السرور في لقاء مع جفرا : المدنية لا تتناقض مع العشائرية.. تداول اسمي كرئيس حكومة يزعجني ولم اترشح للنواب تجنبا لـ "اللغط"..فيديو
*الدولة المدنية لا تتناقض مع الحياة العشائرية ولا أحد يستقوي على الدولة
*لا يمكن الخروج بقانون انتخاب يرضي الجميع
* لا يعقل دولة مثل الأردن عدد الأحزاب فيها 52
* لست رجل أعمال وأكره الكذب على الآخرين
*يجب إعطاء فرصة للشباب من أجل الترشح بالانتخابات
* تداول اسمي في بورصة تشكيل الحكومات يزعجني
*لم اترشح لمجلس النواب الاخير تجنبا للغط لكوني كنت مستشار الملك حينها
جفرا نيوز - حوار: موسى العجارمة - تصوير: جمال فخيدة
"لا أحد يستطيع الاستقواء على الدولة، وغير مسموح له أصلاً، وإن كان يعتقد بأنه قادر على ذلك، فالدولة بكافة مؤسساتها حاضنة لهذا المجتمع؛ لكونها تنتهج نهجاً ديمقراطياً، ولها مخالب بآلية مشرعنة تحت مظلة سيادة القانون، لطالما الديمقراطية تحمي نفسها بمؤسساتها، والأردن دولة متكاملة وقادرة على وضع تشاريع، وعلى الرغم من حدوث الأخطاء أحياناً هذا لا يلغي بأننا دولة قانون ومؤسسات". هكذا بدأ مستشار جلالة الملك ورئيس مجلس النواب ووزير الداخلية الأسبق سعد هايل السرور لقاءه مع "جفرا نيوز".
وزير المياه والري والأشغال العامة الأسبق، سعد هايل السرور يؤكد بلقاء خاص مع "جفرا نيوز"، أن الدولة المدنية لا تتناقض مع العشائرية، لطالما انسجام هذين الأمرين يعتمدان على مفهوم الدولة المدنية، التي تختلف تفسيراتها من ناحية الموضوع، فالدولة المدنية من المفترض أن تتعامل مع النواحي الاجتماعية والسياسية، وفي ذهن الأشخاص آراء مختلفة حول الأمور المطلوبة منها وماهي أهدافها؟، لافتاً إلى أن العشائرية في الأردن لا تنطبق على رقعة جغرافية معينة بل مرتبطة بمختلف الأصول والمنابت.
ويفسر بأن العشائرية هي عبارة عن تركيبة اجتماعية تعتمد على الأصول والمنابت بالمسميات الصغيرة وتتعلق بكافة نواحي الحياة التي ترتبط في التركيبات الاجتماعية سواء إن كانت من العشائر نفسها أو من خلال التعامل معها، وبكافة قطاعاتها لها المنابت والمسميات التي نعتز بها، والتي هي تعد ضمن مظلة الوطن ونجتمع جميعاً على الراية الوطنية والقيادة الهاشمية، مما يحتم ذلك على عدم وجود تناقضات كبيرة بالمبادئ التي تجمعنا، موضحاً أن المجتمع يتغير من وقت لآخر، فكان هناك العديد من القضايا تم التعامل معها بشكل عشائري، أم طبيعة الأمور اليوم تغيرت بالكامل والآلية اختلفت، والعادات والتقاليد راسخة وعميقة ومع الوقت ومرور الزمن يطرأ تغييرات حسب ظروف الحياة.
"وإن تحدثنا عن الدولة المدنية يختلف التفسير من جهة لأخرى؛ لكون الأردنيون يعتقدون بتوجههم الحديث والحضاري وخاصة بأنهم يتمتعون بنسبة تعليم عالية في درجة الدكتوراه تحديداً، والتي تكاد أن تكون الأعلى في الوطن العربي، وخاصة بأنه لدينا شباب متعلمين ومثقفين اختلطوا بثقافات أخرى من خلال دراستهم بالخارج، واكتسبوا منها الكثير، على رأسها ممارسة الحياة الديمقراطية، ولهذا السبب نحن لا نستطيع أن نكون جزيرة مفصولة عن العالم، فنحن شعب متفاعل مع الحضارات المحيطة بيننا بشتى الطرق، ولدينا تفاعل بوسائل الإعلام التنويرية باستثناء بعض الزوايا الأخرى؛ لكون هناك أشخاص قادرين على الحديث في كافة المواضيع وخاصة بالحياة الديمقراطية".
