إذا صحت الرواية، وبلغ عدد الوفيات حتى هذه اللحظة تسع ضحايا، إضافة إلى عدد كبير من الإصابات الخطرة التي ترقد في العناية بين الحياة والموت، فنحن أمام جريمة جماعية لا تُغتفر. جريمة لم تقع في زقاق معتم فقط، بل في قلب مجتمع أُهين فيه الإنسان، وسُفكت فيه الكرامة، باسم الجهل والجشع والغش الممنهج.
أنا لا أبرر، ولا أشرعن، ولا أدافع عن شارب خمر أو سكير، ولكن ما يحدث أبعد من أخلاق أو حلال وحرام،
ما يحدث هو استخفاف كامل بالأرواح.
ما يحدث هو أن إنسانًا في هذا الوطن لم يجد من يردعه وهو يخلط السم في قنينة، ويبيعه لمن لا يعلم أن نهايته فيها.
ما يحدث هو قتل مقصود، وإن اختلفت أدواته، والقاتل معلوم ومكشوف.
فلا تتستروا عليه باسم "التحقيقات جارية”، ولا ترموا الأمر على شماعة الإهمال الفردي.
القاتل الحقيقي هو ذلك الذي ترك أبواب الغش مشرعة، والرقابة نائمة، والفساد متغلغلًا كالخبيث، يقتل بصمت، ويخرج آمنًا.
لو كان من بين الضحايا نجلُ مسؤول، أو أحد رواد صالونات "الشيفاز” المذهّبة، التي تُحتسى فيها المشروبات بأثمان السيارات، لقامت الدنيا وما قعدت.