناعي، وعلى المدى الطويل الذكاء الاصطناعي العام في خدمة الإنسانية"، في إشارة إلى فكرة عممتها شركة "أوبن إيه آي"، تتمثل في إنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي تتفوق في أدائها على البشر في مهام إدراكية كثيرة.
من جهتها، حققت "مايكروسوفت" تفوقاً واضحاً في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، القادر على إنشاء محتوى حسب الطلب بلغة الحياة اليومية، منذ إطلاق شركة "أوبن إيه آي" الأميركية الناشئة برنامج "تشات جي بي تي" في تشرين الثاني/نوفمبر، إذ استثمرت المجموعة بكثافة في هذا المجال.
ودمجت "مايكروسوفت" برنامج "شات جي بي تي" في محركها للبحث "بينغ"، ما أنعشه وأتاح له استقطاب عدد متزايد من المستخدمين بفضل الذكاء الاصطناعي، بعدما كان عاجزاً عن منافسة "غوغل".
وباتت الشركتان تتنافسان على الإعلان عن إضافة وظائف الذكاء الاصطناعي التوليدية إلى برامجهما، من معالج النصوص "وورد" إلى صندوق "جي مايل" البريدي.
الحوسبة السحابية
وفي هذا التنافس على التكنولوجيا الأكثر تطوراً، تتمتع "مايكروسوفت" بالتفوق أيضاً في مجال الحوسبة السحابية، وهو قطاع تحتل فيه المرتبة الثانية في العالم بعد "أمازون".
وأعلنت "غوغل كلاود" المختصة في هذا المجال عن أرباح تشغيلية قدرها 191 مليون دولار في الربع الأول، وهي المرة الأولى تحقق فيها الشركة ربحاً.
ولاحظ ماكس ويلينز أنّ هذه الأرقام "تُظهر أن الإدارة تعمل حقاً على تعزيز ربحية هذا النشاط. لكنّ "غوغل كلاود" لا تزال عملياً متخلفة كثيراً عن منافسيها الرئيسيين، ويتباطأ نموها".
أما إيرادات "مايكروسوفت" من الحوسبة السحابية، التي تعتمد على خوادم خارجية ولكن أيضاً بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي، فارتفعت بنسبة 22% على أساس سنوي، ووصلت إلى 28,5 مليار دولار. وباتت هذه الإيرادات تمثل أكثر من نصف حجم مبيعات الشركة.
وفي المجمل، بلغت مبيعات الشركة من كانون الثاني/يناير إلى آذار/مارس 52,8 مليار دولار، بزيادة 7% خلال عام واحد، ووصل صافي الربح إلى 18,3 مليار دولار، بزيادة 9,4%، وارتفعت قيمة سهمها بنحو 9% في التعاملات الإلكترونية بعد إغلاق التداولات.
أما قيمة سهم "ألفابت" فارتفعت بنسبة 1%، بعدما زادت قليلاً تبعاً للإعلان عن خطة لإعادة شراء أسهم بقيمة 70 مليار دولار، ويبدو أنّ الربع الحالي لن يكون أفضل حالاً للشركة العملاقة.
وتتوجه السلطات الأميركية والأوروبية أكثر فأكثر إلى تنظيم منصات الإنترنت الرئيسية من خلال خطوات عدّة، بدءاً من قانون المنافسة وصولاً إلى تجاوزات الشبكات الاجتماعية.