ويشدد على أهمية حرص الجهات التنفيذية بالقدرة على التواصل مع الناس ووضعهم بالصورة السياسية التي يتوجب التعامل معها وهذه أحياناَ تكون كافية، وأحياناً تحتاج لجهد أكبر، ويجب إعطاء الفرصة لأصحاب الرأي بالمشاركة بعملية إبداء الرأي وأن يدلوا بدلوهم، مشيراً إلى أن مسؤولية أفراد المجتمع تتمثل بالتعامل مع القضايا وإبداء آرائهم، لطالما عملية إبداء الرأي غير مرهونة لأعضاء الحكومة فقط.
فإن القيادات السياسية العاملة وغير العاملة بحسب سرور، يترتب على عاتقها مسؤولية بتوضيح هذه المفاهيم للمواطن، مما يشدد على ضرورة وجود إضاءة على الهدف الذي تسعى إليه الدولة في المستقبل القريب أو الطموحات البعيدة، موضحاً أن العشائرية لديها وسائل أخرى للديمقراطية حتى قبل وجود المؤسسات المعنية، من خلال استشارة بعضها البعض والاستعانة بالخبرات والقيادات الفاعلة بطريقتهم ومفهومهم.
ويقول في نهاية هذا المحور، إن الطريقة تغيرت بمفهومها، ويجب ألا ندير ظهرنا لهذه الآلية التي تطرح، والتي أصبحت اليوم معقدة أكثر، وهناك أناس قادرين على توضيح هذه الآلية لمختلف أطياف المجتمع.
* الإصلاح
في هذا السياق يقول رئيس مجلس النواب الأسبق، إن وجهات نظر أبناء الوطن عديدة، ومن يعتقد بأنه يستطيع وضع قانون انتخاب يلتقي عليه الجميع، فهذه وجهة نظر مبالغ فيها !؛ لأن كل جهة تنظر لهذا القانون من طموحاتها السياسية والاقتصادية الاجتماعية بكافة مناحي الحياة، فمن الطبيعي أن نجد هذا الصراع بالآراء في كافة بلدان العالم، إلا أن العامل الهام من الحوارات التي تجرى حالياً، يكمن بالوصول لقانون انتخاب توافقي يجمع أكبر قدر ممكن من الفئات؛ لأنه من الصعب الإجماع على هذا القانون الذي نطمح بأن يلتقي عليه الأكثرية، ويكون موائماً لأبناء المجتمع.
ردًا على سؤال "جفرا نيوز" حول أن كان قانون الانتخاب الحالي يشوبه مغالطات كثيرة ولا يعكس إرادة الشعب؟، يجيب السرور بأن هذا الأمر مؤكد والدليل بأن سيدنا قام بتوجيهنا على تعديله بجانب قانون الأحزاب واللامركزية، مبيناً أنه يتابع العملية النيابية منذ (1989) فمنذ ثلاثين عامًا كان هناك قوانين جديدة في معظم المجالس النيابية المتعاقبة ولا ضير من التعلم من التجارب السابقة، بالإشارة إلى أن القوانين تعدل وتتغير باستمرار لحين الاستقرار لقانون يشكل الارتياح لعدد من الفئات، دون التفكير بأن يكون هناك إجماع على قانون ما؛ لأن التفكير بهذه الطريقة أمر مقلق للغاية.
