ظلم سليم بطاينة.. والإندفاع في تكوين الإنطباع

جفرا نيوز- خاص
يتنافى السلوك الأردني الإندفاعي في تكوين الإنطباع والموقف مع كون الأردن من أقل دول العالم أمية في التعليم، إذ ينشر مقال أو مقطع فيديو أو تعليق على فيسبوك أو تويتر، فيندفع خلف هذا السلوك عشرات الآلاف من المواقف والإنطباعات والتأكيدات، بل ويستعد الآلاف لأداء القسم على المصحف الشريف بأنهم "شهدوا الواقعة" زورا وبهتانا.
يهدأ الغبار. وينخفض الضجيج. فتشيع حالة غريبة من الندم، والإقرار بالتسرع، وإنسحاب ناعم على قاعدة "ناقل الكفر ليس بكافر". أمر مرعب ما حصل مع النائب الدمث سليم بطاينة الذي يشهد له خصومه قبل أنصاره بالتواضع، والإنسانية، والتدين، والتواصل مع الناس رغم إبتلاء المولى عز وجل له بمرض خطير، لكنه يواصل مهمته الوطنية في المؤسسة التشريعية، وفي ديوانه، وفي منزله، وعلى حساب وقته، ومرضه، وتداويه.
يتعرض النائب بطانية لموقف مثير ومستفز فاقمه حالته الصحية في مطار تايلندي، فيدخل في عراك لفظي مع أحد مسؤولي شركة الطيران، فيقع في فخ المصطلحات الغريبة واللافتة، التي لا نرضاها من الإنسان الذمث سليم البطانية، قبل أن نرفضها من نائب له وزنه في المؤسسة التشريعية، لكن ذلك لا يُبرر الفعل لمن إلتقط المقطع للنائب بطاينة أن ينشر هذا المقطع بعد أكثر من شهر على حصوله، والإيجاء بحصوله في شهر رمضان، قبل أن نرفض وبشدة أن تنساق وسائل إعلامية بلهاث كريه خلق نشر موضوع أبعد ما يكون عن "السبق الصحفي".
لا سبق في الخصوصيات لتكن قاعدة أدبية. وهذه قاعدة لا تشمل النواب والساسة والمشاهير فقط، بل هو سبق من المفترض أن يكون مرفوضا حتى لعامة الناس في مجالسهم الخاصة، أو منازلهم أو أعمالهم.
للناس بصرف النظر عن إلقابها أو مواقعها خصوصية لا يجب التعدي عليها. إذ تعج مواقع التواصل الإجتماعي بمقاطع وصور خاصة لشبان وشابات أخذتهم علاقاتهم الخاصة، أو فرحهم الزائد في مناسبات ومجالس خاصة نحو الإقدام على أفعال غير لائقة، وتحط من قدر من قاموا بها، لكن هذه الإدانة لا تبرر لمن إلتقط أو روج هذا الفعل الذي يقع في إطار "إنتهاك الخصوصية".
مرعب حقا إذا صحت المعلومات التي تقول أن من إلتقط المقطع للنائب بطاينة كان مسافرا أردنيا عائدا الى عمّان، وتصادف وجوده مع حصول المشاجرة. ومرعب أكثر إذا تأكدت المعلومات التي تقول أن من إلتقط الفيديو في مطار بانكوك لم يكن يعرف أن صاحب المشاجرة هو نائب في البرلمان الأردني، إذ عرض على أصدقائه في عمّان المقطع، ليفاجأ أحد أصدقائه بأن من يظهر في المقطع ليس سوى النائب بطاينة، إذ تجلت لدى صاحب الفيديو والصديق فكرة "الإبتزاز السياسي" للنائب الذي رفض بشدة تقديم أي مبالغ مالية.
إثارة رخيصة، وتصيُّد أكثر رخصا، وإبتزاز مرفوض ما حصل، ولهاث إعلامي مرفوض ما حصل في واقعة النائب بطاينة.
بقي سؤال برسم القلق الوطني: ماذا لو تقدم النائب سليم بطاينة بشكوى قضائية أمام النائب العام ضد من إلتقط المقطع، وروجه، ونشره، وضد كل من تثبت علاقته بالمقطع؟
هل يستطيع كائنا من كان أن يثبت أمام تحقيقات القضاء الأردني أن الثواني القليلة التي ظهر بها النائب بطاينة كان خلالها في حالة (سُكْر)؟
إتهام ذمة وأخلاق الناس لا يمكن أن يترافق مع مبدأ "حسن النية"، ومن المفروض أن لا ينفع معه "بوس اللحى"، وقاعدة "عفى الله عما مضى".