النسخة الكاملة

فتى صغير يربك فريقا وزارياً بكل طاقمه الاعلامي !!

الخميس-2022-07-03 09:11 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز

شاب لا يتجاوز العشرين من عمره يجلس على سريره في منزل ذويه، يمكنه أن يقارع حكومة بجميع طواقمها وينتصر عليها، ويسرّب رأيه إلى الجمهور، فيتبناه.

الجمهور على أية حال، جاهز لأي رأي يخالف الرأي الرسمي، مهما كان. لم؟

يقول استاذ علم الاجتماع والجريمة في جامعة مؤتة الدكتور حسين المحادين"الفضاء المفتوح"، فيما يرى أستاذ العلوم السياسية حسين الخزاعي: "الروايات الرسمية المتناقضة تاريخيا أرضية للاطاحة بكل ما تقوله في عقل المواطن بكبسة زر".

الشاب العشريني يستلقي على سريره، فيما تسخر أصابعه التي تمسك بهاتفه من الخطاب الرسمي، وتطيح بها.

طاقم من عشرات المختصين الرسميين الذين يبنون الرأي العام تيطيح بهم أصابع شاب لا يكاد يتقن الاملاء. لم؟

صحيح أن استاذ علم الاجتماع والجريمة في جامعة مؤتة الدكتور حسين المحادين يرد ذلك إلى "الفضاء المفتوح الذي تتسيد التكنولوجيا، لكن هذه ليست كل القصة بالتأكيد.. هناك الكثير مما يجب أن يقال. فهل نحن أمام فشل الطاقم الاعلامي الرسمي أم أمام تاريخ من العثرات، والأخطاء التي بنت حاجزا متينا بينها وبين عقل الناس، حتى لم يعد يسمعون اللسان الرسمي؟

محادين يرى أن هناك إمكانية للمعالجات ومنها "التوضيح السريع لأي حادث"، ويقول: من شأن ذلك التخفيف من مساحة التأويل او الفهم الخاطئ للمتلقي، سواء أكان هذا الخطاب رسميا لتوضيح ملابسات حدث يشغل الراي العام او على مستوى الشركات والمؤسسات.

"على الجهة المختصة، الاذان كلها ستكون صاغية لمتلق غير المختص، سواء كان تأكيدا أو تشكيكا، فيما سمع سرعة الرد أو التوضيح"، يقول استاذ علم الاجتماع والجريمة.

"الكثير مما يجب أن يقال لا يقال". هذا ما يراه محادين الذي يأمل لو أن "تستبق المؤسسات الرسمية الحدث في التنبيه إليه أو الاشارة بما هو متاح قانوني من جوانبه المختلفة".

ويبدو ان المواطن، كما يقول الخزاعي "امتلك خبرة طويلة مع الحكومات التي لم تحل مشاكله وجعلته يعيش تحت غطاء نظرية المؤامرة".

هكذا إذن.. في عقل المواطن، فإن "أي قرار حكومي أو تصريح رسمي سيكون الغاية منه مصلحة الحكومة نفسها"، يقول الخزاعي.

امتلاك قواعد للفشل

لكن هناك قواعد فشل تعتمدها الحكومات باستمرار من أجل هزيمة نفسها.

فتى أو فتاة لم ينهيا تحصلهما المدرسي ولا يتقنان الاملاء يكتب او تكتب سطرا يناطح به الدوار الرابع كله.

ومن قواعد الفشل بحسب الخزاعي، "تأخر الخبر الذي يصدر من المصدر الموثوق". يقول: من شأن السرعة أن تهدئ من الغموض المعرفي لدى المتلقي، كما يساهم ضمنيا في تقييد فرص مثل هذا التشكيكك، فمواقع التواصل الاجتماعي منحت فرصة للأشخاص غير المختصين بابداء آراءهم التي من المحتمل أن تولد تشكيكاً فيما بعد.