ويتابع بحديثه في هذا الصدد: بأن التجارب كثيرة، والإخوان في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية طلبوا الكثير من التشريعات للاستفادة منها، ولكن علينا ألا يغيب عن أذهاننا بأن ننظر إلى خصوصيتنا ببعض القضايا، التي تختلف عن خصوصية دول عالم متقدمة ديمقراطياً ولديها تشريعات ناضجة ولكن لا تتماثل مع نهجنا، إلا أنه علينا الاستفادة من تجارب الآخرين، وأن نطوعها لظروفنا الخاصة التي قد تختلف مع بعض هذه الدول.
كما يشدد على ضرورة اختيار التجارب التي تنسجم مع خصوصيتنا سواء إن كانت عشائرية أو جهوية، بالإشارة إلى أهمية الخروج من الجهوية المقلقة لأن مفهومها لا يتعلق بالعصبية أو الخروج عن مظلة الوطن التي اجتمعنا تحتها، وألا تكون المناشئ والمنابت سبباً بتباعدنا عن القضايا العامة تحت مظلة الوطن والقيادة.
* تجربتنا الحزبية تحتاج للنضوج
حاولت في بداياتي بالانتماء للأحزاب، فوجدت بأن تجربتنا الحزبية تحتاج لوقت من أجل النضوج، فأول قانون أحزاب صدر في الأردن كان بداية تسعينيات القرن الماضي، وعدد الأحزاب المصرح لها يبلغ (52) حزباً، ولكن لا يوجد تجربة حزبية لفتت الانظار، ليس تقليل من جهودهم ربما الظروف لم تخدمهم، ولكن نحن لم نستطع اختصار هذا العدد؛ لأنه لا يعقل دول كالأردن عدد الأحزاب فيها (52) حزب.
ويستمر بقوله عن الأحزاب بأن جلالة الملك دعا في أوراقه النقاشية إلى أهمية هذه القضية ويجب أن تعطى أهمية في نقاشات اللجنة الملكية، وخاصة بأن الأوراق النقاشية سميت بهذا الاسم من أجل أن نتحدث بها ويتم مناقشتها ولم يكن الهدف منها فرض وجهة نظر معينة، فجميعها تصب بالأحكام الدستورية الموجودة، مشدداً على ضرورة خروج اللجنة الملكية بمواقف تدفع للأمام من أجل الممارسة السياسية والاجتماعية والإدارية؛ لطالما هذه المرحلة تحتاج لإصلاح سياسي وإداري وإيجاد جهات قادرة على تطبيق التشريعات والقوانين بشكل حاسم وعادل ومتوازن مع الجميع، لأنه عندما نقول بأن الأردن دولة مؤسسات وقانون فهذا يفرض علينا تطبيق القانون دون مسايرة جهة على حساب الأخرى.
*لم أترشح لمجلس النواب تجنبا لـ"اللغط"
يوضح السرور، انه لم يترشح للمجلس النيابي التاسع عشر كونه حينئذ كان مستشار جلالة الملك لشؤون العشائر، والترشح أو عدمه كان بمثابة قرار شخصي منه، إلا أن مبدأه لم يسمح له بالمضي بهذه الخطوة، ولا حتى بأن يدفع أحد من أسرته للترشح تجنباً لـ"اللغط" الذي سيحدث في حال الفوز بحكم عمله كمستشار لجلالة الملك، وقد استشار الكثيرين بهذا الخصوص.
وفي رده على سؤال "جفرا نيوز" إذا ما كان اعتزل العمل النيابي، يقول السرور إنه الآن متقاعد وقرار الترشح ليس بقرار شخصي منه، وهو مع افساح المجال للأجيال الجديدة من الشباب وأن يتاح امامهم المجال لتولي المسؤولية وهذه سنة الحياة، "أجيال تطرد أجيال" والطرد هنا بالمعنى الإيجابي وما قبلته لنفسي أقبله للآخرين، ففي العام (89) دخلت إلى مجلس النواب أي قبل ثلاثين عامًا، وهذه طبيعة الحياة والكون، وأن نقبل على مرحلة جديدة من جيل الشباب وتتولى المسؤولية؛ ونحن اجتهدنا وقد نكون أصبنا أو أخطأنا.
