محن ومصائب غريبة طاردت زوج ملكة بريطانيا

 في حياة الأمير فيليب، زوج ملكة بريطانيا الذي توفي اليوم الجمعة، محن ومصائب مختلفة، بدأت حتى وهو جنين في رحم أمه، فما إن مرت أيام على حملها به، إلا وقضى عمّ له بعضة من قرد بعد 3 سنوات من تتويجه ملكا في 1917 على اليونان، وهو ألكسندر الأول، الشهير بأنه كان هاويا لاقتناء الحيوانات.

في إحدى المرات، رأى الملك قردين يهاجمان كلبه في حديقة القصر، فأسرع وتدخل لفض المشكل، إلا أن واحدا من القردين هاجمه وعضه في ساقه، وبعد أيام استفحلت عليه توابع العضة، فقضى بالتهاب تلاه تتويج شقيقه جورج الثاني خلفا له على العرش.

معظم البريطانيين، لا يعلمون إلا بما ندر، أن زوج الملكة إليزابيث الثانية، ولد وفق ما نسمع في الفيديو المعروض أعلاه "على طاولة مطبخ البيت" باسم Philippos في 10 يونيو 1921 بجزيرة Corfu القريبة في اليونان كيلومترين من الحدود مع ألبانيا، ثم لم تمض 3 أشهر على ولادته، إلا وقضى جده الأكبر لأمه، الأمير لويس ألكسندر باتنبرغ، صريعا بالإنفلونزا الإسبانية الشهيرة، وبعده بعام بدأت روليت الدنيا تدور بمزيد من السلبيات على فيليب وأبويه وشقيقاته الأربع وأقربائه، بل على اليونان التي غزاها في 1922 ثوار أتراك بعشرات الآلاف، وزعزعوا أمنها ووجدانها.

وفي ظل "الغزوة" التركية وما تخللها من هيجان، انقلب العسكريون اليونان على عمه الملك قسطنطين الأول "وأنزلوه ذليلا عن العرش" وفقا لما جمعت "العربية.نت" من المتوافر أنترنيتيا بوسائل إعلام مختلفة عن أحداث ذلك التاريخ، وملخصها أن الحكومة العسكرية التي أعدمت قائد الجيش و5 سياسيين كبارا، اعتقلت والد الأمير فيليب Andrew Mountbatten أمير اليونان والدنمارك، كما اعتقلت شقيقه، وجرّوهما "مقيّدين بإذلال" إلى قاعة محكمة ثورية.

وفشل "سيغموند فرويد" بعلاج والدته

واتهمتهما المحكمة بالخيانة وعقوبتها الإعدام، إلا أن والد فيليب فر بحرا إلى فرنسا، وحمله معه "داخل صندوق برتقال" وهناك انتهت الحال بزوجته الأميرة أليس، معتلة بالشيزوفرانيا، فنقلوها في 1931 إلى مصح سويسري، وعالجها مرة عالم النفس النمساوي سيغموند فرويد، وحين لم يفلح بشفائها ترهبنت بدير يوناني، ثم توفيت في 1969 بقصر "باكنغهام" في لندن، وبعدها نقلوا رفاتها في 1988 ودفنوها ببهو "كنيسة مريم المجدلية" في جبل الزيتون بالقدس المحتلة، تلبية لوصيتها، وفي 2019 قام حفيدها ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز، بزيارة ضريحها، وقبله بعام زاره ابنه الأمير وليام أيضا.

قبل وفاتها، انفصل والده عنها وعن بناته الأربع وابنه فيليب، وأقام في "مونت كارلو" بالجنوب الفرنسي، مع عشيقة فرنسية، فيما تزوجت بناته من نبلاء ألمان، وأقمن كنازيات في ألمانيا الهتلرية، لذلك كان صغير العائلة فيليب شبه منبوذ في طفولته التي لم يكن له فيها عون إلا من أقرباء له ببريطانيا، أهمهم خال اسمه "جورجي" احتضنه وهو مراهق، إضافة لعمه اللورد لويس مونتباتن، والذي كفله شابا بعد وفاة خاله.

وتعرف إلى أميرة عمرها 13 سنة

إحدى شقيقات فيليب، وهي الأميرة Cecilie العضو كزوجها بثلاثينات القرن الماضي في الحزب النازي، قضت في 1937 قتيلة بعمر 26 عاما، ومعها قتل زوجها وأولادهما الثلاثة، بسقوط طائرة خاصة، كانوا على متنها فوق بلجيكا، ومعظم ما طالعته "العربية.نت" من معلومات نجدها "أونلاين" عن ذلك الحادث، يشير إلى أن الطقس كان مناسبا للطيران والرؤية واضحة، لذلك كان الحادث غريبا، والفاجعة الجماعية كانت غامضة، إلى درجة أنهم احتاروا بشأنها لسنوات.