ويتابع دكتور علم الاجتماع أن "ممارسة الحكومات عبر مراحلها وسنواتها السابقة من خلال برامجها وتصريحاتها المتناقضة أدت الى استمرار ما يدعى عقدة التشكيك لدى المواطن".

بداية ما سيقوم به المواطن – أي مواطن – عند الاستماع إلى الرواية الحكومية – أي رواية حكومية في "التشكيك بها بعيداً عن أهمية أو نجاح أو فائدة الموضوع". يرى الخزاعي الذي يعزو ذلك إلى "سوء الخدمات التي يواجهها المواطن".

على أية حال، إن أدوات الدولة وأجهزتها المتعددة من شأنها أن تكون أكثر انتشارا، سواء من خلال البث المباشر أو التفاعل اللحظي مع الأحداث أو من تقسيمات المحافظات والقادة المحليين بل ومؤسسات مجتمع مدني"، هذا ما يقوله استاذ علم الجريمة المحادين الذي نبه إلى "العدوى الاجتماعية لنقل الخبر". يقول: "هذه إحدى الأدوات المساندة لهزيمة الرواية الرسمية".

ويشرح المحادين، "اللاعبون هنا هم أشخاص يتناقلون الأخبار من دون التأكد من صحتها ويستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لنشرها"، مشيراً إلى الدور المهم الذي يقوم به المؤثرون على الرأي العام، عبر هذه المنصات، سواء من داخل الوطن أو من خارجه.

"إذن هو تزاحم يحمل أحيانا معنى التنافس السياسي بين الحكومة وسياستها، من جهة، وبين من يرى الصورة الاخرى، ويعطي مساحة للتأويل ومساحة للتشكيك واحيانا بصورة مبالغة"، من جهة أخرى.

لكن ماذا عن نظرية المؤامرة؟

عن نظرية المؤامرة يقول الخزاعي: "المواطن يعرف تماماً الفرق بين الحكومة والدولة، فهو يلتفّ حول الدولة، لكنه لا يثق في الحكومات ولا روايتها "على الإطلاق".

ويبرئ د. محادين المواطن الاردني وحده من من ممارسة "نظرية المؤامرة" ويقول: ليس المجتمع الأردني وحده بل المجتمعات البشرية بصورة عامة.

وأحد أسباب الصراع بين الخطاب الرسمية والشعبي، هي في حالة التأرجح الذي يعيشه المواطن بين ما ينشر رسميا وبين ما يعيشه ويحتاجه لاشباع معلوماته التي لا يجدها في التصريحات الرسمية يولد هذا الفكر.

وينبه المحادين إلى أن وجود الفجوة الزمنية بين الحدث والتصريح الرسمي يولد لدى الانسان الفضول، مشيراً إلى أن قضية الفضول بالمجمل قضية فطرية فالانسان لديه فضول لان يعرف ما وراء هذا الحدث ولماذا هذا الحدث استحوذ على الراي العام اكثر من غيره.

ويذكر المحادين هنا ما يسميه بـ "المجتمع المتحول" أي الانتقالي، مشيرا الى أن المجتمع الأردني ينتقل من منظومة الريف القائمة على العلاقات الوجاهية والروابط القوية الى مجتمع اقرب الى المدينة الذي يكون فيها الفرد اكثر تاثيرا على الراي العام.
ويستشهد المحادين بشخص اقترف فعلا مداناً جرميا وأخلاقيا، وبرغم ذلك يستحوذ على اهتمام الراي العام في معرفة تفاصيله أي أن شخصاً واحدا يمكن أن ينجح في قلب المزاج العام، ويربك الحركة المعرفية لابناء المجتمع".

بعض الأسئلة العالقة تبقى حية من دون إجابة وفشل الرسمي في الاجابة احد الاسباب ايضا.

كل هذا يعني أن قيمة الفرد لم تعد كما كانت سابقا. يقول محادين ويضيف، "شخص ماهر في استخدام وسائل التكنولوجيا يصبح أكثر موثوقية وتأثيرا في الراي العام من كل الفريق الوزاري". تخيلوا

الرأي - محمد القرالة