* لستُ "بزنس مان"
يعيش السرور رغم توليه العديد من المناصب منها: (رئيس مجلس النواب ووزير للداخلية) حياة متواضعة بعيدة عن القصور العاجية والمظاهرة الدنيوية، إلا أنه يحمد الله على حياته التي يعيشها، مؤكداً أن هناك من يعيش حياة البذخ والترف ولكن المال نعمة ولكن يجب أن يعيش الإنسان حياة تحفظ حقوق أهله وأسرته وتقديم الافضل لهم، مستطرداً بقوله: " أنا لست بزنس مان" والمال وسيلة لتعيش حياتك وتقوم بواجباتك تجاه أسرتك والآخرين ؛ والثراء نعمة من الله وتحتم على صاحبها واجبات تجاه وطنه، ونحن مجتمع طيب متكافل نساعد بعضنا البعض، والحمد لله أنا سعيد بحياتي ولا يرتفع البناء بمواده ولكنه يرتفع باحترام الاخرين وتقديرهم لك.
* لا خصومات سياسية أو شخصية !!
وعن الفجوة الموجودة بين بعض المسؤولين والمواطنين، وعدم وجود عداوات له او خصومات سياسية او شخصية، يوضح السرور: توليت العديد من المسؤوليات ومنها رئيس مجلس النواب، فالعمل والتنافس والعداوات والخصومات منفصلة؛ وأنا عندما كنت رئيساً للنواب لا أستطيع السماح بالمخالفات سواء كانت متعمدة أو غير متعمدة؛ للأنظمة التي تحكم العمل والقوانين وعلى رأسها الدستور، والأهم المحافظة على حق المجلس والوطن، وطبقت القرارات ولم يغضب أحد وقبلها الجميع لانها صحيحة، وأهم شيء أن يضع من هو بالمسؤولية نصب عينيه طريقة تعامله مع الناس وان يشعروا بصدقه، وأن يكون مقتنعاً بتصرفاته التي يجب أن تنسجم مع أقواله.
* تداول اسمي في بورصة الحكومات "يزعجني"
عن بورصة الأسماء التي كانت تضم اسم السرور وتنشر في خضم فترة تشكيل الحكومات، ينوه أن وجود اسمه بهذا الشكل كان يزعجه جداً؛ لأن رئاسة الحكومة ليست بهذه الطريقة وليس هناك صديق يزكي بهذا الخصوص، فهناك الرأي العام، وهو الهام ويقاس ذلك بسيرة الشخص الوظيفية والأهم أن تعمل ما تقتنع به بثقة وصدق وما تبقى لصاحب القرار.
*لكل مجتهد نصيب
فيما يتعلق بأداء الحكومات الأربعة الاخيرة (عبدالله النسور، هاني الملقي، عمر الرزاز، بشر الخصاونة)، وإن كانت قد قدمت برامج واقعية، يؤكد:"أنا لست بموقع التقييم والناس هي من تقييم، ولكن الجميع يجتهد ولكل مجتهد نصيب".
* الكذب يغضبني
وحول أسباب تميزه بالهدوء وأكثر الأمور التي تغضبه على المستوى الشخصي، يكشف وزير الداخلية الأسبق أن التصرفات والسلوكيات الخاطئة تغضب، ولكن أكثر ما يغضبه هو الكذب على الناس ؛ ويجب أن يكون المسؤول صادق في قضايا الناس، صادق ولا يخفي راسه والمواجهة اكثر شيء يريح .
وحول العلاقات الطيبة التي تربط السرور مع الآخرين ومن هو الصديق المقرب بالنسبة له؟؛ يقول في نهاية لقائه مع "جفرا نيوز"، إن العمل العام يكسب أصدقاء وعلاقات طيبة ويخلق خصومات وعداوات، ولكن الأصدقاء ليسوا بالضرورة من المسؤولين ويمكن من المواطنين ولكن بالمحصلة كن صادقاً مع الناس وما تحبه لنفسك ترضاه لغيرك.