وحضر فيليب الذي كان عمره 16 عند مقتل شقيقته، جنازتها بألمانيا زمن الحكم الهتلري، ونراه في صورة أعلاه لتشييعها، وهو محاط برجال النازية وشعاراتها، وبعد عام من مقتلها، اقتنع بنصيحة عمه اللورد البريطاني، فغادر مدرسة كان يتعلم فيها باسكتلندا، إلى "الكلية البحرية الملكية" في بلدة Dartmouth بإنجلترا، وهناك تعرف إلى أميرة صغيرة كان عمرها 13 سنة، ابنة ملك بريطانيا جورج السادس، واسمها اليزابيث.

ثم حدث "أهم منعطف" بحياته

ولم تكن الحياة نحسا وويلات فقط على الأمير، بل إيجابيات أيضا، فعام تخرجه في 1939 من الكلية، كان ملك بريطانيا وزوجته، ومعهما ابنتاهما الأميرتان اليزابيث ومارغريت، وهم أقرباء لفيليب بسبب تحدر والدته من الملكة الراحلة فيكتوريا، يقومون بجولة في الكلية، فالتقى ثانية باليزابيث "ومالت عاطفيا إليه من أول نظرة" ثم أثمرت خطابات تبادلاها لسنوات، عن زواج جمعهما في1947 بقفصه الذهبي، وأدناه فيديو عن حفل الزفاف الأسطوري نسبة لمواصفات ذلك الوقت، فقد حضره عشرات المشاهير، وبثوا وقائعه إذاعيا في معظم العالم.

وبزواجه بعمر 26 ممن تصغره بخمسة أعوام، أصبح لقبه "دوق إدنبره" ثم أبا بعدها لأربعة أبناء: تشارلز وآن وأندرو وادوارد، ممن له منهم 8 أحفاد و9 أبناء أحفاد، آخرهم كان Archie ابن الأمير هاري من زوجته الأميركية ميغان ماركل. ثم حدث ما قرأت "العربية.نت" في سيرة الأمير، أنه "أهم منعطف" بحياته، وهو وفاة ملك بريطانيا في 1952 بالسرطان، وتتويج ابنته اليزابيث ملكة على امبراطورية "لا تغيب عنها الشمس" فظل فيليب قرينها طوال 7 عقود، يرافقها في مهامها الرسمية، كما الظل وأكثر، إلى أن تقاعد عن الواجبات قبل 3 سنوات.

ويكتبون عن الأمير الذي شارك في الحرب العالمية الثانية "وبرع كجندي في البحرية الملكية البريطانية" أنه بدأ ينشط بعدها مع عدد من المنظمات والجمعيات المتنوعة، خصوصا لصالح البيئة وألعاب القوى والتعليم، وحصل على مئات الجوائز والأوسمة، وكان مولعا بلعبة "البولو" في شبابه، وشارك مرات بسباق القوارب، ومرات حلق بطائرات متنوعة الطراز، كما كان هاويا للرسم ومقتنيا شهيرا للوحات والأعمال الفنية وما ندر.

قبيلة جعلت "الأمير المنتظر" معبودها

ونجد في سيرة الأمير، أنه لبى مئات الدعوات منذ 1953 حتى تقاعده في 2017 عن واجباته الرسمية، فحضر 22219 زفافا وخطوبة، وألقى 5496 خطابا، وكان عمره 76 حين قام في منتصف 1997 بقيادة طائرة لآخر مرة، إضافة إلى رعايته لأكثر من 800 نشاط اجتماعي، وتأليفه 14 كتابا، وسفره بمفرده إلى 143 دولة في العالم، ومع الملكة كانت أول زيارة لهما إلى الخارج بعد الزواج، إلى مدينة عدن في اليمن.

كما نجد عن الأمير ما يصعب تصديقه تقريبا، لكنه حقيقي، وهو أن أفراد قبيلة فقيرة الحال، معروفة باسم Yaohnanen في جمهورية مكونة من جزر عدة بمتاهات المحيط الهادي، هي Vanuatu الصغيرة، يظنون بحسب ما تلخص "العربية.نت" ما بثته الوكالات قبل 3 سنوات، أن فيليب هو "ابن اله الجبال" ويبتهلون يوميا "ليبارك محصول الموز والبطاطا الحلوة" لأنه زارهم في 1974 بعد إعصار ضرب الجزيرة، ووجدوا أن زيارته جلبت لهم الخير لموسمهم الزراعي، لذلك استمروا يأملون بعودة "الأمير المنتظر" ويمضون الوقت متأملين في صوره، وهو طقس "عبادتهم" الوحيد.